حددت القاهرة طبيعة جنازة الرئيس ياسر عرفات والهدف منها، وقالت إنها ستكون"محدودة وفي إطار رسمي"، وذلك"لإعطاء الفرصة للقادة العرب لإلقاء نظرة وداع أخيرة على جثمان الزعيم الفلسطيني"، على أساس أن القادة العرب لن يتمكنوا عملياً من المشاركة في جنازة عرفات في رام الله. وعلى رغم أن الترتيبات كانت تجري والاستعدادات بدأت منذ أول من امس لترتيب الجنازة في شرق العاصمة المصرية إلا أن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير ماجد عبدالفتاح أعرب عن امله ب"حدوث معجزة"، لكنه اشار الى أن الترتيبات تتم في"ضوء الإعداد"، وقال:"إن الحوار مع الجانب الفلسطيني لا ينقطع وهناك اتصالات مستمرة، كان آخرها اتصال بين الرئيس حسني مبارك والقادة الثلاثة الذين زاروا عرفات، أبو مازن وأحمد قريع ونبيل شعث، لاطلاع مبارك على تطورات الحالة الصحية للرئيس عرفات". وأجرت مصر اتصالات مع المسؤولين الفلسطينيين والاسرائيليين، وأبلغ وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم وزير الخارجية احمد ابوالغيط موافقة الحكومة الاسرائيلية على نقل جثمان الزعيم الفلسطيني في حال وفاته الى رام الله. وتم الاتفاق على تأجيل الزيارة التي كان مقررا ان يقوم بها الى اسرائيل اليوم الخميس أبوالغيط ورئيس جهاز الاستخبارات السيد عمر سليمان الى موعد آخر يتم الاتفاق عليه في ضوء التطورات التي تشهدها المنطقة. وأكد المندوب الفلسطيني لدى الجامعة العربية السفير محمد صبيح أن الأمين العام للجامعة السيد عمرو موسى عرض على السيد محمود عباس ابو مازن تلقي العزاء في حال وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مقر الجامعة العربية، كما عرض كل ما تحتاجه القيادة الفلسطينية. وقال صبيح:"إن القيادة الفلسطينية وافقت على تلقي العزاء في مقر الجامعة العربية وانه يتم التنسيق مع الرئيس المصري حسني مبارك في شأن هذه الترتيبات"، موضحاً أن الجنازة"ستكون رسمية والعزاء سيكون رسميا بالتنسيق مع الاشقاء في مصر، كما ان مصر تتابع هذه التفاصيل اولاً بأول، والقيادة وافقت على دفن أبو عمار في رام الله". وأضاف صبيح أن جنازة عرفات"ستكون بقدر ما أعطى من تضحيات وبطولات من أجل القضية الفلسطينية ومن أجل الوطن وهو رمز للنضال الوطني". الجنازة العسكرية ستناسب عرفات الذي لم يخلع لباسه العسكري إلا عندما ذهب الى فرنسا للعلاج، والطابع الرسمي يتوافق مع مكانة الرجل ومشيعيه من الرؤساء والزعماء وكبار الشخصيات العربية والاجنبية التي بدأت القاهرة ترتب لاستقبالهم، أما غياب الطابع الشعبي عن جنازة عرفات في القاهرة فيعود الى سببين الاول أمني بمعنى ان السماح لجمهور الشعب المصري بالمشاركة فيها يستدعي اجراءات أمنية شديدة، قد تعيق الجنازة وتسبب ارباكاً، والثاني ان القاهرة ترى ان الجنازة الشعبية لعرفات يجب أن تكون بين شعبه في أي من المدن الفلسطينية وليس خارج الاراضي الفلسطينية، وأن ذلك لا يتعارض مع اختيار مصر لتكون الجنازة الرسمية فيها. فعرفات ولد في آب أغسطس 1929 في حي السكاكيني في القاهرة حسب اكثر كتب السير التي تحدثت عنه على رغم تشديده هو شخصياً على انه ولد في القدس، كما انه درس في كلية الهندسة في جامعة فؤاد الأول وبدأ وعيه السياسي ونشاطه في ظل علاقته بجماعة"الاخوان المسلمين"ونشاطه في اتحاد طلبة فلسطين في مصر، كما أن منظمة التحرير الفلسطينية اسست في القاهرة العام 1964 وبدأت يوم تأسيس حركة"فتح"في العام التالي من مصر أيضاً. وليس غريباً أن عرفات ظل حتى الرمق الاخير محتفظاً بلهجته المصرية. من جهته قال السفير الفلسطيني في القاهرة زهدي القدرة ان"مصر مشكورة رئيساً وحكومة وشعباً مستعدة في ترتيباتها الخاصة بتشييع جنازة القائد والزعيم ياسر عرفات في حالة انتقال روحه الطاهرة الى خالقها". واضاف القدرة:"ان اقامة الجنازة في مصر ليس بجديد على مصر والرئيس مبارك الذي يقف دائماً مع الشعب الفلسطيني وفي كل مواقفه، وله ولشعب مصر كل الشكر والتقدير والاحترام". وكل من ساروا في شوارع حي مصر الجديدة امس لاحظوا الاستعدادات الكبيرة للجنازة التي ستمر بالقرب من مسجد"آل رشدان"في مدينة نصر أو مسجد القوات المسلحة في مصر الجديدة علماً أن الرئيس مبارك سيصلي الجمعة الاخيرة من شهر رمضان في المسجد الأخير، فإذا جرت الجنازة في اليوم نفسه فربما تكون من المسجد نفسه ايضاً.