منح المواطن ماهر الدلبحي وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى نظير شجاعته في إنقاذ الأرواح    نهائي السوبر السعودي.. عُقدة النصر تُقلق يايسله    الدعم النفسي الأسري والمدرسي وحرص الطلاب.. مثلث لنجاح العودة للدراسة    سمو محافظ الأحساء يرعى توقيع خمس اتفاقيات تعاون ضمن فعاليات معرض "اللومي الحساوي 2025"    السفير الغامدي يسلم أوراق اعتماده لرئيس الأرجنتين    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (10866.83) نقطة    بلدية بقيق تدشّن مشروع جمع ونقل النفايات للأعوام 2025 – 2029    المرور: حزام الأمان يقلل من مخاطر الإصابات في الحوادث    المملكة تُدين بأشدّ العبارات إمعان سلطات الاحتلال الإسرائيلي في جرائمها بحقّ الشعب الفلسطيني الشقيق وأرضه المحتلة    مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية للقرآن الكريم.. نجاح متجدد ورسالة عالمية    أكثر من 30 برنامجًا متنوعًا في الفعاليات المصاحبة لكرنفال بريدة للتمور    ضبط وافد لممارسته أفعالا تنافي الآداب العامة في أحد مراكز المساج بالرياض    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود جوازات المنطقة ويشيد بتطور الخدمات الرقمية    وفاة الإعلامي فهد بن عبدالرحمن خميس أحد رواد الصحافة السعودية    أبطال التجديف السعودي يتألقون في آسيا ب 4 ميداليات    الهلال الأحمر ينفذ مبادرة المهارات الأساسية للإسعافات الأولية في جمعية الإعاقة السمعية بجازان    سمو محافظ الأحساء يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة نادي الفتح    بيت الثقافة يفتح أبوابه لدورة "عدستي تحكي" بالتعاون مع نادي فنون جازان    انخفاض طفيف للذهب وسط تطورات أسعار الفائدة    تجمع الرياض الصحي الثالث يطلق حملة تعلم بصحة لتعزيز الصحة المدرسية والوقاية المبكرة    "الأرصاد": أمطار على منطقة جازان    استشهاد 10 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على غزة    التخصصي ينجح في زراعة قلب لطفل بعد نقله من متبرع متوفى دماغيا في الإمارات    ألمانيا تعلن «حاجتها لجواسيس».. والبداية من لعبة كمبيوتر    حجب متجرً إلكتروني يغش الذهب من خارج المملكة    «قوى»: إعادة تشكيل سوق العمل ب 14.5 مليون مستخدم    أكد أنه يتاجر بالطائفة.. وزير خارجية لبنان: لا رجعة في قرار نزع سلاح حزب الله    لافروف يشدد على أهمية حضور روسيا مناقشة الضمانات الأمنية.. واشنطن تراهن على لقاء بوتين وزيلينسكي    اليمن يقطع شرايين تمويل الحوثي    إرتفاع عدد المنشآت المستفيدة من الصندوق.. «تنمية الموارد» يسهم في توظيف 267 ألف مواطن    ضمن إستراتيجية النقل والخدمات اللوجستية.. إطلاق الرحلات الداخلية للطيران الأجنبي الخاص    قصة كلمة خادمنا من الملك سلمان إلى أمير عسير    أمين الباحة يشرف حفل زواج الزهراني    القيادة والمواطن سر التلاحم    لاعبو الأهلي: حسمنا الأمور مبكرًا    «الدارة» تصدر عددها الأول للمجلة في عامها «51»    «المتلاعبون بالعقول».. مدخل إلى فهم التأثير    سعودي يحصد جائزة أفضل مخرج في السويد    نزوات قانونية    وفاة القاضي الرحيم فرانك كابريو بعد صراع طويل مع سرطان البنكرياس    شراحيلي يكرم نخبة من أهل والثقافة والفن والإعلام    صلاح يدخل التاريخ بحصوله على أفضل لاعب للمرة الثالثة    الثبات على المبدأ    المشاركون بمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية يزورون المشاعر المقدسة    وزارة الرياضة تُعلن بدء مرحلة الاستحواذ على ناديي النجمة والأخدود    الحارس فابيو يحطم رقم شيلتون وينفرد بالرقم القياسي    المرأة السعودية العاملة.. بين القلق والاكتئاب    «الملك عبدالله التخصصي» يُجري أول عملية زراعة قوقعة باستخدام اليد الروبوتية    «الملك سلمان للإغاثة» يوقّع برنامجًا لدعم الأيتام في غانا    نائب أمير الشرقية يطّلع على خطط تجمع الأحساء الصحي    تصوراتنا عن الطعام تؤثر أكثر من مكوناته    اجتماع افتراضي لرؤساء دفاع الناتو بشأن أوكرانيا    محافظ الدرب يستقبل رئيس وأعضاء جمعية علماء    أكّد خلال استقباله رئيس جامعة المؤسس أهمية التوسع في التخصصات.. نائب أمير مكة يطلع على خطط سلامة ضيوف الرحمن    طلاق من طرف واحد    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير مطار الأمير سلطان بن عبدالعزيز الدولي    أشاد بدعم القيادة.. أمير الشرقية يطلع على مشاريع الطاقة الصينية    أمير تبوك يطلع على سير العمل بالمنشآت الصحية بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هو وهي - رومان بولنسكي وإيمانويل سيغنر : 33 عاماً فارق العمر ... لكن الحب شأن كيميائي
نشر في الحياة يوم 07 - 06 - 2003

المشاغب رومان بولنسكي وإيمانويل سيغنر معاً على رغم 33 سنة تفصل بينهما.
رومان بولانسكي من سلالة المحاربين للبقاء على قيد الحياة. نشأ في ظل بولونيا المحتلة، عاش اضطهاد النازية، تهجّر طوعاً للعمل في أوروبا، اتهم في الولايات المتحدة الأميركية بالقتل الوحشي الذي ذهبت ضحيته زوجته الحامل، حكم بتهمة التحرش بقاصر وسجن 42 يوماً، أخرج أفلاماً سينمائية "مشاغبة" و"أزعجت" كثيراً... ووجد أخيراً صفاء الذهن في الرابعة والخمسين من عمره إلى جانب الممثلة إيمانويل سيغنر، ابنة ال21 ربيعاً فبقيا معاً 15 عاماً، ولا يزالان بعدما أصبح أباً للمرة الأولى... وانتخب عضواً في أكاديمية الفنون الجميلة الفرنسية. فماذا يخبّئ له القدر بعد؟
ظلام الموت منذ طفولته
رومان بولانسكي، بولوني المنشأ وفرنسي الولادة. طعنته كل سنة من القرن العشرين على طريقتها، تاركة في نفسه آثارها العميقة التي لم تمُح إلى اليوم، بل جعلته مراهقاً في التاسعة والستين من عمره، يدخل عنقه بين كتفيه فيما يمشي على مهل متيقظاً ومنتظراً طعنة جديدة من القدر. فهو يكره التاريخ الذي حطّم أحلام طفولته من دون أن يحقد على من طعنوه في الصميم.
ورومان ولد في باريس في آب 1933. نشأ في كنف عائلته البولونية التي قررت الإنتقال إلى وطنها الأم سعياً وراء جذورها لتعيش في سلام قبل سنتين من اندلاع الحرب العالمية الثانية التي لم تكد تندلع حتى عاش أسيراً في "غيتو" كراكوفيا. فكان طفلاً يتسلل الى خارج أسواره ليلعب في "المساحة الحرة" وليدخل خلسة إلى صالات السينما النازية حيث يعيش عبر الشاشة أجمل أحلامه، قبل أن يعود سريعاً الى سجنه الكبير الذي ارسى في نفسه حدوداً غير واضحة بين الخيال والواقع.
هناك، فُصل والده عن والدته ونفيا الى مخيمات للإعتقال، فتدبّر الأب لجعل الصغير ريمون - كما كان يسمى - يهرب ويعيش مع عائلة من الفلاحين حيث تعلم القراءة والكتابة وحده وتسلح بالطاقة المعنوية التي لم تفارقه يوماً، ليبقى على قيد الحياة.
طموح يتحدى العقول الضيقة
وانتهت الحرب، فعاد والده ولم تعد أمه أبداً، ما جعل المراهق اليافع يعيش أصعب ايامه مع أبيه الذي تزوج مرة ثانية، فلامس الموت مرة جديدة بعدما تعرض صدفة لمحاولة اغتيال من قاتل مجنون كان سبق وذبح 3 أشخاص في حيّه.
حينها، أرسله والده إلى مدرسة تقنية ليتلقى علومه العليا، إلا أن بولنسكي فضل الدخول الى مدرسة "لودز" الشهيرة للفنون الجميلة بعدما كان ظهر في أفلام بولونية عدة. فكان المخرج السينمائي الوحيد بين دورة المتخرجين الذي تميّز بالمزاجية والخروج على المألوف. واتّسمت أفلامه القصيرة بالعبثية والفكاهة في آن، عاكسة جيداً شخصيته المتناقضة وطموحه المكبوت، ما دفعه إلى أن يصبو الى كل الأدوار، كما لو كان طفلاً "يريد كل شيء على طريقته": تارة يكون الممثل وطوراً المخرج.
وبدأت شهرة رومان تتحول عالمية بعدما رُشّح أول فيلم له لجائزة أوسكار عن أفضل فيلم أجنبي. ومرة جديدة كاد يدفع من حياته ثمن تلّطف القدر حياله اذ تعرض لحادث سيارة أبقاه طريح المستشفى لفترة طويلة، قبل أن يغادر وطنه الأم ويعيش في لندن حيث أنتج الفيلم تلو الآخر. وتنقل بين أكبر المدن العالمية، من باريس إلى لوس أنجليس، متحدياً في كل مرة العقل والمنطق والمسموح به وغير المسموح به، ومثيراً عاصفة من الأقاويل والإدانات من حوله... خصوصاً أنه زير نساء أوقع أجملهن في حبه.
فهو رافق أجمل الممثلات اللواتي وقعن في حبه ومثّلن أفلامه، ابتداء من الخمسينات من القرن الماضي في بولونيا فالستينات في فرنسا والسبعينات في أميركا "لأن من يعشق السينما، يعشق الحب"، كما قال مرة... إلى أن بدأ القدر يحضّر له أكبر شرك في حياته فيما كانت مهنته السينمائية في ذروة شهرتها في هوليوود.
ضحية مكيدة القدر
وأغرم رومان بالممثلة الأميركية شارون تيت وتزوجها وعشق كل لحظة معها، كاد أن يكون اباً بفضلها قبل أن يعيش أبشع كوابيسه الخاصة، إذ أنها كانت من أتباع طائفة "تشارلز مانسون" المتطرفة.
فوُجدت ذات يوم مقتولة في وحشية في منزلهما الخاص مع بعض أصدقائها وكانت حاملاً بطفله. بطنها مبقور ودمها يغطي المكان. وسارعت الصحافة إلى اتهامه ضمناً بالجريمة، خصوصاً أنه كان المخرج "المزعج" بامتياز. أخرج أفلاماً عدة غامضة وتتحدى النمط التقليدي، ولا سيما منها فيلم "طفل روزماري"، إضافة الى أنه نبذ الصحافيين وسخر من نظام هوليوود المعمول به ونظّم السهرات الصاخبة وأظهر أبشع الغرائز في النفوس عبر أفلامه المميزة.
واستمرت الحملة ضد رومان على رغم القبض على تشارلز مانسون. فلم يجد سوى مخرج الهرب إلى أوروبا حفاظاً على توازنه الداخلي ما جعله يقول مرة: "إننا نمر في بعض الأحيان بلحظات ظلام داكن لا مثيل لها، نعتقد أننا سنموت... ولا نفعل، إن الحياة هي هكذا".
سجن بتهمة التحرش بقاصر
وفيما اعتقد أنه في قعر الهوة، ظهرت ميزة رومان النضالية للحياة. فأخرج "تشاينا تاون"، أكثر أفلامه شهرة ورواجاً. وعاد إلى باريس، العاصمة التي عاش فيها السنوات الثلاث الأولى من حياته. واستمر متنقلاً بين قارتين، باحثاً عن مواضيع مبتكرة لأفلامه...وعن وجوه نسائية جديدة.
فبدأ يستعيد البعض من توازنه عبر حياة قد تكون اقرب ما تكون الى "العادية"... الى ان فجّر فضيحة أميركية بعدما اتهُّم بإقامة علاقات جنسية مع فتاة قاصر لم تتعد ال13 عاماً. وانهالت عليه الإتهامات الإعلامية مرة جديدة.
وسجن رومان 42 يوماً تخللها الكثير من الإعتداءات ضده، ما دفع بالسلطات الى وضعه بالسجن الإفرادي هرباً من نقمة المساجين عليه. وخرج في أعقاب تلك الفترة بكفالة مالية، دفعها، واستقل أول طائرة الى فرنسا التي كانت أكثر تساهلاً حياله. تعتبره عبقرياً حالماً ومتطلباً فيما يُشار إليه في أميركا بأنه مزعج ومؤذ ومتكبّر.
وبدأ رومان ينطوي على ذاته ويكره التكلم على حياته الخاصة. يستفيض بالشرح عن الفن أو النازية أو علم النفس... ويفتقد الكلمة لشرح ما يشعر به، ربما لأنه يكره حياته ونفسه. فكتب مذكراته التي ترجمت الى لغات عدة من دون أن تتبدل نظرته الى الناس من حوله لأنه لم يسع لأن يكون لطيفاً مع أي كان، دافعاً الجميع بعيداً منه خوفاً من أن يلحقوا به الأذى... إلى أن التقى إيمانويل سيغنر، تلك الممثلة الشابة التي كانت أصغر منه ب33 عاماً والتي سعت لاكتشاف الطفل الصغير والمجروح الذي كان لا يزال مختبئاً في داخله.
... وأخيراً وجد الحب
مع إيمانويل، رمى رومان كل دفاعاته جانباً. استقر ووضع أخيراً حقيبته على الأرض بعدما كان يعيش متنقلاً بين بلد وآخر.
تعرّف اليها فيما كانت تلعب دور البطولة في فيلم "فرانتيك" الذي يخرجه. كانت في الواحدة والعشرين من عمرها وكان في الرابعة والخمسين. هي ابنة مصور فرنسي كبير ووالدتها صحافية شهيرة. تلقت دروسها في مدرسة خاصة تابعة للراهبات. بدأت حياتها المهنية في الرابعة عشرة كعارضة للأزياء فيما كانت هذه المهنة تعتبر مشينة في تلك الأيام، كما اعترفت ضاحكة.
ولم يحل فارق العمر الكبير بينهما دون وقوعهما في الحب والزواج. "إنه شأن كيميائي"، كما قالت مرة للصحافة. وهي أغرمت به من دون أن تطلّع على أفلامه... ووجدت نفسها فجأة تحت مجهر الصحافة التي لاحقت علاقتهما نظراً الى تاريخ رومان الحافل بالفضائح. فانطلقت في مهنتها منفردة "لأن 3 أفلام معه تكفي... ومن المريح أن أذهب من دونه إلى بعض الأمكنة"، كما قالت مازحة.
وبات لرومان لأول مرة عائلة "طبيعية"، ابنة 9 أعوام وابن 4 أعوام بدّلا حياته كلياً، وجعلا أفلامه أكثر وجدانية وعمقاً، وكأن شيئاً ما تحرك في داخله وأعاده إلى جذوره. فأخرج للمرة الأولى فيلماً عن النازية هو شبه سيرة ذاتية. ودخل التاريخ من الباب العريض بعدما انتخب عضواً في أكاديمية الفنون الجميلة الفرنسية، غارفاً السعادة من بسمة طفليه اللذين جعلاه يكتشف أخيراً أن هناك حياة ما أبعد من السينما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.