تسبب وصول أعداد كبيرة من السيارات التي لا تحمل لوحات تسجيل الى العراق إثر قرار "قوات التحالف" تجميد الرسوم الجمركية حتى نهاية العام الجاري، في اختناقات مرور هائلة في العاصمة العراقية. ففي ساحة التحرير، في قلب بغداد اصطفت السيارات والحافلات والشاحنات، وهي لا تكاد تتقدم مطلقة العنان لمنبهاتها، وقد جلس في داخل كل منها سائق يتصبب عرقاً بفعل القيظ الشديد. واصبحت تلك الرحلة السهلة قبل الحرب التي تتطلب عشر دقائق للوصول من منطقة المتحف العراقي الى الجهة الأخرى من نهر دجلة، شاقة تتطلب نحو الساعة. وتجتاح الطرقات سيارات من كافة الانواع، بعضها جديد وأغلبها يعود الى فترة الثمانينات، وذلك منذ طلوع الشمس وحتى موعد حظر التجول الليلي المفروض من قبل "قوات التحالف" الذي يبدأ من الساعة الحادية عشرة ليلاً السابعة بتوقيت غرينتش. وعلى رغم أعمال النهب، التي لم تتمكن القوات الاميركية حتى الآن من السيطرة عليها، تشهد شوارع العاصمة العراقية تدفق سيارات جديدة. يقول محسن سعدون الذي تخلى عن شركة سيارات الاجرة التي كان يملكها قبل الحرب، ليمارس تجارة استيراد السيارات التي تؤمن مردوداً أكبر: "تأتي اكثر من 300 سيارة يومياً من الاردن و60 من سورية". ويضيف: "في عهد صدام حسين كانت الحكومة هي الوحيدة المخولة إستيراد السيارات، اما الآن فإن أي عراقي يمكنه القيام بذلك حتى من لا يفقه شيئاً في السيارات، لان هذه التجارة تدر ربحاً سريعاً". ولفت سعدون الى "ان إلغاء الرسوم الجمركية يمثل مصدر كسب مالي وفير. وبسبب توقف كل الصناعات فإن العراقيين يستوردون كل ما يمكن ان يدر كسباً مالياً. وعلاوة على ذلك فإننا لم نعد نخاف من قيام مسؤول رفيع المستوى باجبارنا على اتخاذه شريكاً وتقاسم الارباح". ويتابع: "كان شراء سيارة جديدة أمراً لا يقدر عليه العراقيون. ولذلك لم تكن تجد في البلاد الا سيارات بالية، أما اليوم فالعراقيون يريدون ابتياع سيارات جديدة". يذكر ان السيارة المستعملة التي يبلغ ثمنها اليوم خمسة آلاف دولار كان ثمنها يصل الى عشرة آلاف دولار في عهد صدام حسين المخلوع، بما فيها الرسوم الجمركية والبطاقة الرمادية بطاقة التسجيل ورسوم السيارات والرشاوى. وللحصول على سيارة حالياً يكفي السفر براً الى المنطقة الحرة في الاردن وشراء السيارة ودفع 200 دولار للحصول على ترخيص من السلطات الاردنية وعبور الحدود مجدداً وسط ترحيب الجنود الاميركيين. ولم يعد بإمكان أصحاب السيارات الجديدة تسجيل سياراتهم بسبب نهب ادارة المرور في بغداد وحرقها ما جعل هؤلاء يتجولون بها من دون ان تحمل لوحات تسجيل في انتظار حكومة جديدة. ويقول وائل سلمان، أحد الشركاء في مؤسسة "سردار" احدى أكبر شركات بيع السيارات، ان عمليات بيع السيارات شهدت نمواً هائلاً "على رغم غياب الامن في بغداد". ويضيف: "القيادة في بغداد تنطوي على مخاطر جمة، ويمكن ان يقوم لصوص بايقاف سيارتك واطلاق النار عليك لسرقتها بسبب غياب الامن. انه الغرب الاميركي". وتمثل واجهة مؤسسة "سردار" احدى علامات الفخامة النادرة في بغداد بما تحويه من سيارات اميركية وأوروبية وسيارات الدفع الرباعي. وقدم رجل الاعمال باسل رشيد لشراء "سيارة فخمة وجديدة لا يعتزم قيادتها الا في مناسبات نادرة" واشار: "انا أخاف اللصوص. نحن نشتري سيارات لتبقى في المستودعات. ولكن ماذا بوسعنا ان نفعل؟ الحياة مستمرة". وقال موظف وهو يشير الى سيارة المانية "اعتقد ان هذه سعرها 75 ألف دولار"، موضحاً ان: "الوضع حاليا بالغ السوء في البلاد، غير ان وضعي أفضل بكثير من غيري. فأنا احصل على مئة دولار شهرياً".