المشاعر الغاضبة من العدوان الأميركي - البريطاني على العراق التي يختزنها اللبنانيون من صور المجازر وسقوط عشرات الضحايا المدنيين ظهرت أمس بحال فردية، اذ اقتحم اللبناني سمير عبد الكريم برو 45 عاماً فرعاً لمصرف HSBC البريطاني في شارع الحمرا، مهدداً بتفجير عبوة زنر نفسه بها، "احتجاجاً على ما يرتكبه البريطانيون والأميركيون في حق الشعب العراقي". وعلى رغم تضارب الروايات التي تجمعت ل"الحياة" من موظفين في المصرف ومن مصادر أمنية عن هدف برو اذ تفاوتت بين "عملية سطو" و "احتجاج"، فإنه نجح في إشاعة الذعر في شارع الحمرا وفي إحضار مئات الجنود والصحافيين الى المكان، فعبّر عن رأيه في العدوان الأميركي - البريطاني على العراق في سلام، وسيق موقوفاً الى ثكنة الحلو حيث باشرت قيادة الشرطة التحقيق معه. وأصدر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي مارون زخور مذكرة توقيف وجاهية بحقه، واستمع الى افادات شهود. وفي التفاصيل بحسب الرواة، ان برو ذا اللحية الخفيفة ووضع على رأسه قبعة وارتدى معطفاً أسود، دخل نحو الحادية عشرة الى المصرف من دون ان يخضع لتفتيش، فاخرج من حقيبة اربعة أصابع "تي ان تي" موصولة بصواعق وقنبلة يدوية، وقال: "لا أحد يتحرك. ابقوا مكانكم". اضطرب موظفو المصرف الذين يبلغ عددهم نحو 30 فحصلت جلبة دفعت بأحدهم الى اطلاق صفارات الانذار. امسك برو بموظف فيما اعتقد آخرون انه يقوم بعملية سطو فاخرجوا له مالاً من الصندوق. في هذه الاثناء سمع إطلاق نار في الخارج فقال: "لا اريد مالاً بل اريد ان افجر نفسي في هذا البنك لأنه جزء من المصالح البريطانية". ولم يحاول منع الموظفين من الخروج من الباب الخلفي للمصرف فسمح لهم جميعاً بمغادرة المكان ودخل عدد من الضباط وراحوا يفاوضونه، الا انه اصرّ على حضور وزير الداخلية الياس المر شخصياً على رغم انه تحدث اليه مرتين على الهاتف. وبعد نحو نصف ساعة خرج الوزير ليوضح ان قائد شرطة بيروت العميد وليد قليلات اتصل به وأبلغه طلب برو ان يلتقيه او ان يفجر نفسه، فتوجه الى المكان حيث اشترط ان "أدخل وحيداً من دون مرافقة أي ضابط". فدخل الوزير والتقاه فقال له برو: "انا أرفض كل المجازر التي ترتكب بحق الشعب العراقي وكل هذا الظلم، ولم يعد لدي شيء أخسره وأريد ان أفجر نفسي". ورد عليه الوزير: "كل الشعب اللبناني مقاوم ومجاهد، لكن في النهاية اذا فجرت نفسك تؤذي أبرياء وتزيد على نكبة الشعب العربي نكبة لبنانية". وفي النهاية وافق على ان يسلم نفسه شرط ان يلقي كلمة أمام وسائل الاعلام. قُبِل شرطه، وخلع الزنار وخرج حاملاً بيده ورقة كتب عليها بياناً لم يتمكن من تلاوته كاملاً، بسبب تدافع الصحافيين والجنود الا انه دعا الى "ضرب المصالح البريطانية والأميركية"، معتبراً ان "السكوت عما يرتكب في حق الشعب العراقي جريمة". وأشار الى أنه اراد ان يعبر في هذه الطريقة من أجل الشعبين العراقي والفلسطيني، موضحاً انه خطط لهذه العملية منذ 20 آذار مارس الجاري وحيداً. وقال: "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة". وختم قائلاً: "قتل ذئب في غابة أمر لا يغتفر وقتل شعب بأكمله امر فيه نظر". وتبين ان برو من بلدة الشرقية في النبطية ومتزوج وله اربعة أولاد وكان عضواً في حزب "البعث العراقي" سابقاً، ويعمل الأن سائق أجرة، وانه خرج صباحاً من منزله من دون ان يخبر أحداً بنواياه.