سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
26 في المئة من المشاريع العربية -الأردنية تشارك فيها رؤوس أموال عراقية . بورصة عمان ستعكس حجم الدمار في الاقتصاد اذا شنت الولايات المتحدة الحرب ضد العراق
تشير البيانات الواردة في التقرير السنوي لبورصة عمان الخاصة بالعام 2002 الى ان القيمة السوقية للأسهم المدرجة في البورصة، بلغت العام الماضي ما يناهز خمسة بلايين دينار، أي بزيادة مقدارها 12.3 في المئة عما كانت عليه في نهاية 2001. ويمثّل هذا الرقم ما نسبته 80.4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للمملكة. يشير محللون الى ان مثل هذه القيمة ليست كبيرة في حساب البورصات الأخرى بما فيها عدد كبير من البورصات العربية. لكن هناك في بورصة عمان ما هو أهم من هذا الرقم المجرد، حيث ان ما يميزها عن غيرها من البورصات ان الأرقام الصادرة عنها تقدّم صورة صادقة عن الوضع الاقتصادي في المملكة. ويقول المحللون ان بورصة عمان "مرآة عاكسة" لما يجري على الساحة الاقتصادية الأردنية سلباً أو إيجاباً. وفي مؤتمر صحافي عقده في كانون الثاني يناير الماضي، قدّر المدير التنفيذي للبورصة، السيد جليل طريف، حجم التداول العام الماضي بنحو 950.3 مليون دينار، أي بارتفاع نسبته 42 في المئة عن حجم التداول في عام 2001. ويمثّل ذلك صورة صادقة عن النمو الذي قالت المصادر الرسمية ان الأردن حققه خلال العام الماضي. وأشارت الإحصاءات الرسمية الى ان الأردن حقق نمواً بالأرقام الثابتة ناهز 4.9 في المئة في الشهور ال11 الأولى من 2002، على رغم الأوضاع الاقتصادية والسياسية السائدة في منطقة الشرق الأوسط عموماً، وفي فلسطينوالعراق في صورة خاصة. لكن طريف لم ينس ان يحذّر في مؤتمره الصحافي من ان أي حرب على العراق من شأنها التأثير على الشركات المدرَجة في البورصة الأردنية، ومن ان هذه الحرب ستقضي على المكاسب التي حققها الاقتصاد الأردني العام الماضي، والذي عكسته في صورة دقيقة أرقام البورصة الخاصة بالعام 2002. كما انها ستوقف خطط الأردن في سعيه الى جذب استثمارات جديدة. وكشفت دراسة أكاديمية عن الاستثمارات الأجنبية في بورصة عمان ان الاستقرار السياسي حلّ في المرتبة الاولى بين العوامل الجاذبة للمستثمرين غير الأردنيين. فالأردن في واقع الأمر بلد مستقر ولكنه في منطقة غير مستقرة. وكانت هذه الحقيقة تحديداً هي التي تقف وراء تحذيرات طريف التي لم تأت من فراغ، حيث ان أحجام التداول في بورصة عمان طوال الأعوام الماضية كانت ترتفع وتنخفض على إيقاع التطورات السياسية في منطقة مضطربة سياسياً. والمثال الأبرز على ذلك ما شهدته أحجام التداول وأسعار الأسهم العام الماضي، إذ أنها انخفضت في صورة كبيرة بفعل عدد من العوامل الخارجية في الأشهر الأربعة الأولى من 2002. لكنها عادت في أيار مايو من العام نفسه لتشهد ارتفاعاً ملحوظاً، مع هدوء الأوضاع نسبياً في الأراضي الفلسطينية التي كانت تعرضت لاجتياح كبير في الشهر السابق، وكذلك مع ميل الأوضاع في العراق الى الانفراج آنذاك بصدور قرار من مجلس الأمن يدعو إلى تخفيف العقوبات على الجار الشرقي للأردن. غير ان الأمور ما لبثت ان ساءت مجدداً ابتداءً من أيلول سبتمبر من العام الماضي، حيث شهدت أحجام التداول في بورصة عمان خلال الشهر المذكور تراجعاً ملحوظاً بالمقارنة مع ما كان عليه الوضع في الشهر نفسه من 2001. وعزا المحللون الماليون هذا التراجع الى اشتداد حدة التهديدات الأميركية بضرب العراق، وهو الشريك التجاري الأول للأردن، مع ما سيترتب على ذلك من آثار مدمّرة بالنسبة للاقتصاد الأردني في حال حدوث الضربة. فبورصة عمان التي كانت مرآة صادقة عكست النتائج الاقتصادية الإيجابية التي تحققت العام الماضي، ستكون المرآة العاكسة للدمار الكبير الذي ستحدثه الضربة الأميركية للعراق. ويتذكر الجميع ما حدث في عام 1990، عندما غزا العراقالكويت، فدخلت سوق عمان المالية في حال سبات استمرت طوال 1991، ولم تبدأ في الانتعاش إلا في عام 1992. استثمارات عراقية الى ذلك، تمثل الاستثمارات العراقية في المملكة رقماً لا يستهان به بين الاستثمارات الأجنبية التي يحرص الأردن على اجتذابها. وبحسب الأرقام الواردة في نشرة صادرة عن مديرية مراقبة الشركات في وزارة الصناعة والتجارة، فان العراق حافظ على المرتبة الأولى بين الدول العربية والأجنبية المستثمرة في المملكة، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي. لكن استثماراته في الشركات المحلية تراجعت الى المرتبة الثانية، لتحل بعد الاستثمارات الفلسطينية خلال الشهور ال11 الاولى من 2002. وأوضحت الدراسة الأكاديمية المشار إليها سابقاً ان عدد الشركات والمؤسسات التي تستثمر في الأردن هو 111 شركة عربية وأردنية، وان هذه الشركات تمثّل ما نسبته 58 في المئة من الشركات المستثمرة، وان هناك نحو 37 شركة أردنية وأجنبية تمثّل في مجموعها ما نسبته 19.4 في المئة و26 شركة عربية تمثّل ما نسبته 13.6 في المئة و11 شركة أردنية - عربية - أجنبية تمثّل ما نسبته 5.8 في المئة، و6 شركات أجنبية تمثّل ما نسبته 3.1 في المئة. ومن بين الشركات غير الأردنية التي قامت بمشاريع مشتركة مع أخرى أردنية، بلغت نسبة الشركات العراقية نحو 26 في المئة، محتلةً بذلك المرتبة الأولى بين البلدان العربية المستثمرة عبر رأس مال مشترك. لكن هناك خسائر أخرى محتملة لا يعكسها نشاط بورصة عمان، مثل المعاملات المختلفة التي يقوم بها عراقيون في الأردن لإيصال مساعدات شخصية الى ذويهم في العراق، وبعض القطاعات التي انتعشت في المملكة بسبب وجود أكثر من ربع مليون عراقي في الأردن، مثل السياحة الدينية. والحديث عن هذا النوع من السياحة يقود بالضرورة إلى الحديث عن الحركة السياحية في المملكة عموماً، والتي تعيش بعض أسوأ لحظاتها. فالسياحة تحديداً تتطلب الاستقرار والهدوء، وهذان العاملان مفقودان منذ سنوات عدة، بسبب أحداث الانتفاضة الفلسطينية غرباً، والتهديد الذي يعيشه العراق شرقاً. وفي حال شن حرب على العراق، فان السياحة الأردنية هي الأخرى ستستعيد ذكريات حرب الخليج الثانية، عندما كانت الفنادق شبه فارغة والمنتجعات خالية والأماكن الأثرية أشبه بخرائب مهجورة. ان نظرة الى ما تقدم من خسائر محتملة في القطاعات الاقتصادية الأردنية المختلفة، في حال توجيه ضربة أميركية للعراق، تعطي صدقية للفكرة التي يكرّرها المسؤولون الأردنيون في أحاديثهم، وهي ان الأردن الذي كان الخاسر الثالث في حرب الخليج الثانية بعد طرفي النزاع العراقوالكويت، سيكون الخاسر الأكبر بعد العراق في حال وقوع الضربة الأميركية المحتملة.