قد تتجه الولاياتالمتحدة بعد الحرب على العراق واطاحة صدام حسين الى التوصية بتشكيل كونسورتيوم دولي للعمل مع الصناعيين العراقيين على اعداد خطة طريق لإعادة تأهيل قطاع النفط وتوسعته، علاوة على العمل بالسرعة الممكنة لانشاء اطار قضائي داخل الأممالمتحدة للبت في تظلمات شركات النفط التي حصلت على عقود نفطية من الحكومة العراقية الراهنة ومنع الدعاوى من تأخير أعمال التطوير بعد الحرب. أكد الرئيس الأميركي جورج بوش في كلمة ارتقت الى مستوى خطاب نوايا لعراق ما بعد الحرب المرتقبة أن القوات الأميركية "ستوفر الأمن ضد أولئك الذين يحاولون نشر الفوضى أو تصفية حسابات أو تهديد العراق في وحدة أراضيه، وستسعى لحماية ثرواته الطبيعية من محاولات التخريب من قبل النظام المحتضر وضمان أن يصار الى استخدام هذه الثروات لمصلحة مالكيها - الشعب العراقي". وجاءت كلمة بوش التي ألقاها في مركز الدراسات المحافظ "أميركان انتربرايز انستيتيوت" في واشنطن أول من أمس بعد تأكيد وزير الخارجيه كولن باول في تصريحات صحافية أن أميركا لن تستغل احتياط النفط العراقي لأغراضها الخاصة، بل ستحتفظ به عهدة للشعب العراقي ولمصلحة الشعب العراقي "فضلاً عن سلسلة الاجتماعات التي عقدها أخيراً مسؤولون في الخارجية مع المعارضة العراقية للبحث في ما وصفته إدارة معلومات الطاقة بمستقبل حقول النفط والغاز العراقية بعد تغيير النظام". ورأى مراقبون في تصريحات بوش وباول مبادرة للرد على شكوك دولية متعاظمة في دوافع الحملة الأميركية ضد العراق، لكن هذه التصريحات بدت تطبيقا أميناً لتوصية صاغها فريق عمل يضم مجموعة كبيرة من الشخصيات الديبلوماسية والمتخصصين في شؤون النفط وتبناها كل من "معهد جيمس بيكر" و"مجلس العلاقات الخارجية" في واشنطن في شأن التعامل مع العراق بعد الحرب وبتركيز واضح على النفط. وكان فريق العمل الذي ضم بين أعضائه الديبلوماسي المخضرم ريتشارد ميرفي وسفير أميركا السابق لدى اسرائيل مارتن انديك ومندوبها السابق لدى الأممالمتحدة توماس بيكرينغ أوصى الادارة الأميركية حرفياً ب"اصدار بيانات رسمية تضمن سيادة العراق ووحدة أراضية والحفاظ على ملكية العراق الوطنية وسيطرته الكاملة على مصادره "الطبيعية" ومضى ليطرح تصوراً متكاملاً لصناعة النفط العراقية بعد الحرب. وتضمن التصور المقترح توصيات ديبلوماسية وعسكرية وفنية تتلخص في اطلاق حملة ديبلوماسية لاقناع الرأي العام الأميركي والدولي بالحاجة الى "تأمين منشآت النفط العراقية وتزويد القوات الأميركية بالمعلومات اللازمة لتجنب الحاق الضرر أو الدمار بمنشآت التصدير، ونزع الصفة السياسية عن برنامج النفط مقابل الغذاء لتمكينه من ادارة عمليات التصدير ابان العمليات العسكرية وبعدها مباشرة". كذلك تضمنت التوصيات مساعدة الحكومة العراقية الجديدة في مجال اجتذاب استثمارات شركات النفط وضمان تكافؤ الفرص في تلزيم عقود الطاقة ودعم جهود تأسيس كونسورتيوم دولي للعمل مع الصناعيين العراقيين على اعداد خطة طريق لاعادة تأهيل قطاع النفط وتوسعته، علاوة على العمل بالسرعة الممكنة لانشاء اطار قضائي داخل الأممالمتحدة للبت في تظلمات شركات النفط التي حصلت على عقود نفطية من الحكومة العراقية الراهنة وذلك بهدف منع الدعاوى من تأخير أعمال التطوير بعد الحرب. وشكك فريق العمل في الصفة القانونية للعقود المثيرة للجدل مؤكداً بذلك حتمية حدوث مواجهة مع شركات نفط لم يسمها وان كانت ادارة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأميركية أشارت الى أن شركات روسية وفرنسية وصينية يحتمل أن تكون حصلت على عقود لتطوير حقول يقدر احتياطها بنحو 50 بليون برميل لانتاج 4 ملايين برميل يومياً من الانتاج المحتمل وتصل استثماراتها الى أكثر من 20 بليون دولار. وفتحت تصريحات بوش وباول الباب واسعا أمام احتمال ألا تتوقف الادارة عند التوصية الأولى سيما بالنظر الى المكانة التي يحظى بها كل من مجلس العلاقات الخارجية ومعهد بيكر في واشنطن، إلا أن تقرير فريق العمل نبه شركات النفط الأميركية الى أن الفنيين العراقيين قد يفضلون التكنولوجيا والاستثمارات الأميركية لكن "يجدر واسنطن أن تستعد لمفاوضات طويلة مع ممثلي الحكومة العراقية الجديدة".