في بداية انطلاقتها، قامت الحركة التجارية على ما كان يعرف بالتبادل أو المقايضة، اذ كان "التاجر" يأتي بغلاله أو سلعه أو ابتكاراته فيعرضها في مقابل ما يريده من حاجات أساسية لحياته وعمله. ومع ظهور العملة أو السكوك النقدية، قفزت التجارة قفزة نوعية وظهرت الأسواق الدورية، الأسبوعية والشهرية والموسمية وشهدت المزيد من الاتساع والازدهار، ثم سرعان ما نشأت الأسواق الشعبية في الأماكن ذات الكثافة السكانية المرتفعة، وظهرت الحوانيت والمحال التي تحولت مع مرور الزمن الى "سوبرماركت" تعرض فيها مختلف المواد والسلع والأدوات وسواها مما يحتاجه الناس في حياتهم اليومية. وهكذا، حدّت "السوبرماركت" من انتشار الأسواق الشعبية التي تحولت الى ظاهرة تراثية، تقليدية وفولكلورية تجتذب السياح والمهتمين بدراسة طبائع الشعوب وعاداتها وتقاليدها وحركتها التجارية والاقتصادية، اضافة الى انها كانت كبصمات للمنحى التطوري للشعوب في خلق أسواق العرض والطلب. وكرّت سبحة الاختراعات بعدما قام جيمس ريتي في العام 1884 باختراع صندوق الدفع. وأبصر "المول" Mall اي المركز التجاري الذي يضم متاجر عدة في آن، النور عام 1922، يوم أنشأت شركة "جي سي نيكولز" اول مركز تجاري سمته "كاموتنتري كلوب بلازا" في ولاية كنساس الاميركية. وفي عام 1956، أنشئ اول مركز تجاري مغلق في ادينا في ولاية مينيسوتا قرب مينابوليس وأطلق عليه اسم "ساوثديل". وفي العام 1980، طورت "الميغامولز" العملاقة او المخازن الكبرى فأنشئ مركز "ادمونتون" للتسوق في كندا وضم أكثر من 800 متجر، وضمّ أيضاً فندقاً واحداً وحديقة حيوانات وبحيرة تبلغ مساحتها 438 قدماً وارضاً ممهدة للعبة مصغرة للغولف، وباحة ماء للتمتع بحمام شمس. وشكل ازدهار المراكز التجارية وتطويرها تدريجاً جزءاً من العولمة التي توسعت معها سلسلة المراكز التجارية الكبيرة وظهرت فروع لها في مختلف أنحاء الأرض. فأقبل الناس عليها كونها تسهل عليهم عناء التنقل من مكان الى آخر لابتياع حاجاتهم وبدأت المتاجر الصغيرة والدكاكين والمحال تفقد رونقها وهالتها كمشروع ابتكاري، كما حصل للأسواق الشعبية التي شعر مالكوها بخوف على مستقبل متاجرهم في ظل اجتياح المركز التجاري لكل ركن.