تشهد إيران اليوم ثاني انتخابات بلدية وقروية في تاريخ الجمهورية الإسلامية، تعتبر بمثابة اختبار للقوى السياسية والاجتماعية والحزبية لمعرفة أوزانها الشعبية، إذ يخوض السباق الانتخابي أكثر من 212 ألف مرشح للفوز ب112 ألف مقعد في أنحاء إيران. والأهم في النتائج التي ستخرج بها الانتخابات هي أنها ستكون انعكاساً لمزاج الشارع الإيراني عشية استحقاقين مهمين هما الانتخابات البرلمانية السنة المقبلة والانتخابات الرئاسية بعد عامين. وتتميز الانتخابات البلدية الثانية هذه، في عدم تقديم القوى المحافظة الرئيسية قوائم رسمية على عكس القوى الإصلاحية التي اختارت ان تخوض تنافساً في ما بينها، فتقدمت بقوائم عدة خصوصاً في العاصمة طهران. وتعتبر بلدية العاصمة الأهم على الإطلاق، وستكون المعركة على كسب مقاعدها ال15 بمثابة "أم المعارك" داخل التيار الإصلاحي بعد شبه انكفاء للتيار المحافظ، لا يصل الى حد المقاطعة وإنما يقضي بدعم شخصيات ذات توجهات فكرية وإيديولوجية وسياسية مؤيدة لهذا التيار. أما الإصلاحيون فلديهم ثلاث قوائم رئيسية في طهران أبرزها اثنتان، هما قائمة حزب "جبهة المشاركة" القريب الى الرئيس محمد خاتمي، وقائمة حزب "كوادر البناء" القريب من رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني. واعتمد حزب "جبهة المشاركة" الذي يرأسه محمد رضا خاتمي شقيق الرئيس في حملاته الإنتخابية على الدعوة الى ترسيخ مفاهيم الديموقراطية، والمشاركة الشعبية، وتوزيع السلطة. ووضع على رأس قائمته مصطفى تاج زاده النائب السابق لوزير الداخلية، وهو معروف بعدائه للمحافظين. وتنوي هذه القائمة في حال فوزها، انتخاب صفائي فرهاني رئيساً للبلدية وهو كان يشغل منصب مساعد الرئيس خاتمي لشؤون الرياضة. أما حزب "كوادر البناء" الذي يرأسه غلام حسين كرباسجي رئيس البلدية السابق، فاعتمد شعار البناء والإعمار كأصل للتنمية الاقتصادية. ومن المرجح ان تعمد قائمة الحزب في حال فوزها بغالبية المقاعد الى إعادة كرباسجي الى رئاسة بلدية العاصمة، علماً أن كرباسجي كان سجن لسنتين بعدما دانه القضاء المحافظ في قضايا مالية تتعلق بالبلدية ورجحت بعض الأوساط حينها أن يكون كرباسجي دفع ثمن مواقفه المؤيدة للرئيس خاتمي في انتخابات الرئاسة عام 1996. ويعتبر رئيس بلدية طهران أحد الأعضاء الذين يشاركون في جلسات الحكومة الإيرانية، وهو ما يظهر مدى أهمية هذا المنصب، كما ان طهران تعتبر بمثابة مرآة للواقع الإيراني كله، نظراً لأنها تضم ملايين النازحين إليها من كافة المحافظات والمدن الكبرى، وهذا ما يدفع الى الاعتقاد أيضاً بأن أصوات النازحين من المحافظات ستكون ذات تأثير كبير. واللافت ان الحملات الانتخابية ركزت على تقديم أصحاب الكفاءات والاختصاصات مع ابتعاد عن الدعوة الى الحزبية والفئوية، وما يميزها أيضاً التركيز على جيل الشباب.