يبدو ان العولمة وعالم الانترنت آخذان في توحيد قلوب الشباب في العالم في سياق عيد الحب الذي يوافق في 14 شباط فبراير من كل عام، فمن الملاحظ تزايد اهتمام الشباب المصري باحتفالات هذا اليوم العالمي على رغم تقوقعهم لزمن طويل في الاحتفال بعيد الحب القومي الذي يوافق في 4 تشرين الثاني نوفمبر من كل عام. والآن تظهر داخل الجامعات والمدارس كرنفالات للاحتفال بعيد الحب من تبادل الورود وبطاقات المعايدة، وربما انتهاز هذه المناسبة للتعبير خلسة عن مشاعر الحب والمودة بين الجنسين، والذي لا يزال يواجه تحفظاً من المجتمع. ومن جانب آخر يتبادل الشباب بطاقات المعايدة الالكترونية التي تتبارى المواقع لبثها هذه الايام، والتي اصبحت في متناول الشباب المصري. وفي اطار هذه الاحتفالات استطلعت "الحياة" الاسلوب الذي يفضله الشباب للتعبير عن مشاعرهم بين البريدين الالكتروني والتقليدي الخطي، وفي اي منهما تصبح المشاعر اسرع تدفقاً وأصدق احساساً. ويكشف الواقع ان بعض الشباب المصري لا يتذكر اساساً انه استخدم الورقة والقلم لارسال بطاقة معايدة او خطاب لزميل او قريب ويقولون انهم انشأوا لانفسهم E-mail بمجرد تولد رغبة المراسلة لديهم، ويجدون في بطاقات المعايدة الالكترونية اشكالاً مبتكرة وجذابة ومتجددة وأيضاً متنوعة تلائم الاذواق المختلفة وتثير الضحك والدعابة احياناً. وبالطبع يستهوي الشباب في الرسائل الالكترونية انها لا تستغرق وقتاً، ففي ثوان معدودة يمكنهم ارسال بطاقات عدة الى كل من يريدون من دون الحاجة الى البحث والشراء او لصق طابع البريد أو الدخول في دهاليز فقدان الخطابات في هيئة البريد. ويجدون في الارسال الالكتروني ما يلائم ايقاع الحياة السريع الذي يعيشونه. هذا لا يمنع وجود من يرى غير ذلك. ومن هؤلاء غادة عادل 21 سنة الطالبة في كلية الألسن والتي تقول: "ما زال الشباب اليوم يستخدمون الاسلوبين في تبادل الرسائل وبطاقات التهاني، ففي عيد الحب مثلاً اقوم بارسال الكثير من البطاقات الالكترونية عبر الE-mail ولكن من أعتز اكثر بصداقاتهم، لا اكتفي معهم بذلك، بل اهديهم بعض بطاقات المعايدة بقلوبها الحمراء والبيضاء، وإن كنت اسلمها باليد عند تلاقينا في الجامعة، حيث تنتشر في هذا اليوم هذه البطاقات المتعددة والتي تميل في تصميمها الى الاحجام الصغيرة جداً، ولها موضات وصيحات مختلفة كل عام". وتضيف غادة: "انا افرح باستلام رسائل وبطاقات التهاني التقليدية المكتوبة بخط اليد خصوصاً من صديقاتي الحميمات، وأحتفظ بها لفترة طويلة في ألبوم صغير خاص بها، وأشعر في احيان كثيرة بأنني محتاجة لتصفحها وقراءتها لما تحويه من الاحاسيس والمشاعر التي كتبت بها، وهو ما لا استشعره في البريد الالكتروني". واللافت للانتباه أن الفتيات والشابات في مصر يرفضن بشدة تبادل الرسائل المكتوبة بخط اليد بينهن وبين زملائهن من الشبان، لما يراودهن من خطورة وقوع هذه المكاتيب في أيدي الأهل، أو استخدام الشبان خطابات الفتيات المكتوبة بخط ايديهن لتشويه سمعة الفتاة أو صديقها. وجاءت الرسائل الالكترونية لتحل هذه المشكلة بين الجنسين وتعتبر ساتراً لعلاقات قد تكون عادية وعفيفة إلا أن المجتمع ما زال لا يتقبلها. وفي ذلك قال رامي رفعت الطالب في كلية التجارة: ما زال من الصعب أن أطلب من زميلتي رقم هاتفها أو عنوان سكنها لأحدثها أو أراسلها، إذ أن كثيراً من الأسر المصرية ما زالت ترفض أن يتصل شاب بابنتها، أو أن يراسلها، ولكننا في مجتمع الجامعة نتبادل ببساطة البريد الالكتروني الخاص بكل منا شباباً وشابات ونستطيع من خلاله أن نتبادل الرسائل والبطاقات ونحن في غاية الاطمئنان أن صندوق بريدنا الالكتروني محمياً بكلمة السر وأنه لا يمكن لأحد الدخول اليه. وتستطيع الشابة أن تمسح الرسالة الالكترونية التي تلقتها من حبيبها بمجرد تلقيها لتتجنب أي شكوك، وأحياناً يتخذ الشاب اسم أنثى ليرسل إلى محبوبته رسائله الالكترونية من دون أي قلق وكأنه صديقة لها. ويضيف رفعت قائلاً: "معرفة الشباب التعامل مع الانترنت بصورة أكثر مهارة من والديهم، يجعل شعورهم بالخصوصية والسرية في البريد الالكتروني تفوق أي وسيلة أخرى". من جهة أخرى اتضح أن طبيعة العلاقة التي تربط الشباب من الجنسين تحكم إلى حد كبير الاسلوب الذي يفضلونه في المراسلة فإذا كانت العلاقات ترتبط بالزمالة، يعتمد البريد الالكتروني. أما العلاقات الحميمة ذات الطابع الخاص، يزيد استخدام المراسلات التقليدية المكتوبة. كما اتضح أن الشبان أكثر ميلاً لاستخدام البريد الالكتروني من الشابات. وحول ذلك قالت نعمة علي الطالبة في كلية الاداب قسم الفلسفة: المشاعر الوجدانية، والعاطفية تكون أكثر تدفقاً عندما يمسك المراسل بالورقة والقلم ليخرج ما في أعماقه من مشكلات وأحاسيس لإنسان آخر يشعر بالراحة النفسية عند مخاطبته، ويمكنه أثناء الكتابة أن يسرح بخياله أو تدمع عيناه، أما أمام الانترنت فتبرد المشاعر وتفتر الأحاسيس ويغلب الايقاع الآلي على التفكير. وتوضح علي فتقول: "في عيد الحب استخدم البريد الالكتروني لتهنئة زملائي، ولكن صديقتي الحميمة التي سافرت إلى كندا منذ عامين، فلا بد من أن أرسل لها خطاباً بيدي وأرسله بالبريد الجوي مصحوباً ببطاقة معايدة، وهي أيضاً تبادلني الاسلوب نفسه، فإن كان البريد الالكتروني يحقق سرعة رهيبة في وصول الرسائل إلا أن البريد العادي - على رغم بطئه - يحمل مشاعر وأحاسيس أكثر عمقاً". من جهته، قال أمير عيد الطالب في كلية الخدمة الاجتماعية: "لا أتذكر أنني كنت أراسل أحداً بالطريقة التقليدية، عملية مسك الورقة والقلم لكتابة خطاب تشكل صعوبة كبيرة بالنسبة إلي، خصوصاً أن خطي يصعب قراءته، ولذلك أعتبر البريد الالكتروني انقاذاً وفرصة لأمثالي، فعن طريقه اختار بطاقة للتهاني ولا أسجل عليها إلا عبارة واحدة مختصرة للتحية، ثم أطلب إرسالها الى كل اصدقائي الذين لديهم عنوان إلكتروني". وأضاف عيد أنه حرص منذ بداية شباط على أن يرسل بطاقات التهاني الخاصة بيوم الحب، والتي بدأت المواقع الالكترونية تبثها قبل عيد الحب بأيام كثيرة. وترى علياء سعد ثانوية عامة أن الشخصية الرومانسية "لا تتواصل مع اسلوب البريد الالكتروني وتفضل المكاتيب الخطية المباشرة سواء للإرسال أو الاستقبال لأنها غالباً ما تريد أن تحتفظ بها وتعاود قراءتها مرات ومرات بينما يتجه مستخدم البريد الالكتروني عادة إلى مسح الرسائل أولاً بأول". وتضيف سعد أنها تسعد بالرسالة التي تستقبلها بالبريد العادي أكثر من البريد الالكتروني، لأنها تشعر أن صاحبها بذل جهداً لانتقائها، وكتابتها وإرسالها، وتستطرد بأنها تحتفظ بمجموعة من بطاقات التهاني الخاصة بعيد الحب منذ أن كانت في المرحلة الإعدادية، إذ كانت زميلاتها في المدرسة يحرصن على تبادل هذه البطاقات، خصوصاً يوم عيد الحب، وأن قراءة الكلمات المكتوبة على هذه البطاقات تثير في النفس نشوة خاصة عندما تُقرأ بعد فترة طويلة لما تحمله من ذكريات خاصة.