يعاود الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة اليوم جولاته الميدانية على الولايات، بعد أيام قليلة من التعديل الوزاري الجديد، الثاني خلال شهر، والذي استهدف ملء الشواغر إثر استقالة وزراء جبهة التحرير الوطني. ولاحظت مصادر سياسية مطلعة ان بوتفليقة، بتعيينه وزراء موالين له أعضاء سابقين في الجبهة أو من "الحركة التصحيحية" التي يقودها وزير الخارجية عبدالعزيز بلخادم، يكون حسم خياراته لجهة كيفية التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة مطلع السنة المقبلة، وحدد ملامح الحكومة التي يرغب في أن تتولى تنظيم هذه الاستحقاقات. وجاء انسحاب وزراء جبهة التحرير السبعة من الحكومة، الخميس الماضي لينقل الصراع من مبنى رئاسة الحكومة إلى داخل البرلمان، كون جبهة التحرير تملك الغالبية التي قد تفتقدها الحكومة، وذلك يؤدي إلى وضع لم تشهد البلاد مثله منذ إقرار التعددية السياسية العام 1989، مما قد يجعل مشاريع الحكومة الجديدة رهن تقدير قيادة جبهة التحرير التي رشحت أمينها العام علي بن فليس لمنافسة بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية. ومن المقرر أن يدرس أعضاء المجلس الشعبي الوطني الغرفة الأولى للبرلمان غداً الثلثاء 11 أمراً رئاسياً تتعلق بمشروع قانون النقد والقرض ومشروع التأمينات، وهي المشاريع التي وقع عليها الرئيس الجزائري قبل شهر، وتنتظر فقط مصادقة النواب لتدخل حيز التنفيذ. وينظر مراقبون إلى جلسات مناقشة هذه المشاريع على أنها "مصيرية"، خصوصاً إذا عارضها نواب جبهة التحرير، ونفذ بوتفليقة تهديده بحل البرلمان، مع ما ينطوي عليه ذلك من تعقيدات تشريعية وسياسية قبيل الانتخابات الرئاسية. وفي كل الحالات، فإن جلسات المجلس الشعبي الوطني ستكون الأكثر عرضة، بين مؤسسات الدولة، إلى الاهتزازات السياسية التي تثيرها "حرب الرئاسيات". وفي السياق ذاته، بدأ قياديون من التجمع الوطني الديموقراطي الذي يقوده رئيس الحكومة أحمد أويحيى أمس، بتنقلات في غالبية الولايات لشرح استراتيجية الحزب خلال الشهور المقبلة. وقالت مراجع قريبة إلى قيادة الحزب ان أويحيى أوصى موفديه إلى الولايات بضرورة العمل على "تأجيج الحرب داخل جبهة التحرير الوطني وفي صفوف منتخبيها المحليين لكسر الغالبية التي تتمتع بها، خلال التجديد النصفي لمجلس الأمة الغرفة الثانية للبرلمان والمقرر في النصف الثاني من كانون الثاني ديسمبر المقبل. ويعتقد بأن هذا المسعى يرتكز على رغبة الحزب في الابقاء على "حق الفيتو" داخل المجلس خلال مرحلة ما بعد انتخابات الرئاسة، وبغض النظر عن الفائز فيها. ومن المتوقع أيضاً أن يجدد الرئيس الجزائري نصف أعضاء كتلة الثلث الرئاسي في مجلس الأمة في مطلع السنة.