لم تفاجئه رغبته بتغيير سريره التي تداهمه كلما استلقى فوقه وأحس بقدميه تسبحان في الفضاء. كان الجو بارداً، سحب غطاءه لكن البرودة ظلت تداعب قدميه العاريتين من الاسفل، ضمهما اليه، غير آبه بالخدر الذي يعرف انه سيصيب ركبتيه بعد قليل، بدأ الدفء يزحف اليه... اغمض عينيه، فتحهما، نظَر الى مكتبته المواجهة اليه، ادرك فجأة، انها قطعة الاثاث الوحيدة في غرفته، سوى سريره، عادت اليه رغبة تغيير السرير تدق في رأسه، اغمض عينيه مرة اخرى، فتحهما، الرف الاول، السياب، لوركا، نازك الملائكة، قباني، دنقل، اغمض عينيه، فتحهما، الرف الثاني، ماركيز، فرمان، جبرا، معلوف، غوغول، اغمض عينيه بشدة... الرف الثالث... درويش... الرابع... ادار رأسه الى الناحية الاخرى من الغرفة. ظلت صورة المكتبة تطارده، غوته، بلند، جبران، فتح عينيه... بقعة من الحبر الاسود كوّنت نجمة عشوائية الشكل على شرشفه ذكرته بقلمه، لا يريد ان يكتب، اطبق اجفانه وسحب غطاءه فوق رأسه... تكور... بدأ الخدر يزحف الى ركبتيه، لم يبال، نظر الى اصابع كفه تحت الغطاء فلم يرها، اعتراه احساس بالسعادة تبدد عندما بدأت عيناه تميزان الفراغات بين اصابعه، تذكر بشدة مرة اخرى، ليتمتع بسواد الظلام، عادت فكرة اللمبة المضاءة خارج غطائه تضايقه! اراد ان ينام... يجب ان ينام... لا يريد ان يقرأ، او يكتب ولا ان يحلم، يكفيه ان يغير هذا السرير اللعين! دبي - ديمة ياسين