نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء لجنة الحج في مجلس الشورى    وزير الخارجية يصل قطر للمشاركة في اجتماع المجلس الوزاري ال160 لمجلس التعاون الخليجي    «التعاون الخليجي»: الهجوم الإسرائيلي على «النصيرات» جريمة إرهابية    عادل الجبير يلتقي وزير خارجية تشيلي و وزير خارجية سورينام    الأهلي يصارع برشلونة على كيميتش    "الداخلية" تصدر قرارات إدارية بحق 18 مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج    أمير الرياض يستقبل رئيس نادي الهلال    محافظ البكيرية يتفقد مشاريع الإسكان بالمحافظة    ( نقد) لقصيدة ( في رثاء بدرية نعمة) للشاعرالحطاب    استقبال 683 حاجا من 66 دولة من ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج    نمو الأنشطة غير النفطية 3.4% بالربع الأول    الأرصاد: ابتداء من غد الاثنين استمرار ارتفاع درجات الحرارة لتصل إلى 48 درجة مئوية    نسب الملكية ب"أرامكو" بعد الطرح الثانوي    فيصل بن مشعل يوجه بتوثيق أسماء الطلبة المتفوقين ورصد تحصيلهم العلمي المتميز    مدرب إنجلترا: لن نضع كل شيء على عاتق بلينجهام    التدابير الوقائية تخفض ضربات الشمس بالحج 74%    مستشفى الملك سعود بعنيزة ينهي معاناة مريضة من ازدواج الرؤية    وصول الفوج الأول من حجاج أمريكا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا    تقييم: رصد عدد من المواقع الوهمية التي تنتحل هوية موقع "تقدير" لتقييم أضرار حوادث المركبات    نائب أمير مكة يطمئن على سير العمل في صالات الحج    «الموارد» تطلق «أجير الحج» و«التأشيرات الموسمية»    شرائح إنترنت واتصال مجانية لضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج    مانشيني يخطط لنقاط الأردن    السعودية للكهرباء (SEC) تكمل استعداداتها لموسم حج 1445ه ب20 مشروعاً جديداً    ليس للمحتل حق «الدفاع عن النفس»..!    مستشفيات وعيادات دله تواصل تقديم رعايتها الصحية خلال إجازة عيد الأضحى المبارك    تعامل سريع لإنهاء إجراءات الحاج في صالات مطار جدة    رصد 1000 مخالفة نقل بمكة والمدينة    قميص النصر يخطف الأنظار في ودية البرتغال    صور مولود عابس.. تجذب ملايين المشاهدات !    مليون ريال مخالفات أسواق ومسالخ الرياض    بارقة أمل.. علاج يوقف سرطان الرئة    ختام العام الدراسي الحالي غداً.. العام الجديد في 14 صفر    بعدما صفع معجباً على وجهه.. هل يمثُل عمرو دياب أمام النيابة المصرية؟    الجبير يؤكد التزام المملكة بالتعاون مع المجتمع الدولي لحماية المحيطات والموارد البحرية    حارس الشباب رسميًا في الإتحاد    نفائس «عروق بني معارض» في لوحات التراث الطبيعي    نادي الرياض يُتَوّج بكأس بطولة المملكة لسلة الكراسي    توفير الأدوية واللقاحات والخدمات الوقائية اللازمة.. منظومة متكاملة لخدمة الحجاج في منفذ الوديعة    استفزاز المشاهير !    مَنْ مثلنا يكتبه عشقه ؟    مرسم حر    نصيحة للشعاراتيين: حجوا ولا تتهوروا    وزير الدفاع يؤكد دعم المملكة للحكومة اليمنية    إعلانات الشركات على واتساب ب«الذكاء»    تحتفل برحيل زوجها وتوزع الحلوى    أثر التعليم في النمو الاقتصادي    الجامعات منارات التقدم    اطلاق برنامج أساسيات التطوُّع في الحج    التنظيم والإدارة يخفِّفان الضغط النفسي.. مختصون: تجنُّب التوتّر يحسِّن جودة الحياة    «إنجليزية» تتسوق عبر الإنترنت وهي نائمة    رسائل الإسلام    رئيس وزراء باكستان يعود إلى بلاده بعد زيارة رسمية للصين    القلعة الأثرية    الجهات الحكومية والفرق التطوعية تواصل تقديم خدماتها لضيوف الرحمن    فيصل بن مشعل يقف على مدينة حجاج البر.. ويشيد بجهود بلدية المذنب    هجوم شرس على عمرو دياب بسبب «صفعة» لمعجب    فقدت والدها يوم التخرج.. وجامعة حائل تكفكف دموعها !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موت حكومة
نشر في الحياة يوم 31 - 12 - 2002

لم يكن وزير الإعلام اللبناني غازي العريضي اول من ينعى حكومة الحريري التي يحل فيها وزيراً شبه مشاكس منذ عامين. وليس هو آخر السائرين في موكبها الجنائزي او المنتحبين على أطلال مُلك لم يحافظوا عليه. لكنه بالتأكيد بين الوزراء القلائل الشجعان الذين يقولون ما لهم وما عليهم حتى ولو خسر الدنيا ولم يربح الآخرة.
خطير ما قاله العريضي عن مخالفات يرتكبها حاكم مصرف لبنان. ولو لم تكن الحكومة في غيبوبة فعلية لوجب فتح تحقيق سريع في اتهاماته. اما حديثه عن خلل بنيوي في تركيبة الحكومة وعجز يحول دون استمرارها فينطبق عليه المثل العامي "تعيش وتفيق". وهو على اي حال لم يكسبه قصب السبق. فالمواطنون كانوا يعرفون ان حكومة الشُلل الوزارية دبّ فيها الشَّلل، وكثيرون سبقوه في إعلان الوفاة. فالرئيس بري، الخارج من جنة الترويكا، نعاها ليثبت انه هنا، ونائبه ايلي الفرزلي وضع حجراً على مقامها. اما نائب رئيس الحكومة عصام فارس المرشح للخروج من منصبه الفخري فبكاها بكاء مراً اين منه بكاء الخنساء على صخر.
وحده الرئيس الحريري، المجلل بإكليل الشوك، مطمئن الى ان مراسم الدفن المتوقعة بعد الموازنة لن تتناول سوى جسد الحكومة الفاني، لأن رأسها خالد في غياب البدائل.
حار اللبنانيون في امر الحكومة بُعيد تشكيلها. فخلافات اعضائها، والحَرَد الذي رافق بداياتها، اعطتهم انطباعاً بالخفة المثيرة للسخرية والابتسام. ولما اعتادوا الضحك الملازم لمعالجتها الملفات الكبيرة، اكتشفوا انها صارت مبكية وسبقتهم الى النحيب. وما كان لأحد ان يذرف دمعة واحدة لو ان الحكومة تذهب وحدها الى مثواها. لكنها في رحلتها المستمرة منذ عامين شيّعت معظم المؤسسات، ولم توفر الحريات ولا الدستور. ويكفي انها اختتمت العام الجاري بمواراة القضاء.
كان يمكن اللبنانيين وداع عامهم على وقع نتائج مؤتمر "باريس -2" الإيجابية والتي أملوا بأن تكون بداية الخروج من عنق زجاجة الدَيْن. وكان يمكنهم التغاضي عن طقوس الإهدار السوداء، مثلما كان ممكناً تناسي النزاع على خصخصة الهاتف الخلوي المملوء بالأسرار المفضوحة والحصص الموعودة، لولا انهم اختتموا عامهم على وقع قرار قضائي مدوٍ اصدرته محكمة التمييز وقضى ب"إعدام" محطة "ام تي في" التلفزيونية وتشريد 450 عائلة، بما صار يعرفه الجميع بأنه استخدام سياسي استنسابي للقضاء لم يوفر المجلس الدستوري الذي صارت احكامه مثار تندُّر وهزء من المواطنين قبل الحقوقيين.
ان تنعى الحكومة بعضها بعضاً، ليس من شأن اللبنانيين، لكن من شأنهم معرفة اي مستقبل ينتظرهم في ظل "شرشحة" المؤسسات وضرب صدقيتها. فهم يعلمون الكثير عن فساد السلطة السياسية، مثلما يعلمون ان الطريق طويل وشاق لمعالجة مشكلاتهم الحقيقية وخلافاتهم حول الديموقراطية وقانون الانتخاب والشفافية والسيادة والأولويات الاقتصادية. لكن ان يكتشفوا أن القضاء الذي تمسكوا به وراهنوا عليه حصناً يقيهم من عسف الدولة وضيق صدر الحاكمين صار جزءاً من المشكلة، فهو بلا شك امر خطير وخيبة كبرى لا يعوّضها ذهاب حكومة ولا تغيير وزراء للإتيان بمن يتابع نهجهم.
ماتت الحكومة فعلاً، لكن النعي تأخر. فواجب الوزراء الحريصين كان قراءة الفاتحة على روحها منذ بدأ التجرؤ على الحريات عبر استخدام القضاء، ومنذ غُيِّب مجلس الوزراء وحُرم اعضاؤه حق الحديث في السياسة والأمن والحريات ومكافحة الفساد. وكان يفترض دق المسمار الأخير في نعش الحكومة حين تأكد انها سلبت اللبنانيين الأمل في عيش كريم في ظل دولة شفافة وعادلة. اما ان يثور الوزراء ويبدأون الندب لأن حصصهم او مهاباتهم لم تؤخذ في الاعتبار، او لأن عمر الحكومة الافتراضي شارف على الزوال، فهو ابعد ما يكون عن سوية السياسة وواجب الوزير في التضامن مع حكومته بدلاً من غسل اليد من دم الضحية.
لا احد يمنع الوزير العريضي من تكفين الحكومة والمساهمة في عزف نشيد موتها. لكنه في سيره في جنازتها يجب ان يتذكر انه كان شريكاً ولو قدّم ملاحظات، وأن صراحته وعلنيته لم تمكناه من تغيير اي مسار، وأن يعترف بمساهمته في تغطية الأخطاء حتى ولو اوحى بعدم الاقتناع. اما دموعه المتأخرة فيصعب ان تثير مواسين يربتون على كتفه. اذ ان الحكومة ليست الفقيد الوحيد. انها نعش في موكب جنازات المؤسسات الطويل صنعته سلطة لن يحييها بقاء الحكومة ام رحيلها وتغير وجوه روادها... لذا لا غرابة في ان يتعلق اللبنانيون بحبال الهواء ويراهنوا مع مطلع العام على الحظ والأبراج بدلاً من الحكومة العتيدة ودولة المؤسسات الموعودة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.