قال رئىس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري ان التسهيلات المالية التي حصل عليها لبنان في مؤتمر باريس-2 لمساعدته على التغلب على عبء خدمة الدين العام والعجز في الموازنة لن تكون حلاً موقتاً لهذه المشكلة انما ستعبّد الطريق خلال السنوات المقبلة امام البدء بسداد هذا الدين. وأكد الحريري مساء أول من امس في اول تعليق له على نتائج المؤتمر "من الآن وصاعداً لن ننفق على شيء لسنا في حاجة اليه. ان ما حصل غيّر مسار الدولة ووضع البلد على السكة الصحيحة ونأمل في فترة وجيزة بإنهاء العجز في الموازنة". ولفت امام الصحافيين الى ان الحكومة ستتوقف عن الاستدانة، مشيراً الى أن الاموال التي ستأتي من الخصخصة ستؤدي الى خفض حجم الدين، لا الى تغيير شكله. وعن علاقة الحكومة بصندوق النقد الدولي قال: "لسنا في صراع مع الصندوق، بل نجري معه حواراً ولكل منا وجهة نظره، وهناك قضايا نتفق عليها وأخرى لا تزال موضع تباين، وعلى كل حال فإن اهل البلد ادرى بأموالهم، لكن هذا لا يعني رفضنا التعاون معه، ونحاول التوصل الى تفاهم على القضايا العالقة". وأضاف: "ان الحكومة تتطلع الى علاقة اكثر عمقاً بالصندوق على ضوء المصالح اللبنانية التي نعتقد انها تحقق مصلحة بلدنا"، مؤكداً ان ثقة العالم بلبنان لا تزال قائمة وهذا ما اثبته "باريس -2" وأن السبب يعود الى ان كل حكومات لبنان تلتزم تعهداتها وتحترم تواقيعها. وبالنسبة الى اسعار الفائدة توقع الحريري بدء خفضها قبل نهاية العام، لتتراجع بنسبة اكبر في العام المقبل. مضيفاً أن الحوار مع "صندوق النقد مستمر بطريقة تخدم اهداف الصندوق وبلدنا في آن". ورداً على سؤال قال: "ان الاندفاع الاوروبي جيد جداً، وموقف الصديق الرئىس الفرنسي جاك شيراك مهم، انما الفاعلية العربية في المؤتمر كانت كبيرة وثبت ان لبنان ليس متروكاً وحده". ورأى "ان المؤتمر انتهى، وأن معظم المشاركين اعتبر ان التأخير في الخصخصة ليس نقطة ايجابية للبلد، ونعمل بسرعة للتشديد على صدقيتنا، وأظن ان الخصخصة ستوضع على السكة في الاسابيع المقبلة". وطمأن الحريري الى ان العجز في الموازنة سينتهي خلال سنوات "ولا اظن بعد الآن ان هناك حكومة قادرة على اعداد موازنة تأخذ في الاعتبار الاستدانة. ان الحكومة الحالية او اللاحقة ستمهد للتخلص من العجز تدريجاً والعمل على سداد الديون من دون المساس بمسيرة الدولة وتوفير الخدمات الاجتماعية". وعن مدى استعداد الطبقة السياسية في لبنان للتكيف مع "باريس -2"، قال: "ان الجميع متوافق على ما نقوم به، وقد يكون هناك من لا يعجبه هذا الامر. وسيحاول ان يعوق عملنا، لكنه سيبقى عاجزاً لأن اكثرية الطبقة السياسية واللبنانيين تدعم خطواتنا". وبالنسبة الى اعلان الرئىس الفرنسي انه سيدعو بعد شهور الى اجتماع جديد، قال الحريري: "ان شيراك يود متابعة نتائج المؤتمر، خصوصاً ان كل الدول ابدت استعدادها لمساعدتنا، بعضها دفع مباشرة والبعض الآخر تريث وربط المساعدة بالاتفاق مع صندوق النقد، وبالطبع فإن هذا الاجتماع سيخصص لمتابعة الدول التي لم تسهم حتى الآن، وذلك في حال حصول تفاهم مع الصندوق". وأكد ان الصندوق بارك ما حصل في "باريس -2" واعتبر ان الاسراع في الخصخصة سيزيد من صدقية الدولة، لافتاً الى ان المؤسسات التي كانت حاضرة اشادت بتحسن الادارة اللبنانية في تحريك المشاريع. ورداً على سؤال عما اذا كانت نتائج المؤتمر ستسرع الاتفاق مع الصندوق، قال: "اكدت في الجلسة ان لبنان حاضر لاستمرار الحوار للوصول الى علاقة اكثر عمقاً". ورداً على سؤال اكد الحريري ان للمؤتمر تأثيراً ايجابياً في سورية، لأن استقرار لبنان وتحسن وضعه الاقتصادي امر ايجابي لسورية، ومن يعتقد خلافاً لذلك هو على خطأ. خدام وفي ردود الفعل على المؤتمر، أثنى نائب الرئىس السوري عبدالحليم خدام "على التضامن الحاصل بين اركان الحكم في لبنان والجهود التي بذلها رئىس الحكومة رفيق الحريري بدعم الرؤساء اللبناني اميل لحود والسوري بشار الأسد والفرنسي جاك شيراك وبقية الأطراف المشاركة في "باريس -2" لتأمين فرص نجاحه بهدف تمكين لبنان من خفض العجز في موازنته ونهوض اقتصاده"، بحسب ما نقل عنه وديع الخازن الذي زار دمشق امس. الحص: جيد ولكن واعتبر رئىس الحكومة السابق سليم الحص ان النتائج التي اسفر عنها مؤتمر "باريس -2" جيدة نسبياً. الا انه رصد اثرها المرتقب بقوله: "اذا كانت القروض المقررة ومجموعها 4،4 بليون دولار موزعة كما قال الرئىس الحريري بين 4،1 بليون دولار لتمويل مشاريع انمائية و3 بلايين لاعادة جدولة الدين العام، فإن حصيلة المؤتمر تكون ثلاثة بلايين فعلياً، فالمبالغ المخصصة لتمويل مشاريع انمائية لا تدخل في حساب خفض خدمة الدين العام، فهي تشكل اضافة جديدة الى مجموعة الدين العام القائم حالياً، واذا كانت اعادة جدولة الدين العام ستقتصر على 3 بلايين وعلى افتراض ان الفائدة التي ستدفع على القروض المقررة هي بمعدل 5 في المئة، وباعتبار ان الفائدة على الدين العام حالياً هي 12 في المئة فإن الحصيلة المباشرة ستكون خفضاً في خدمة الدين العام يبلغ نحو 200 مليون دولار سنوياً، اي نحو 7 في المئة فقط من مجموع خدمة الدين، وهذا بالطبع ليس حلاً لمشكلة لبنان المالية". حزب الله وحذر نائب الأمين العام ل"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم من ان يعتبر البعض ان الدعم الاميركي ل"باريس -2" ومشاركة الولاياتالمتحدة في المؤتمر لمصلحة لبنان، "لأن اميركا لا تصنع شيئاً الا اذا كانت مصلحتها في ان تصنعه". وأعلن قاسم ان الحزب "قرر الا يرد على التهديدات الاسرائىلية للحزب وللبنان لئلا يطمئن العدو في الاجابة عن اي سؤال او اتهام اذ يمكن ان يكون راغباً في معرفة وجهة نظرنا". التيار الوطني الحر وأفاد "التجمع من أجل لبنان - باريس - التيار الوطني الحر" عن تجمع "أقامه عدد من أبناء الجالية اللبنانية في ساحة سان - أوغوستان بالقرب من قصر الاليزيه حيث كان يعقد موتمر "باريس -2". وألقى نديم فريحة كلمة باسم التجمع اعتبر فيها ان "سورية فرضت على المعارضة السكوت او القتل او السجن او الابعاد"، واتهمها "بزعزعة الاستقرار وتقويض السيادة اللبنانية". ودعا المؤتمرين الى "البدء بتنفيذ القرار 520 وخروج الجيش السوري كي تتأمن العوامل التي تسمح باستعادة السيادة والاستقلال على ان تتم عندئذ انتخابات نزيهة ينبثق منها حكم يتمتع بالثقة الشعبية وعندها يصبح من الممكن العمل على الانماء والازدهار الاقتصادي".