أمير منطقة جازان يستقبل مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة    نائب أمير تبوك: الخطاب الملكي أكّد مضي بلادنا لتحقيق المزيد من التطور والازدهار    أسواق الأسهم العالمية قرب أعلى مستوياتها معززة بأسهم التكنولوجيا    الفتح يغادر إلى جدة لمواجهة الاتحاد .. وباتشيكو ينضم للتدريبات    عقد ب 5.5 مليون ريال لصيانة شوارع البصر    فريق رواء الأمل ينفذ مبادرة "رتق" بالتعاون مع مركز ضماد الحرف الطبي بجازان    منتدى المشاريع المستقبلية 2025 يثمن دور «عين الرياض» الرائد في دعم قطاعات الأعمال والمؤتمرات والسياحة والاستثمار    غدا..إقامة الحفل الختامي لمهرجان ولي العهد للهجن في نسخته السابعة بميدان الطائف    مدير مدرسة ابتدائية مصعب بن عمير يرأس الاجتماع التحضيري للاحتفاء باليوم الوطني ال95    " كريري" يزور المدخلي للاطمئنان على صحته بعد نجاح عمليته الجراحية    استمرار إنطلاقة مبادرة "إشراقة عين" بمركز الرعاية الأولية بالشقيق    250 مشروعا رياديا تتأهل إلى التصفيات النهائية لكأس العالم لريادة الأعمال بالرياض    محافظ الطائف يلتقي القنصل الامريكي رفيق منصور    نائب أمير منطقة تبوك يدشّن مشروع السكتة الدماغية الشامل بالمنطقة    أصالة الموروث الشعبي السعودي في فعالية تبادل الثقافات بالجامبوري العالمي    تركي العمار يواصل الرحلة... تجديد العقد حتى 2029    قمم منتظرة في أولى جولات دوري يلو    إسقاط 17 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    نائب أمير منطقة عسير يتوّج المنتخب السعودي تحت 19 عامًا بكأس الخليج في نسخته الأولى    وزير الداخلية لنظيره القطري: القيادة وجهت بتسخير الإمكانات لدعمكم    هوساوي: أعتز برحلتي الجديدة مع الأهلي    وزير الدفاع لرئيس وزراء قطر: نقف معكم وندين الهجوم الإجرامي السافر    200 شخص اعتقلوا في أول يوم لحكومة لوكورنو.. احتجاجات واسعة في فرنسا    السعودية ترحب وتدعم انتهاج الحلول الدبلوماسية.. اتفاق بين إيران والوكالة الذرية على استئناف التعاون    المملكة تعزي قطر في وفاة أحد منسوبي قوة الأمن الداخلي جراء الاعتداء الإسرائيلي الآثم    أكد أن النجاحات تحققت بفضل التعاون والتكامل.. نائب أمير مكة يطلع على خطط طوارئ الحج    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يستقبل رئيس فريق تقييم أداء الجهات الحكومية المشاركة في تنفيذ الخطة العامة للطوارئ    منافسة نسائية في دراما رمضان 2026    معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025.. موروث ثقافي يعزز الأثر الاجتماعي والحراك الاقتصادي    أرامكو تصدر صكوكاً دولارية دولية    إسهاماً في تعزيز مسيرة القطاع في السعودية.. برنامج لتأهيل «خبراء المستقبل» في الأمن السيبراني    «الفطرية»: برنامج لمراقبة الشعاب المرجانية    اليوم الوطني.. نبراس للتنمية والأمان    فيلانويفا يدافع عن قميص الفيحاء    هيئة الشرقية تنظّم "سبل الوقاية من الابتزاز"    غوميز: مهمتنا صعبة أمام الاتحاد    الفضلي يستعرض مشروعات المياه    "التعليم" توقع اتفاقية "الروبوت والرياضات اللاسلكية"    «آسان» و«الدارة» يدعمان استدامة التراث السعودي    «سلطان الخيرية» تعزز تعليم العربية في آسيا الوسطى    نائب أمير المنطقة الشرقية: الخطاب الملكي الكريم خارطة طريق لمستقبلٍ مشرق    «الحج والعمرة» تُطلق تحدي «إعاشة ثون»    التأييد الحقيقي    سكان غزة.. يرفضون أوامر الإخلاء ومحاولات التهجير    العراق: الإفراج عن باحثة مختطفة منذ 2023    "الشيخوخة الصحية" يلفت أنظار زوار فعالية العلاج الطبيعي بسيهات    إنقاذ حياة مواطنَيْن من تمزّق الحاجز البطيني    هل توقف العقوبات انتهاكات الاحتلال في غزة    الهجوم الإسرائيلي في قطر يفضح تقاعس واشنطن ويغضب الخليج    مُحافظ الطائف: الخطاب الملكي تجسيد رؤية القيادة لمستقبل المملكة    تعليم الطائف يعلن بدء استقبال طلبات إعادة شهادة الثانوية لعام 1447    فضيلة المستشار الشرعي بجازان: " ثمرة تماسك المجتمع تنمية الوطن وازدهاره"    البرامج الجامعية القصيرة تمهد لجيل من الكفاءات الصحية الشابة    أمير المدينة يلتقي العلماء والمشاركين في حلقة نقاش "المزارع الوقفية"    أحلام تبدأ بروفاتها المكثفة استعدادًا لحفلها في موسم جدة    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال الشورى في الدور التشريغي 9 اليوم    "التخصصي" يفتتح جناح الأعصاب الذكي    إنتاج أول فيلم رسوم بالذكاء الاصطناعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"النفط ليس عاملا رئيساً في الحرب على العراق"
نشر في الحياة يوم 11 - 10 - 2002

كنت قد قرأت المقال الذي كتبه الدكتور هنري توفيق عزام في "الحياة" السبت 5 تشرين الأول اكتوبر 2002 بعنوان "النفط عامل رئيسي في الحرب على العراق"، وأحببت أن أعقب على المقال لما فيه من أخطاء كثيرة تناقض مع الواقع العربي والأهداف الأميركية، لذلك أرجو نشر تعقيبي هذا كما ترونه مناسباً.
بدأ المقال بذكر أن موضوع زيادة اعتماد الولايات المتحدة على نفط الخليج لم يحظ باهتمام كبير من قبل القائمين على السياسة الأميركية حتى 11 أيلول سبتمبر 2002. وهو أمر خاطئ تماماً لأن هذا الاهتمام بدأ منذ خمسين عاماً تقريباً عندما قامت الولايات المتحدة بمناقشة الأمر في الكونغرس الذي أدى إلى إصدار قرار بتحديد كمية النفط التي يتم استيرادها شهرياً.
وتجدد اهتمام المسؤولين الأميركيين بالأمر بعد المقاطعة العربية النفطية التي فرضت على الولايات المتحدة عام 1973، الأمر الذي أدى إلى بناء خط أنابيب الاسكا، ما أضاف مليوني برميل يومياً إلى أسواق النفط الدولية. ثم تجدد الاهتمام مرة أخرى بعد الغزو العراقي للكويت، الأمر الذي أدى إلى تحويل واردات النفط من الشرق الأوسط إلى فنزويلا والمكسيك وكندا. ومما يناقض ما قاله السيد عزام أيضاً أن واردات النفط الأميركية من الشرق الأوسط زادت بعد أحداث أيلول، أضف إلى ذلك فإن الرئيس الأميركي جورج بوش أعلن عن استراتيجية الطاقة الجديدة عندما كان مرشحاً، أي قبل عام من أحداث أيلول. وتم الإعلان رسمياً عن الاستراتيجية في نيسان ابريل 2001، أي قبل 6 شهور من الأحداث، وتمت مناقشة الأمر في الكونغرس مرات عدة في العقدين الماضيين، واحتل الصفحات الأولى من الصحف لدرجة أن طلاب جامعة اوهايو تظاهروا مئات المرات ضد الموضوع.
ويستنتج المقال أن نجاح الرئيس بوش في تغيير النظام العراقي سيؤدي إلى فتح المجال أمام الشركات الأميركية للعمل في العراق والاستفادة من احتياطات نفطية ضخمة. كما يستنتج أن العراق سيصبح مصدر نفط أكثر أمناً للولايات المتحدة حيث ستتضاعف طاقته الانتاجية إلى ستة ملايين برميل خلال 6 سنوات! ويؤكد المقال على أن هذه الزيادة ستؤدي إلى ظهور فائض في الأسواق وستضعف من قدرة "أوبك" على التحكم في الأسعار!
إن هذه الاستنتاجات غير صحيحة ومتناقضة. فالهدف الرئيس لاستراتيجيات الطاقة خلال العقود الثلاثة الماضية، بما في ذلك استراتيجية بوش الجديدة، هو تنويع مصادر الطاقة وتعدد منابع النفط وتنويع مصادر الواردات. إن الاعتماد على النفط العراقي يتناقض مع كل هذه الأهداف! إن شركات النفط الأميركية شركات خاصة لن تقدم على أي عمل استثماري إلا إذا كان مربحاً، فهل يعقل أن تقوم هذه الشركات باستثمار بلايين الدولارات في العراق كي تنخفض أسعار النفط وتتلاشى هذه الأرباح؟ وهل يعقل أن يقوم العراق بزيادة طاقته الانتاجية بهذا الشكل من دون أن تقوم الدول المجاورة مثل إيران والكويت والسعودية بزيادة طاقتها الانتاجية أيضاً؟ الأمر الذي سيؤدي إلى انهيار أسعار النفط وخسارة أميركا لكل استثماراتها في العراق! وكيف سيكون العراق أكثر أمناً من المناطق العالمية الأخرى وهو بجوار سورية وإيران؟ وإذا كان الهدف هو التركيز على النفط العراقي بدلاً من النفط السعودي "غير الآمن"، كيف يمكن أن يتحقق الأمن في العراق إذا كانت السعودية غير آمنة؟
أضاف إلى ذلك أن العراق أعلن منذ نحو عشرة أيام أن العقود الموقعة بين الحكومة العراقية وشركات النفط الأميركية عام 1987 لا تزال سارية المفعول، وتشمل هذه العقود كل الشركات الأميركية النفطية الكبيرة. وهذا يعني أن الباب مفتوح أمام الشركات الأميركية للاستثمار في العراق إذا شاءت إدارة بوش ذلك، لكن الهدف ليس النفط.
إن النفط لا علاقة له بالهجوم الأميركي على العراق. إن تبني هذه الفكرة لا يخدم إلا المصالح الإسرائيلية، لأنه يمحو إسرائيل من الصورة تماماً، مع أنها المستفيد الوحيد من تدمير العراق. إن اعتماد الولايات المتحدة على النفط العراقي واستثمار الشركات الأميركية بلايين الدولارات في العراق يتناقض مع المصالح الإسرائيلية التي تتطلب وجود دول ضعيفة لها علاقة سيئة مع الولايات المتحدة. وحتى لو قامت الحكومة العراقية الجديدة بالتطبيع مع إسرائيل، فإن المصالح الإسرائيلية تتطلب وجود قطاع نفطي ضعيف يمنع تقوية الاقتصاد العراقي، وتدل على ذلك تجربتا الأردن ومصر. واستغربت من نظرية الدكتور عزام لأن الحل الأمثل لتوفير النفط بأسعار رخيصة لا يتطلب حرباً تكلف 100 بليون دولار وآلافاً من القتلى، لو كان الهدف هو النفط، فإن كل ما على بوش أن يقوم به هو أن يلغي العقوبات المفروضة على كل من إيران وليبيا والعراق والسودان ومانيمار. إن رفع الحظر عن استثمار الشركات الأجنبية في هذه الدول سيؤدي إلى الوصول إلى كل الأهداف المذكورة في استراتيجية بوش للطاقة، ومن دون اللجوء للحرب! إن الحرب على العراق لا علاقة لها بالنفط، وإلا كيف يمكننا أن نفسر الهجوم الذي شنه مستشارو الرئيس بوش الدينيون على الإسلام وكيف نفسر وقوف أغلب اليهود في الحزب الديموقراطي، وهم من المعادين لصناعة النفط وشركات النفط الأميركية، مع الرئيس بوش في حربه ضد العراق، على رغم معارضة قواعد الحزب وكثير من زعمائه للحرب؟ وكيف نفس وقوف الإعلام الأميركي الصهيوني المشهور بوقوفه ضد الجمهوريين، مع الجمهوريين في حربهم ضد العراق؟
وعلى رغم أن المقال تضمن ذكر البيانات التي تتعلق بواردات الولايات المتحدة النفطية من الخليج، إلا أنه لم ينتبه إلى حقيقة مهمة تناقض مقاله كله وهي أن واردات أميركا النفطية من العراق في فترة خصامها مع صدام حسين بلغت أضعاف الكميات التي استوردتها أميركا من العراق عندما كان صدام حسين حليفها! كيف تقوم أميركا بالاعتماد على نفط "غير آمن" بهذا الشكل؟ السبب بسيط، وهو أن الأسعار التي تدفعها أميركا ثمناً للنفط العراقي أقل من أسعار السوق بكثير. إن تغيير الحكومة العراقية سيؤدي إلى خسارة أميركا، خصوصاً أن الأسعار المنخفضة التي حصلت عليها كانت نتيجة العقوبات المفروضة التي ستلغى بمجرد تغيير الحكومة العراقية.
بقي أن نذكر نقطة أخيرة وهي أنه من وجهة نظر أميركية بحتة، فإن الوضع الحالي هو أفضل وضع بالنسبة إلى الولايات المتحدة لأنها لا تسيطر على النفط العراقي فقط، بل تسيطر على كل ايراداته، كما تسيطر على كل ما يشتريه العراق، وهي أمور لن تتحقق في حال تنصيب حكومة جديدة، لأن ذلك سيؤدي إلى إلغاء العقوبات على العراق من جهة، كما سيؤدي إلى انتهاء اتفاق "النفط مقابل الغذاء" الذي تسيطر أميركا من خلاله على النفط العراقي من جهة أخرى.
وفي الختام، ان تركيز الدكتور هنري على النفط يلغي دور اللوبي الصهيوني في الحرب الذي هدفه تدمير العراق، كما يلغي أهدافاً أخرى! إن قصر الحرب على النفط فقط يعطي الحق للشعب الأميركي في تأييده للحرب، لأنها تؤدي إلى حل مشاكل الطاقة الأميركية في هذه الحال، كما أنها ستودي إلى الضغط على دول "أوبك"، كما يقول الدكتور هنري! ثم يعارض الدكتور هنري نفسه مرة أخرى عندما يذكرنا كيف قامت دول "أوبك" بمساعدة أميركا أثناء حرب الخليج عندما زادت الانتاج حتى تنخفض أسعار النفط، إذاً لماذا تريد أن تضغط أميركا على "أوبك" إذا كانت "أوبك" تحقق لها ما تريد؟
* أستاذ اقتصادات الطاقة في جامعة أوهايو الولايات المتحدة
.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.