قصف الطيران الحربي الاسرائيلي ليل امس قطاع غزة، بعدما اتهم الرئيس جورج بوش الرئيس ياسر عرفات ب"تعزيز الارهاب" بسبب قضية سفينة الأسلحة. واعلن وزير الخارجية الأميركي كولن باول ان واشنطن تدرس "مجموعة من الخيارات" الديبلوماسية والسياسية، في ظل معلومات عن احتمال اغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن. وشهدت تل ابيب عملية استشهادية امس افاد "تلفزيون المنار" ان منفذها ينتمي الى حركة "الجهاد الاسلامي". وقال بوش خلال زيارته منطقة بورتلاند أن على عرفات "أن يبذل كل الجهود الممكنة للقضاء على الارهاب في الشرق الأوسط. ينبغي ازالة الارهاب للتوصل الى السلام". وزاد أثناء تفقده سفينة لخفر السواحل في بورتلاند ان "استقدام الأسلحة التي اعترضت على متن سفينة متوجهة الى هذه المنطقة من العالم، ليس وسيلة لمكافحة الارهاب بل لتعزيزه، وهذا يثير لدينا خيبة كبيرة". وقال باول في ختام لقاء مع وزير الخارجية في الحكومة الأفغانية عبدالله عبدالله ان واشنطن تنتظر من عرفات تحركاً "قوياً وحازماً لا عودة عنه" لوقف أعمال العنف ضد اسرائيل. وكان الوزير الأميركي شارك أمس في اجتماع مع نائب الرئيس دِك تشيني ومستشارة البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي كوندوليزا رايس ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، تناول الوضع في الشرق الأوسط. وشدد باول على ضرورة التحرك بحزم ضد المجموعات الفلسطينية الراديكالية، مطالباً عرفات بالقاء الضوء كاملاً على قضية سفينة الأسلحة التي اعترضتها اسرائيل مطلع الشهر الجاري. وزاد ان الرئيس الفلسطيني "يعرف ما عليه فعله"، مشيراً الى أن بوش بعث برسائل الى قادة السعودية والأردن ومصر ضمّنها "اثباتات" لمسؤولية السلطة الفلسطينية عن عملية تهريب الأسلحة. وأشار ديبلوماسيون في واشنطن الى ان ادارة بوش منحت عرفات فرصة حتى نهاية الشهر الجاري، عشية زيارة رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون العاصمة الأميركية قبل اتخاذ قرارات رئيسية. تزامن ذلك مع تمسك الاتحاد الأوروبي بعرفات ممثلاً للشعب الفلسطيني، والدعوة التي وجهتها لجنة القدس الى مجلس الأمن لارسال قوات دولية لحماية الشعب الفلسطيني. وسيعقد المجلس اجتماعاً للبحث في الملف الفلسطيني نهاية الشهر الجاري. وتواصل التدهور الأمني في الأراضي الفلسطينية حيث سقط خمسة شهداء، فيما نفذت عملية انتحارية في تل أبيب أسفرت عن جرح 30 اسرائيلياً راجع ص 4. وواضح ان غياب بدائل من عرفات على الساحة الفلسطينية ساهم في ثني الادارة الاميركية عن قطع العلاقات معه، والبحث في اجراءات عقابية بحق السلطة الفلسطينية لابقاء الضغط عليها من اجل ضبط الامن في مناطق سيطرتها ومن اجل استيعاب رئيس الوزراء الاسرائيلي. وقالت مصادر ديبلوماسية في واشنطن ان الادارة تتجه الى التشدد مع السلطة، لكنها لن تقطع علاقاتها مع عرفات، بعدما نجح باول في شرح خطورة وقف الاتصالات مع السلطة وما يمكن ان ينجم عنه من فراغ قد يساهم في تفاقم اعمال العنف ويؤدي الى انعكاسات سلبية على المنطقة. وعلى رغم اتجاه الادارة الى اعطاء فرصة لعرفات، يوجد اجماع على اتخاذ عقوبات بحق السلطة تهدف الى حضها على ضبط الأوضاع ومعاقبة المسؤولين عن اعمال العنف، واتخاذ اجراءات بحق المتورطين بشراء سفينة الأسلحة "كارين اي". وضمن الاجراءات التي تدرسها الادارة وضع بعض التنظيمات الفلسطينية الصغيرة على لائحة الارهاب، وتهديد منظمات اخرى قريبة الى عرفات باضافتها الى اللائحة. وتحاول الخارجية الاميركية استيعاب ضغط المتشددين في الادارة والكونغرس، من خلال اجراءات بحق السلطة تبدو ضغطاً على عرفات لوقف العنف، وفي الوقت ذاته الحفاظ على قدرة أميركا على التواصل مع الطرفين. واشارت المصادر الديبلوماسية الى ان دعوة واشنطن شارون والتي سيلبيها مطلع الشهر المقبل ستساعد الادارة على كسب مزيد من الوقت قبل ان يكون عليها اتخاذ مواقف رئيسية. ونقل التلفزيون الاسرائيلي عن اوساط سياسية ان زيارة شارون لواشنطن تندرج في اطار تنسيق المواقف اساساً من العراق ومن السلطة وعرفات، مضيفاً ان كلاً من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس حسني مبارك سيزور واشنطن في الفترة ذاتها للغرض نفسه. وفي مراكش، عقدت لجنة القدس اجتماعاً امس في غياب وزراء الخارجية العرب، وطالبت مجلس الامن بارسال قوات دولية "فوراً" الى الشرق الاوسط ل"حماية الشعب الفلسطيني"، و"حفاظاً على صدقية" المنظمة الدولية. وجاء في البيان الختامي الذي قرأه وزير الشؤون الخارجية المغربي محمد بن عيسى ان "على المجتمع الدولي ان يضطلع بمسؤولياته ويضغط على اسرائيل كي تسحب فوراً قواتها من الاراضي الفلسطينية". ودانت لجنة القدس التصعيد الاسرائيلي "الهمجي" ضد الفلسطينيين، ودعت الولاياتالمتحدة الى اتخاذ "اجراءات صارمة وفورية" والضغط على اسرائيل لوقف اعتداءاتها. كما طالبت بارسال مراقبين دوليين لمراقبة تطبيق خطتي "ميتشل" و"تينيت".