سقطت الاسهم في بورصة نيويورك امس الاثنين بعد افتتاحها للمرة الأولى منذ اسقاط برجي مركز التجارة العالمي الثلثاء الماضي. وعكس الانهيار التوتر والقلق من حال اللااستقرار عشية ضربة عسكرية تتوقعها الولاياتالمتحدة في مواجهتها "حرب الارهاب". وتدخلت الحكومة الاميركية قبيل افتتاح البورصة بإعلان الاحتياط الفيديرالي تخفيض نسبة الفائدة بنصف نقطة لطمأنة المستثمرين، لكن "الداوجونز" سقط بأكثر من 100 نقطة في غضون ساعة من الافتتاح وسط مشاعر وطنية. وافتتحت البورصة بعد دقيقتي صمت تلاها النشيد الوطني ثم ارتفعت الايدي تصفيقاً للحظة وبيعاً للاسهم فور بدء المقايضات. وبدا الانفصام بين مبنى البورصة في أقصى جزيرة مانهاتن وبين مبنى الاممالمتحدة في وسط المدينة، اذ خيم نوع من الشلل على أعمال المنظمة الدولية. وتساءلت مصادر مجلس الأمن ان كانت الولاياتالمتحدة ستطلب قراراً جديداً يخولها استخدام القوة العسكرية، واشارت الى ان القرار الذي أصدره المجلس الاسبوع الماضي اعرب عن الاستعداد "لاتخاذ كافة الخطوات اللازمة للرد على الهجمات الارهابية التي وقعت في 11 ايلول سبتمبر". وحسب برنامج عمل مجلس الأمن لهذا الاسبوع، أدرج موضوعا افغانستانوالعراق، قبل العمليات، وليس واضحاً ان كان هذان البندان سيصبحان مناسبة لطرح قرارات جديدة. ولفتت مصادر أميركية الى اجتماع من المقرر عقده في غضون عشرة أيام لمجموعة "6"2" وهي تضم الدول المجاورة لافغانستان وكلاً من الولاياتالمتحدة وروسيا. وقد يكون الاجتماع المتوقع عقده في الاممالمتحدة، والذي لم يتقرر بعد على أي مستوى سيعقد، مناسبة لأول لقاء مباشر يضم ايران وباكستان والدول الأربع الأخرى المجاورة مع الولاياتالمتحدة وروسيا. وأشارت هذه المصادر الى ان القرار الذي صدر عن مجلس الأمن الاسبوع الماضي تضمن الإشارة الى قرار يتعلق بأفغانستان وتضمن ايضاً التسليم "بالحق الأصيل الفردي والجماعي للدفاع عن النفس"، و"عقد العزم على ان يكافح بكل الوسائل التهديدات التي يتعرض لها السلام والأمن الدوليان نتيجة الاعمال الارهابية". واعتبرت ان لدى الولاياتالمتحدة كل ما تتطلبه لأنها "تنطلق من حق الدفاع عن النفس". ورأت هذه المصادر امكان التوجه الى مجلس الأمن لاتخاذ اجراءات اضافية بينها صلاحية دولية للرد، وبينها تأكيد النواحي المالية وتلك المتعلقة بالحدود في اطار تشديد الخناق على حركة الارهاب. وحسب مصادر أوروبية في مجلس الأمن، فإن الاكثرية في المجلس لا تتوقع ان تطلب الولاياتالمتحدة قراراً يعطيها صلاحية توجيه ضربة عسكرية "لأن في وسع الولاياتالمتحدة تفسير القرار الذي صدر بأنه ينطوي على صلاحية". وزادت المصادر "توقعاتنا ان تصبح الاممالمتحدة مهمشة اكثر مما كانت قبل العملية الارهابية". وتوجه الأمين العام كوفي انان من جامع الى كنيسة الى مركز أطفاء في المدينة مشجعاً على تجنب العقاب الجماعي، ومؤكداً الإدانة الدولية القاطعة للعمليات على واشنطنونيويورك وللارهاب كافة وناقلاً اجواء التضامن الى الشارع في نيويورك. وبقي مقر الاممالمتحدة في حال انعزال عن المدينة بسبب اغلاق الشوارع اليه خوفاً من عمليات ضده. العودة الى العمل وفيما عاد سكان نيويورك الى العمل امس الاثنين، رافقهم الخوف من عمليات اخرى مبيتة، وعبر كثيرون عن الاقتناع بأن لا بد ان عمليات خططت كموجة تالية لعمليات الطائرات الانتحارية الثلثاء الماضي، بصورة وفي أمكنة غير متوقعة. وازداد الشعور بحرب عسكرية مع تواتر الانباء بأن حكومة "طالبان" ترفض تسليم اسامة بن لادن، وفيما توجهت الانظار الى افغانستان ازدادت التساؤلات عن المواقع الأخرى التي تعد الولاياتالمتحدة لتوجيه ضربة عسكرية اليها، ومن ضمنها العراق. واستمرت امس، كما خلال العطلة الاسبوعية، مساعي قطع الطريق على تحميل كل العرب والمسلمين مسؤولية العمليات الارهابية التي قام بها افراد عرب ومسلمون. فارتفع صوت المؤذن الحاج أبو الرشيد في كنيسة "ريفرسايد" وعزف الموسيقي سيمون شاهين، فلسطيني الأصل الى جانب الموسيقيين الاميركيين. واهتم الاميركيون العرب والاميركيون المسلمون بإبراز وطنيتهم الاميركية. لكن المضايفات والخوف منها خيما على رغم تكرار المسؤولين الاميركيين الدعوة الى احترام الأصول العربية والمسلمة للمواطنين الاميركيين. وأمام كنيسة "سانت باتريك" في الشارع الخامس، حيث اكتظت الشوارع بحوالى ألفي شخص من كل عقيدة ولون، وقف مصري يبيع الماء والمأكل على "عربيات الأكل" التي يكثر عمل المصريين فيها. وأمام إلقاء التحية "السلام عليكم"، ارتجف وخاف لأنه عُرف بأنه مصري ومسلم. ماجد محمد، صاحب ثماني عربيات أكل، قال ان الموظفين معه لم يتعرضوا لأي مضايقات والشرطة تساعدنا بكل شيء، وتابع: "لو ضايقونا، حقهم ،بصراحة، حقهم لو وجهوا ضربة عسكرية اينما كان". واضاف انه "خائف بالطبع، خائف من تكرار العمليات. وأنا أتوقع خسارة الكثير من العلاقات الاجتماعية ولا أعرف ان كانت امامي الفرص ذاتها التي كانت متوافرة قبل العمليات كوني مسلماً وعربياً. وهذا شعور لدى كل العرب هنا".