كشف البنك الدولي عن انخفاض عملياته الاقراضية للدول العربية وايران في عامه المالي 2001 بنسبة تقترب من خمسين في المئة عن العام المالي الماضي، وعزا أحد كبار الخبراء الاستراتيجيين لدى المؤسسة الدولية السبب الى رغبة بعض الدول في ترشيد مديونياته الخارجية وتوافر بدائل اقتراض "أقل كلفة" للبعض الآخر. وأفاد البنك في تقرير أولي أصدره أول من أمس عن نشاطاته الاقراضية أن اجمالي خطوط الائتمان والقروض الميسرة التي التزمت المؤسسة تقديمها لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العام المالي المنتهي في 30 حزيران يونيو 2001 بلغ نحو 500 مليون دولار، ما شكل انخفاضاً بنسبة 47.4 في المئة عن العام المالي الماضي ويعتبر الانخفاض الحاد المسجل في حجم الاقراض الأول من نوعه في الأعوام الخمسة الماضية حين بلغ المتوسط السنوي لالتزامات البنك الدولي تجاه دول المنطقة نحو 1.4 بليون دولار وتراوح حجم هذه الالتزامات بين 950 مليون دولار بحدها الأدنى في العام المالي الماضي و1.672 بليون دولار بحدها الأقصى في العام المالي 1999. لكن كبير الخبراء الاستراتيجيين في البنك الدولي غسان الرفاعي أوضح ل"الحياة" أن أحد أسباب انخفاض الاقراض يعود الى التطور النوعي الذي حدث في العلاقات بين البنك والدول العربية في الأعوام القليلة الماضية، مشيراً الى أن الحكومات العربية تتجه الى اعطاء المساعدات الفنية والاستشارية التي يمكنها الحصول عليها من المؤسسة الدولية أولوية أعلى من الاقتراض. وقال الرفاعي: "ان عمليات الاقراض تراجعت في العام المالي 2001 لكنها عكست الحجم الحقيقي لمتطلبات الدول العربية من التمويل واتجاهها للتركيز على المساعدات الفنية والاستشارية اذ لم يحدث أن رفض البنك أياً من طلبات تمويل المشاريع الانمائية التي تلقاها من دول المنطقة". وأضاف: "لم تكن علاقاتنا مع الدول العربية أقوى مما هي عليه في الوقت الراهن". وعزا الرفاعي الأسباب الأخرى لانخفاض عمليات الاقراض الى أن الدول العربية التي تقترض من البنك الدولي تعمل على السيطرة على ديونها الخارجية ويتاح للبعض منها، لا سيما مصر، مصادر تمويل "أقل كلفة" في الدول الخليجية. يشار الى ان مصر التي يبلغ حجم ديونها للبنك 6.4 بليون دولار، لم تسجل عمليات اقتراض جديدة في العام المالي 2001. ورفعت أرقام العام المالي المشار اليه اجمالي حجم الاقتراض العربي من البنك الدولي الى نحو 32 بليون دولار من ضمنها 6.5 بليون دولار في الأعوام الستة الماضية، الا أن خبير المؤسسة الدولية امتدح الدول العربية لالتزامها الدقيق بخدمة ديونها مشيراً على وجه الخصوص الى استمرار نجاح الاتفاق الذي توصلت اليه الحكومة السورية مع البنك قبل عامين في ما يتعلق بمسألة المتأخرات. وترافق انخفاض حجم الاقراض لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع ارتفاع اجمالي قيمة اقراض البنك الدولي للدول النامية من 15.3 بليون دولار في العام المالي 2000 الى 17.3 بليون دولار في العام 2001 مسجلا زيادة بنسبة تناهز 13 في المئة. وانفردت منطقة أميركا الجنوبية والكاريبي بأكبر حصة من اقراض البنك الدولي بعدما ارتفع حجم قروضها الى 5.3 بليون دولار الا أن قيمة خطوط الائتمان والقروض الميسرة المقدمة للدول الافريقية ارتفعت الى 3.4 بليون دولار مسجلة زيادة بنسبة 65 في المئة، كذلك ارتفع حجم الاقراض لدول جنوب آسيا بنسبة مقاربة ليصل الى 3.2 بليون دولار. ورفعت مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك حجم القروض الميسرة التي تمنحها للدول الأكثر فقراً بنسبة 55 في المئة اذ مولت 126 مشروعاً بمبلغ 6.8 بليون دولار. وتركزت عمليات التمويل في مشاريع الحد من الفقر وانفردت منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 50 في المئة من هذه التمويلات.