تحتل أزمة الشرق الاوسط جزءاً كبيراً من اهتمامات وسائل الاعلام الأميركية التي تركز على الجانب الامني في ظل التصعيد الحالي. ومنذ اندلاع الانتفاضة تخصص الصحف اليومية الكبرى ونشرات الاخبار التلفزيونية صفحات وبرامج تتحدث فيها عن التطورات الامنية وما بقي من الاتصالات السياسية لمعالجة الوضع، مما يوحي بأن الرأي العام الاميركي اصبح يتمتع بفهم اكبر لما يحصل، وان الادارة مستعدة لأن تتدخل بفعالية أكبر مراعاة لاهتمام الرأي الاعلام. لكن هذا الاهتمام لم ينعكس ايجاباً على الرأي العام الاميركي لاسباب عدة، منها غياب وسائل التأثير العربية، اضافة الى فشل المؤسسات العربية الاميركية ليس في التعاطي مع الاوساط السياسية من البيت الابيض الى الكونغرس ووزارة الخارجية فحسب، بل في مخاطبة الرأي العام الاميركي على نحو بعيد عن الانفعال يسهل على الفرد الاميركي العادي معرفة ما يجري. وقد اجرت شبكة "سي ان ان/ يو اس توداي" استطلاعاً للرأي أظهر ان 41 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع يتعاطفون مع اسرائيل في مقابل 13 في المئة مع الفلسطينيين. واذا صحت هذه الارقام فإن ذلك يعكس خللاً كبيراً في عمل المؤسسات العربية واخفاقاً واضحاً للديبلوماسية العربية. وتكون بذلك كل الصور التي يبثها التلفزيون الاميركي وتظهر المعاناة الفلسطينية وقتل الاطفال وممارسات الاحتلال الاسرائيلي، والمقالات الطويلة في الصحف عن معاناة الفلسطينيين، قد فشلت في ان تترجم تعاطفاً مع قضيتهم لتتحول قوة ضغط على صانعي القرار في الولاياتالمتحدة. وأظهر الاستطلاع ان ثلثي المستطلعين لا يريدون ان تقوم بلادهم بدور اكثر فاعلية لايجاد حل ديبلوماسي للنزاع. ويقول جيمس زغبي رئيس المؤسسة العربية الاميركية ان هذه الارقام كانت متوقعة نتيجة ان الفلسطينيين لم يستطيعوا حتى الآن محو 50 سنة من آثار الرواية الاسرائيلية لطبيعة الصراع وكتابة التاريخ من وجهة النظر الاسرائيلية. واشار زغبي الذي تمول مؤسسته استطلاعات للرأي العام في الولاياتالمتحدة وتنشط في شرح وجهة النظر العربية انه لا توجد حتى الآن حملة من جانب العرب الاميركيين من أجل تصحيح الوضع، وان الدول العربية لا تتحرك من اجل التنسيق مع الصوت العربي الاميركي كما تفعل اسرائيل مع الجمعيات الاميركية اليهودية. ويضيف ان الساحة خالية لاسرائيل "كمباراة لكرة القدم يشارك فيها فريق واحد". وعن عدم اهتمام الرأي العام الاميركي بالتدخل لمعالجة الوضع يقول ان ادارة بوش نجحت في الشهور الستة الماضية في تحويل الانطباع الذي ساد طوال عهد كلينتون وهو ان حلاً للصراع ممكن وان هناك أملاً بتسوية، الى "انطباع بأنه لا يمكن التوصل الى حل ولا يوجد شيئ يمكننا عمله". ويقول احد العاملين في مجال العلاقات العامة في واشنطن رفض ذكر اسمه ان اخفاق العرب في التأثير في الرأي العام الاميركي هو عدم التحدث بلغة واحدة، اضافة الى صرف امكاناتهم في واشنطن على شركات علاقات عامة كبرى من اجل تحديد مواعيد مع مسؤولين اميركيين كبار من اجل الصور التذكارية! وبعيداً عن التأثير الاسرائيلي والجمعيات اليهودية الاميركية الواسعة النفوذ وما تقوم به من اجل تسويق الرواية الاسرائيلية للرأي العام الاميركي، فإن أوساطاً أميركية عدة تعتقد بأن "الهجمات التي تعرضت لها مصالح بلادهم سواء في الخليج او افريقيا ودعوات اسامة ابن لادن الى ضرب هذه المصالح تركت انطباعاً لدى المواطن الاميركي العادي بأن اسرائيل والولاياتالمتحدة في خندق واحد في مواجهة التطرف في المنطقة، وان الفلسطينيين والعرب والمتطرفين الاسلاميين لديهم استراتيجية واحدة لطرد الغرب وتدمير الكيان اليهودي"! وليس هناك في الجانب العربي من يرد ويشرح!