لم يصمد الاتفاق الذي توصل إليه وزير الخارجية الأميركي كولن باول يوماً واحداً؟ فالمواجهات بين الجيش الإسرائيلي لم تتوقف، وأسفرت أمس عن اصابة 34 فلسطينياً بجروح، وأعلنت تل أبيب أن قذائف الهاون تساقطت على المستوطنات في غزة، معتبرة ذلك خرقاً للهدنة المعلنة. لكن مديرية الأمن الفلسطينية نفت ذلك واعتبرته جزءاً من الحرب الإعلامية. وطالب وزير الإعلام الفلسطينية ياسر عبد ربه الولاياتالمتحدة للتدخل من جديد من أجل وضع حد لهذه "اللعبة الغبية" وتحديد ما تعنيه بأسبوع التهدئة لا أن تترك لإسرائيل تعريف ذلك. القدسالمحتلة - رويترز، أ ف ب، أ ب - بعد ساعات من مغادرة وزير الخارجية الأميركي كولن باول الشرق الأوسط، بدأ خلاف بين الفلسطينيين وإسرائيل على الاتفاق الذي أبرمه الوزير الأميركي. وحصلت مواجهات راح ضحيتها 34 جريحاً فلسطينياً. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون اتفق والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات خلال محادثات منفصلة مع باول الخميس على أن تسود فترة من الهدوء تستمر سبعة أيام، قبل أن تبدأ فترة التهدئة في إطار الهدنة التي رعتها الولاياتالمتحدة، الرامية إلى وقف أعمال العنف المستمرة منذ تسعة شهور. ولكن متى تبدأ فترة الهدوء التي مدتها سبعة أيام، وما هو تعريف الهدوء؟ قال الفلسطينيون إن العد التنازلي بدأ أمس، ولكن إسرائيل أعلنت أن قذائف الهاون التي اطلقت على مستوطنات يهودية في غزة أمس تعني أن عقارب الساعة ما زالت متوقفة. وبما أن باول لم يحدد متى تبدأ فترة الهدوء، وما تعريفه، فإن الجدل بين الطرفين سيستمر وكذلك المواجهات. وقال مسؤول رفيع في الخارجية الأميركية إن "اطلاق النار أو القصف" سيعيد الطرفين إلى خط البداية. أما وزير الإعلام الفلسطيني ياسر عبد ربه فصرح أنه في حيرة من أمره وأنه لا يعرف المقصود بالهدوء. وأضاف ان الفلسطينيين "لن يلعبوا هذه اللعبة"، وأنه سيكون أمام الإسرائيليين فرصة كي يلعبوا كل الألعاب الآن. وحمل الولاياتالمتحدة مسؤولية وضع حد لهذه "اللعبة الغبية" ولذلك يتعين عليها التدخل. ولكن بعد شهور من النزاع ومع إعلان الجانبين أن وقف النار الذي رعاه جورج تينيت مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لم ينجح، فمن الصعب الوصول إلى اتفاق على فترة الاختبار التي يفترض أن تستمر سبعة أيام. وقال ريوفين حزان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية، إن "ترك الأمر للجانبين كي يقررا ذلك أمر غريب جداً، لأن من المفترض بالولاياتالمتحدة أن تكون وسيطاً". وأضاف: "لا أفهم شيئاً مما يقوم به باول... لا توجد سياسة أميركية... ما زالوا لا يعلمون ما يفعلونه في الشرق الأوسط". وأشار إلى أنه حين احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة لم يكن هناك عنف. وتابع ان "ارهابياً مجنوناً أو ارهابيين" قد يسببان انهيار الهدنة. ربما اراد الأميركيون ان يتركوا للجانبين مسألة الاتفاق على تعريف لليوم الهادئ، لأنه ليس من الممكن الوصول إلى هدوء تام". ولكن دوري غولد، مستشار شارون، قال إن إسرائيل لن ترضى بأقل من الوقف التام للعنف. وأوضح: "عندما نتحدث عن وقف النار فمن الصعب تخيل ذلك مع استمرار قصف الهاون ضد التجمعات السكنية والمستوطنات الإسرائيلية". ووافق باول على مطلب شارون بأن يكون هناك وقف تام للعنف بعد أن أعطى الفلسطينيين حافزاً من خلال الموافقة على استدعاء مراقبين للاشراف على الهدنة، لكنه عاد وتراجع عن ذلك. وأضاف حزان: "نحن شوكة في جانب بوش... شوكة أراد تجنبها، ولكنه تعلم أنه لا يقوى على ذلك، والآن عليه أن يتعلم كيف يتعامل مع هذه الشوكة". إلى ذلك، أصيب 34 فلسطينياً على الأقل بالرصاص أمس، معظمهم خلال مواجهات مع جنود اسرائيليين في الأراضي الفلسطينية. وقالت مصادر طبية فلسطينية إن اربعة أصيبوا بالرصاص المغلف بالمطاط، فيما اصيب خامس بجروح برصاصة حية في يده خلال مواجهات في محيط البيرة اندلعت بعد مسيرة في رام الله تظاهر خلالها نحو ألف فلسطيني، مرددين شعارات وطنية ورافعين اعلاما عراقية. وفي الخضر قرب بيت لحم، اصيب اربعة فلسطينيين برصاص مطاط خلال مواجهات انفجرت خلالها عبوة يدوية قرب آلية عسكرية اسرائيلية. وفي الخليل، افاد ناطق عسكري ان "حرس حدود" اسرائيليين رشقوا بثماني زجاجات حارقة ما اسفر عن جرح احدهم. ومن الجانب الفلسطيني، اوقعت المواجهات جريحين اصابتهما طفيفة بينهم طفل، كذلك اصيب مصور فلسطيني يعمل لوكالة انباء دولية بجروح في رشق حجارة. واصيب 16 فلسطينيا آخر بجروح خلال حوادث سجلت في مناطق اخرى في الضفة، خصوصا قرب مدينة طولكرم. واعلنت الاذاعة الاسرائيلية ان الشرطة أطلقت امس ابن امين سر حركة "فتح" في الضفة مروان البرغوثي الذي اعتقل الخميس بينما كان يرشق جنودا اسرائيليين بالحجارة شمال رام الله. وكان قاسم البرغوثي 13 سنة اعتقل قرب قرية سردا وحاول اخفاء هويته ليعود فيكشفها خلال التحقيق معه. وفي قطاع غزة، افادت مصادر طبية وشهود ان خمسة فلسطينيين اصيبوا بجروح بشظايا قذيفة اسرائيلية قرب مستوطنة "جاني طال" في خان يونس جنوب قطاع غزة، جروح ثلاثة منهم خطيرة. واشارت الى ان "اثنين من الجرحى بترت ايديهم وارجلهم اضافة الى الشظايا في انحاء الجسم". وكانت مصادر عسكرية اسرائيلية افادت ان فلسطينيين اطلقوا ست قذائف "هاون" ليل الخميس - الجمعة وصباح امس باتجاه مستوطنتين في جنوب قطاع غزة من دون تسجيل وقوع اصابات. واضافت ان خمس قذائف اصابت مستوطنة "جديد" بينما سقطت القذيفة السادسة في مستوطنة "نتساريم". كذلك افادت مصادر طبية فلسطينية ان طفلا اصيب برصاص الجيش خلال مروره مع والده عند مفترق الشهداء قرب مستوطنة نتساريم من دون وقوع اي احداث او مواجهات في المنطقة. واكدت "ان الطفل احمد عمران الزهار 8 سنوات اصيب برصاصة من النوع الحي اطلقها جنود الاحتلال خلال مروره مع والده متوجها الى مسجد المغراقة لاداء صلاة ظهر الجمعة".