روما - "الحياة" -كشفت الحملة الانتخابية النيابية الحالية في روما والمقررة يوم 13 ايار مايو المقبل، أن نسبة كبيرة من الشباب الايطالي، لا يكترثون بوجود اية فوارق بين يمين معارض او يسار حاكم او العكس في الحياة السياسية. فقد ضاق التمايز بينهما، اذ اصبحت المواجهة بين التكتلين مبارزة شخصية بين ممثل اليسار فرانشيسكو روتيللي الذي يمثل ائتلاف يسار الوسط قطب الزيتون وزعيم اليمين سيلفيو بيرلوسكوني الذي يقود تحالف احزاب اليمين بيت الحرية. وانعكس ذلك الصراع على الشبيبة الايطالية التي بدأت ترفض علانية السياسة والسياسيين ومواقفهم ومزايداتهم. فقد نشرت وسائل الاعلام أخيراً نتائج استطلاعات للرأي قام بها معهد الابحاث الوطني، وبينت أن 65 في المئة من الطلبة الذين يقفون خارج التنظيمات الطلابية اليسارية او اليمينية او ينتمون اليها في الجامعات الايطالية التي يتجاوز عددها اكثر من خمسين جامعة، لا يرغبون الحديث عن الاوضاع السياسية ويعتبرونها وصلت الى مرحلة التعقيد والتكرار والوعود الكاذبة، وان 36 في المئة من الطلبة لا يتحدثون في السياسة على الاطلاق، وان 30 في المئة منهم يتحدث من حين الى آخر، وان العائلة الايطالية التي كانت السياسة احد اهم شواغلها تخلو جلساتها هذه الايام تماماً من الحديث في هذا الشأن الذي تعتبره "موجعاً للرأس". وبينت الاستطلاعات التي اجريت على عشرين ألف عائلة يبلغ عدد افرادها نحو 60 ألف شخص، أن 30 في المئة من الشباب الايطالي يعيرون بعض الاهتمام للشأن السياسي مرة او اكثر خلال الاسبوع الواحد. يقول شاب ايطالي: "السياسة اصبحت معقدة وبعيدة من الحياة اليومية الحقيقية التي يعيشها الناس، اما الزعماء فكل واحد منهم يركض لتحقيق طموحاته الشخصية لنفسه". ففي هذا البلد توجد اعلى نسبة من التضخم والبطالة. والغلاء والجوع هما ضريبة سياسات التقشف التي تتبعها الحكومات التي تجيء الواحدة تلو الاخرى تحت واجهات سياسية تختلف ألوانها وتتقارب برامجها في فرض ضرائب جديدة واستحداث حالات شد الاحزمة على البطون باسم التقشف المطلوب لمواصلة اللحاق بالمجموعة الاوروبية. اكثر من ثلاثة ملايين شاب عاطل من العمل تقل اعمارهم عن 30 عاماً، فيما تقذف الجامعات سنوياً بمئات الألوف من الخريجين العاطلين. وهناك فضائح ورشاوى في سدة النظام منذ قيام الجمهورية عام 1946، واضرابات عمالية وحكومات تتبدل بسرعة تقلبات الجو، ثم مافيا وجنس ورشاوى واختلاسات، وأشهر السرقات، وجماعات التطرف اليميني واليساري، ويضاف الى ذلك كله مسلسل الاختطافات، في هذا البلد الذي يعتبر الجناح الجنوبي للحلف الاطلسي ومخفر حدوده المتقدم في البحر الابيض المتوسط، وجسره للعبور الى الشرق الاوسط". ويقول الشاب ماريو بيكوريلو من جامعة سابينسا في روما - قسم التربية وعلم النفس: "البطالة والضياع والفراغ وإدمان المخدرات تجعل من السهل دفع الكثير من الشباب الى احضان التطرف والارهاب، وعصابات الاجرام المنظم. فجيلنا الذي يتحدث بلغة التكنولوجيا ويتابع اخبار العالم من طريق شبكات الانترنت، هو الاولى بالرعاية لتحديث تعليمه وانماء شخصيته ومواكبة ما يطلقون عليه "عصر العولمة"، الا انهم يتشاجرون في ما بينهم من اجل الجلوس على كراسي مجلسي النواب والشيوخ. حكومات اليسار الاربع المتعاقبة التي حكمت البلاد منذ عام 1996 والى الآن ماذا حققت للناس سوى الدخول اليتيم الى قطار اليورو الاوروبي، وفرض ضرائب جديدة هي ثمن دخولنا هذا القطار المتداعي. جدل سياسي وائتلاف يطلق على نفسه "يسار" لم يستطع فرض نظام الاعانة الاجتماعية كما هو معمول به في عموم دول الاتحاد الاوروبي". الطالبة الجامعية ليليانا دروسيني من قسم علم الاجتماع في جامعة المعرفة - روما تقول: "معظم الذين كتبوا او تحدثوا من كل المرشحين على قوائم اليمين واليسار يعلنون ليلاً ونهاراً برامجهم التي لا تعني الا افراد عشائرهم الحزبية.