نائب أمير الرياض يستقبل سفير إندونيسيا    «محمية عبدالعزيز بن محمد».. استعادة المراعي وتعزيز التنوع    27.7 مليار ريال إيرادات شركة الكهرباء    7.2 مليارات ريال قيمة اكتتابات السعودية خلال 90 يوما    تمويل جديد لدعم موسم صرام التمور    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    نائب أمير الشرقية يتسلم تقرير "الوقف البلدي"    شحنات النفط السعودي للصين تنخفض ل43 مليون برميل في سبتمبر    ثقب أسود هائل يدهش العلماء    مخلوق نادر يظهر مجددا    تحديات وإصلاحات GPT-5    سيناريوهات مروعة في غزة    "فهد بن جلوي"يترأس وفد المملكة في عمومية البارالمبي الآسيوي    القيادة تهنئ رئيس تشاد بذكرى بلاده    بطولة الماسترز للسنوكر.. أرقام استثنائية وإشادات عالمية بالتنظيم    "هلال جازان الأحمر" الأول بمؤشرات المستفيد    تخصيص خطبة الجمعة عن بر الوالدين    أخطاء تحول الشاي إلى سم    موقف استئناف الهلال بشأن عقوبات الانسحاب من كأس السوبر السعودي    نونيز ينسجم سريعًا مع «الزعيم»    رئيس البرلمان العربي يرحب بإعلان رئيس وزراء أستراليا عزم بلاده الاعتراف بالدولة الفلسطينية    واشنطن تعمل على ترتيب اجتماع بين ترمب وبوتين وزيلينسكي    اكتشافات أثرية جديدة القرينة    لجنة التحكيم بمسابقة الملك عبدالعزيز تستمع لتلاوات 18 متسابقًا    كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025| الهولندي ManuBachoore يحرز لقب EA SportFC 25    340 طالبا وطالبة مستفيدون من برنامج الحقيبة المدرسية بالمزاحمية    إنقاذ مقيمة عشرينية باستئصال ورم نادر من فكها بالخرج    فريق طبي سعودي يجري أول زراعة لغرسة قوقعة صناعية ذكية    قرعة دوري أبطال الخليج تضع الشباب في المجموعة الثانية مع الريان القطري    "المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور" منصة عالمية للشراكات الإستراتيجية    ملتقى أقرأ الإثرائي يستعرض أدوات الذكاء الاصطناعي وفن المناظرة    البركة الخيرية تواصل دعم الهجر وتوزع السلال الغذائية والأجهزة في هجرة الوسيع    الدمام تستعد لزراعة 100 ألف شجرة باستخدام المياه المعالجة ثلاثياً بالربع الأخير من 2025    أخصائي نفسي: نكد الزوجة يدفع الزوج لزيادة ساعات العمل 15%    بدء استقبال الترشيحات لجائزة مكة للتميز في دورتها السابعة عشرة    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة قاع الثور    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر البلوي الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى    قررت الانسحاب من مفاوضات باريس المرتقبة.. دمشق ترفض مخرجات مؤتمر الحسكة    سعود بن بندر يستقبل مدير فرع رئاسة الإفتاء في الشرقية    أخبار وأرقام    شدد الإجراءات الأمنية وسط توترات سياسية.. الجيش اللبناني يغلق مداخل الضاحية    عبر 4 فرق من المرحلتين المتوسطة والثانوية.. طلاب السعودية ينافسون 40 فريقاً بأولمبياد المواصفات    رانيا منصور تصور مشاهدها في «وتر حساس 2»    كشف قواعد ترشيح السعودية لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم    النيابة العامة: رقابة وتفتيش على السجون ودور التوقيف    «منارة العلا» ترصد عجائب الفضاء    إطلاق مبادرة نقل المتوفين من وإلى بريدة مجاناً    ثمن جهود المملكة في تعزيز قيم الوسطية.. البدير: القرآن الكريم سبيل النجاة للأمة    منى العجمي.. ثاني امرأة في منصب المتحدث باسم التعليم    تشغيل مركز الأطراف الصناعية في سيؤون.. مركز الملك سلمان يوزع سلالاً غذائية في درعا والبقاع    نائب وزير الخارجية ومسؤولة أمريكية يستعرضان العلاقات الثنائية    ضمادة ذكية تسرع التئام جروح مرضى السكري    مجمع الملك عبدالله الطبي ينجح في استئصال ورم نادر عالي الخطورة أسفل قلب مريض بجدة    نائب أمير جازان يزور نادي منسوبي وزارة الداخلية في المنطقة    جمعية "نبض العطاء بجليل" تطلق مبادرة أداء مناسك العمرة    القيادة تعزّي رئيس غانا في وفاة وزير الدفاع ووزير البيئة ومسؤولين إثر حادث تحطم مروحية عسكرية    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصري محمد مستجاب يواصل "مستجابياته". عنجهية الراوي أفقدت الحكاية الشعبية ... حيويتها
نشر في الحياة يوم 29 - 11 - 2001

يعد محمد مستجاب من الكُتاب الذين لا يخطئ القارئ في معرفة اسلوبهم من الجملة الأولى. فهو الساخر والحكاء والمستبطن للأمور. وهو شاعر الربابة الجوال في كل الأقاليم يعزف على ربابته ملاحم السخرية من الأوضاع الاجتماعية المؤلمة.
وهو المنحاز دائماً الى المهمشين وصاحب "بوابة جبر الخواطر" و"حرق الدم" و"قيام وانهيار آل مستجاب" وصاحب "التاريخ السري لنعمان عبدالحافظ" روايته الأولى، وقد انتظر الكثيرون جزءاً ثانياً لها، لكنه فاجأ الجميع بروايته التي صدرت حديثاً عن الهيئة العامة لقصور الثقافة - سلسلة أصوات أدبية - بعنوان "إنه الرابع من آل مستجاب" وفيها يكمل ما بدأه في مجموعته القصصية "قيام وانهيار آل مستجاب" من حس ساخر ورؤية فانتازية للموروث الثقافي ورمزية سياسية تنتقد الدكتاتورية.
رواية "مستجاب الرابع" تدور في إطارها الكلي حول بدوي رأى في المنام أنه يذبح ابنه، ولكن ما إن يمتثل للأمر حتى يفاجأ أن لا ولد له، فقد رحلت كل زوجاته بعد معاشرته بيومين أو ثلاثة على الأكثر.
ولم يعرف المستجابيون السر إلا بعدما تزوج بنتاً من الفلاحين يرعاها عمها بالكاد. فحين هربت ذهبوا جميعاً كي يعيدوها وليعاقبوها بطريقتهم. لكنها قطعت عليهم مشاوراتهم وأعلنت السر بأن عفونته لا تطاق، ومن ثم قال لها كبيرهم: "اذهبي الله يستر عليك". هذه الزوجة التي تعود إليها الأحداث في نهاية الرواية حين يخرج "الرابع" بقومه ليبحثوا عن زوجاته فربما يجد ابنه الذي أُمر بأن يذبحه فيجدها انجبت ابناً والابن انجب أولاداً كثيرين حتى إن واحداً منهم يرفض الأمر برمته ويسخر منهم. لكن والده - الذبيح - يصفعه ويمتثل لأمر والده الذي يشير عليه حكماء القوم بوضع كبشٍ إلى جانبه ثم يذبح الكبش بدلاً منه. هذا الإطار العام الذي لا يخرج عن القصة المعروفة سوى بفانتازيا ساخرة صنعها الكاتب حول مستجاب الرابع ذي الرائحة العفنة والذي يلتصق بزوجاته مثلما تلتصق الكلاب أثناء الجماع.
فانتازيا لا تكاد تخلو صفحة من الصفحات المئة - عدد صفحات الرواية - منها، حيث المشاهد المتواترة كالمحفة التي حمل عليها "الرابع" وتسميتها بالعرش ثم العُريش. ومشهد سقوط الرابع عن جواده، وإمساكه بالسكين وهو على المحفة، والاختلاف في إمكان الذبح بالسكين أم السيف وأيهما شرعي، معتمداً طوال السرد تيمة الراوي العليم والمبين للأمور كلها. فيقول دعك من كذا فلم يرد سوى كذا، ومستجاب الفلاني الذي قام بكذا لا نعرف ترتيبه في آل مستجاب، وهكذا... هذه التيمة التي جعلته أقرب الى الشعراء الجوالين بين القرى يحكون السير الشعبية كأبي زيد الهلالي، أو الظاهر بيبرس أو عنترة.
وإذا دققنا قليلاً في العمل الذي لا يزيد على قصة قصيرة طوّلها الكاتب قسراً سنجد أنه لم يضف شيئاً إلى القارئ، فعلى مستوى الأسلوب والسخرية البلاغية المصنوعة بفانتازيا صاخبة، سنجد الاسلوب نفسه الذي اعتدناه من مستجاب حتى أنه جعله مجانياً من كثرة استخدامه في مقالاته وزواياه في الجرائد والمجلات، ومن حيث المحاورة الثقافية مع التراث سنجده لم يختلف معه ولم ينتقده.
فقط جعله مطية لما اعتدناه من حس ساخر لديه، حتى إنه أفقد القصة التي كان يمكن أن يتناولها بفنية مكثفة - ابراهيم واسماعيل - مثلما تناول في "قيام وانهيار آل مستجاب" قصة سليمان وبلقيس، فجاء العمل حافلاً بالحكي والسرد الزائد الذي لا يهدف إلى شيء سوى السخرية والفانتازيا وق وقعتا في المجانية وبلا هدف فني.
يبقى أن نشير إلى أن تيمة الراوي العليم بالأحداث والمتعالي عليها أحياناً أفقدت العمل الكثير من الحيوية التي كان يجب أن تنبع من درامية البحث عن الزوجات ثم الابن ومشهد القتل الذي جاء فاتراً لأنه لم يخرج عن النص الأساس قيد شعرة سوى أنسنته وانزاله من قداسته الى الواقع الآدمي.
لا أدري ما الذي أراد أن يخرج به مستجاب بعد روايته الأولى "التاريخ السري" والتي كان الجميع ينتظر جزءها الثاني بعد ما احدثت من جدل فني. ونرجو ألا يعدد أحدنا مقالات مستجاب التي صدرت في كتب ك"نبش الغراب" أو "بوابة جبر الخواطر" وغيرها، فإن نكتسب كاتباً مبدعاً خير من هذا كله.
ولعل لجوء محمد مستجاب الى مثل هذه الاجواء الطريفة والفنتازية استطاع ان يعوض عن تلك الهنات الصغيرة التي اعترت الرواية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.