اعتبر وزير التخطيط والتعاون الدولي في السلطة الفلسطينية الدكتور نبيل شعث ان نتائج اجتماعه مع وزير الخارجية البريطاني روبن كوك صباح أمس في لندن، كانت ايجابية. وذكر أنه تلقى وعداً من كوك بأن لا يؤدي أي موقف بريطاني إلى المساس بقرار قمة برلين الأوروبية التي أيدت حق تقرير المصير للفلسطينيين، واعتبرت ان هذا الحق يتضمن انشاء دولة مستقلة. وكان شعث وصل لندن في وقت مبكر، واجتمع مع كوك، وعقد مؤتمراً صحافياً، وغادر إلى باريس ليلتقي مع وزير خارجية فرنسا هوبير فيدرين ليلخص معه، كما قال، حصيلة اللقاء مع 12 وزير خارجية أوروبياً، تباحث معهم في شأن الموقف من إعلان الدولة الفلسطينية، وفي شأن المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، باعتبار أن فرنسا رئيسة الاتحاد الأوروبي الآن. وحضر اللقاء بين شعث وكوك وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية بيتر هين والسفير الفلسطيني عفيف صافية، ومسؤولون آخرون من قسم الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية. وقال شعث ل"الحياة" إن البحث تركز على ثلاث قضايا هي: مفاوضات قمة كامب ديفيد وما بعدها، و"المبادرة" المصرية الحالية، والموقف من إعلان الدولة الفلسطينية. وأوضح أنه طلب من كوك أن يكون المعيار البريطاني، وكذلك المعيار الأوروبي في الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية، في تقرير ووصف من هو المعتدل ومن هو غير المعتدل في المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، وهو قرار الشرعية الدولية الرقم 242، وان من يطالب بتنفيذ القرار هو المعتدل، ومن يريد الخروج عليه هو غير المعتدل، والا تحول الموقف البريطاني والأوروبي إلى تأييد لسلطة الاحتلال. وأضاف انه أوضح للمسؤول البريطاني ان التزام إسرائيل بالقرار 242 يحسم العديد من القضايا وليس قضية القدس فقط، فهو يحسم قضية الانسحاب، كما يحسم حتى قضية اللاجئين التي يتعامل معها القرار 242، والتي لا بد أن تحال إلى القرار 194 الذي ينص على حق العودة. وأكد ل"الحياة" أنه أوضح لكوك أن هذا هو الدعم الذي يريده الفلسطينيون من أوروبا. وقال إنه أبدى ترحيب السلطة الفلسطينية بأي دور بريطاني يسهم في تحريك المفاوضات، ولكنه لفت النظر إلى ضيق الوقت، واقترح تنسيقاً بريطانياً مع الجهود المصرية، ووافق كوك على ذلك. وبصدد موضوع إعلان الدولة الفلسطينية، قال شعث إنه شرح للمسؤولين البريطانيين وجهة النظر الفلسطينية، حول الفارق الكبير بين موقف يدعو الفلسطينيين إلى عدم القيام بتصرف من جانب واحد، وبين نصيحة توجه لهم بتأجيل إعلان الدولة الفلسطينية لمدة زمنية محددة، قائلاً إن "الموقف المطالب بعدم الانفراد يفقد الفلسطينيين الحق بالاستقلال عن الاحتلال، كما أنه يدمر جوهر القرار الأوروبي في قمة برلين، فيما يمكن للفلسطينيين أن يتقبلوا نصيحة التوقيت باعتبارها نصيحة تكتيكية لا تمس حقهم بتقرير المصير". وأضاف انه تمنى على كوك أن لا يتجه الموقف البريطاني نحو تبني صيغة عدم جواز إعلان الدولة الفلسطينية من طرف واحد "لأن ذلك يدمر حقنا ويدمر قرار قمة برلين". وقال إن كوك وعده بأن لا يُضار قرار برلين. وذكر شعث أنه شرح لكوك مطولاً ما دار في كامب ديفيد حول موضوع عودة اللاجئين، وأن من غير الممكن إعلان إنهاء النزاع مع إسرائيل وإعلان إنهاء المطالبات الفردية إلا بحق العودة، وبشرط أن يترجم عملياً بصيغة تعطيه الصدقية. وشرح أيضاً النقاش الذي دار حول التعويض، وكيف ان التعويض ليس مطروحاً لمن لا يريد العودة فقط، بل لكل من خسر أو تضرر ويريد العودة. من جانبها، أعربت الحكومة البريطانية أمس عن مساندتها للجهود المبذولة حالياً لتحقيق تسوية للمشاكل العالقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بغية التوصل إلى اتفاق بينهما على قضايا المرحلة النهائية. وأكدت وزارة الخارجية البريطانية ان بريطانيا تشجع الجانبين على التوصل إلى اتفاق، خصوصاً لأن عملية السلام تمر حالياً في وضع حرج وقد أصبح عامل الوقت ملحاً في هذا الشأن. وبالنسبة إلى موضوع إعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد، رفضت وزارة الخارجية أن تفصح عن موقفها بشكل مباشر، إلا أن مسؤولين بريطانيين أعربوا من خلال عبارات ديبلوماسية مدروسة أن بريطانيا ترى أهمية أن يأتي هذا التطور المهم من خلال تسوية عن طريق التفاوض بين الجانبين، ومن خلال الاتفاق بينهما من دون اللجوء إلى اجراءات أحادية، خصوصاً لأن رد الفعل الإسرائيلي قد يؤدي إلى تعقيد الموقف والحيلولة دون الوصول في النهاية إلى الاتفاق المطلوب. وكانت بريطانيا نصحت في السابق القيادة الفلسطينية بعدم التسرع في إعلان الدولة من جانب واحد، وترى أن هذا هو موقف دول الاتحاد الأوروبي الذي تم ابلاغه للسلطة الفلسطينية، لكن بريطانيا تؤكد أيضاً أن إعلان قمة برلين لدول الاتحاد الأوروبي يؤيد قيام الدولة الفلسطينية المستقلة. وفي تطور آخر، ينتظر أن يجري وزير الخارجية الإسرائيلي بالوكالة شلومو بن عامي محادثات في لندن الثلثاء المقبل مع وزير الخارجية البريطاني، ستتركز على الجهود المبذولة حالياً للتغلب على العقبات القائمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وعرض وجهة النظر الإسرائيلية في هذا الشأن في ضوء نتائج قمة كامب ديفيد. وتقول مصادر ديبلوماسية مطلعة ان بن عامي سيثير مع كوك المخاوف الإسرائيلية من إعلان الفلسطينيين قيام الدولة الفلسطينية من جانب واحد في 13 أيلول سبتمبر المقبل. وزعمت صحيفة "جويش كرونيكل"، الناطقة باسم الطائفة اليهودية في بريطانيا، ان بن عامي سيطلب من كوك أن يوضح للفلسطينيين النتائج التي سيكون لها "وقع الكارثة" المترتبة على مثل هذا الإعلان الفلسطيني، كما سيحض الوزير الإسرائيلي كوك على أن يطلب من الفلسطينيين اظهار ما سماه ب"المرونة" في مفاوضات السلام. وسيكرر كوك ما ذكره لشعث بشأن أهمية التوصل إلى اتفاق قريباً، كما تقول وزارة الخارجية البريطانية، لأن عامل الوقت أصبح ملحاً. وستأتي زيارة بن عامي إلى لندن في إطار جولة أوروبية تشمل قبل ذلك زيارة باريس. وبعد لندن سيزور المانيا. وترى إسرائيل أن الدور الأوروبي في عملية السلام سيبرز بعد التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين، خصوصاً بالنسبة لتقديم الدعم الاقتصادي للسلطة الوطنية، وعلى العكس من ذلك، فإن الفلسطينيين يطالبون بدور أوروبي أكبر خلال هذه المرحلة الدقيقة من المفاوضات، وهذا هو ما نقله شعث إلى كوك أمس. ومن جانبها، تؤكد وزارة الخارجية البريطانية ان الاجتماع بين كوك وشعث، وكذلك المحادثات المقبلة مع بن عامي، تأتي في إطار جهود لندن الرامية إلى تشجيع الطرفين على التوصل إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن والتغلب على الخلافات القائمة بينهما في "الإطار الزمني الضيق المتاح" الآن