ما ان يطير الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من عاصمة دولة ما حتى يحط فيها مسؤول اسرائيلي ليحاول ان "يمسح" ما قد يكون عرفات قد حصل عليه من تأييد او على الاقل تفهم للمواقف الفلسطينية ازاء القدس واعلان الاستقلال. وفي بعض الاحيان يسبق المسؤولون الاسرائيليون عرفات في الوصول الى بعض العواصم ليقدموا اليها وجهات نظرهم قبل ان يعرض هو المواقف الفلسطينية. ويدور هذا الصراع في الساحات العربية والاسلامية والدولية. وفي حين يتصدر عرفات التحرك الديبلوماسي فإن خمسة وزراء من حكومة باراك يجوبون العالم : يوسي بيلين وامنون شاحاك في اميركا وشلومو بن عامي في اوروبا وشمعون بيريز في آسيا ودان ياتوم في اوكرانيا واوروبا الشرقية والمستشار القضائي الياكيم وربنشتاين في روسيا واسكندنافيا.. وباراك على اهبة الطيران الى الاردن وبريطانيا. ويحمل الاسرائيليون عنوانا واحداً هو انهم على استعداد لانهاء المفاوضات باتفاق شامل وفوري اذا ما ابدى عرفات ليونة في قضية القدس وامتنع عن الاعلان الانفرادي عن قيام الدولة المستقلة. ورغم صدور اشارات فلسطينية الى احتمال تأجيل هذا الاعلان بناء على "نصائح الاصدقاء والاشقاء" ، فقد صعد الاسرائيليون من لهجتهم التهديدية ضد اعلان الدولة. اذ اعلن شلومو بن عامي من ايطاليا ان "أي اجراء أحادي الجانب من قبل عرفات سيقابل بخطوات اسرائيلية مناهضة وحازمة.. اذ ليس من مصلحة أي من الطرفين الأقدام على ذلك ومن يبدأ فهو الخاسر". وتعاقب مسؤولون اسرائيليون منذ اسابيع على اصدار تهديدات الا ان اقواها جاء على لسان داني ياتوم كبير مستشاري باراك. وقال ياتوم ان "المستوى الامني والسياسي في اسرائيل أعد مخططات جاهزة لمواجهة اعلان فلسطيني منفرد بشأن الدولة، وأود ان أنعش ذاكرة البعض بتصريحات رئيس الوزراء من ان اسرائيل سترد بضم كافة المناطق التي يعيش فيها مستوطنون يهود". واضاف ان عرفات "يدرك تماماً الانعكاسات الخطيرة التي ينطوي عليها اعلانه عن الاستقلال من جانب واحد"، كما اشار الى ان اللوبي المؤيد لاسرائيل في الكونغرس الاميركي يعد لمشروع قانون تقطع الادارة الاميركية بموجبه المساعدات المقدمة للسلطة الفلسطينية فور الاعلان عن الدولة. اما الوزير الاسرائيلي العسكري السابق ماتان فلنائي فقال ان الفلسطينيين سيواجهون اجراءات قاسية وسيدفعون ثمناً باهظاً خصوصاً اذا ما اندلعت مواجهات مسلحة. وفي خط التهديدات نشر تقرير عن الاجهزة الامنية الاسرائيلية يشير الى ان الخطوات المنوي اتخاذها تتضمن حصاراً جوياً وبرياً وبحرياً على المناطق الفلسطينية واغلاق المعابر الحدودية ومنع العمال الفلسطينيين 120 الفاً والتجار 40 الفاً من دخول اسرائيل ومنع المسؤولين الفلسطينيين من التحرك بين الضفة والقطاع، فضلاً عن حظر دخول السلع الاسرائيلية الى المناطق الفلسطينية. ويؤكد الفلسطينيون من جهتهم ان قرار اعلان الاستقلال هو شأن داخلي وليس لاسرائيل أي حق في الاعتراض عليه او التدخل فيه وهو، كما يقول مسؤول ملف القدس فيصل الحسيني، مستند الى الشرعية الدولية وحق تقرير المصير والى الحق التاريخي، واي تهديد اسرائيلي لن ينال او يؤثر في القرار الداخلي. اما عن التهديدات فيقول انها "لسيت الاولى والحصار مضروب اصلاً علينا ويلجأ الاسرائيليون الى احكامه من دون اعلان، والمواجهة لن تؤدي الى خسارة فلسطينية فقط فهي في اتجاهين". ويردد وزير العدل فريح ابو مدين التعقيب ذاته ويرى ان اعلان الدولة المستقلة هو "افضل ضمان للامن في المنطقة وهو باب التطور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الفلسطيني ما يعود بالاستقرار على الجميع". واستنادا الى تصريحات مختلفة، فان النية تتجه فلسطينيا الى تأجيل اعلان قيام الدولة خصوصا وان المساعي تتواصل بكثافة لعقد قمة جديدة في كامب ديفيد قبل 13 ايلول سبتمبر، موعد اعلان الدولة.