تسابق الصحافيون الأتراك خلال العام الماضي على محاولة كشف أسرار عملية خطف عبدالله أوجلان في العاصمة الكينية واقتياده إلى تركيا في 16 شباط فبراير 1999. ويبدو أن الصحافي والكاتب المعروف تونجاي أوزكان فاز في هذا السباق، بعد نشره كتاباً بعنوان "العملية" يفصّل كل ما حدث خلال تلك العملية لحظة بلحظة ويكشف ما جرى خلف الستار. وعزز أوزكان ما ورد في كتابه بلقاءات خاصة مع مسؤولين أتراك وأجانب، إضافة إلى تضمينه الكتاب فصلاً كاملاً يروي فيه أوجلان، بقلمه، عملية خطفه منذ وصوله إلى كينيا حتى استجوابه من قبل الاستخبارات التركية في الطائرة الخاصة التي أقلته إلى تركيا. وكشف كتاب اوزكان الكثير من الأسرار والخفايا، ما جعله الأكثر مبيعاً في تركيا خلال أيام معدودة تلت صدوره. وقال أوزكان ل"الحياة" أن العملية وما رافقها من أسرار، دفعته إلى اعداد الكتاب والذي استغرق سنة كاملة لم ينم خلالها أكثر من ثلاث ساعات يومياً. وتضمن الكتاب معلومات مثيرة وموثقة، بينها ارسال الرئيس الاميركي مبعوثاً خاصاً الى سورية لاعداد دراسة عن أوجلان، ومن ثم تسريب هذه المعلومات الى انقرة عمداً لحضها على التصعيد مع دمشق. كما اشار الى بروتوكول وقعته الاستخبارات التركية والأميركية لخطف الزعيم الكردي واحضاره إلى تركيا، واشترط البروتوكول بقاء أوجلان حياً. كما افاد الكتاب أن مجلس الأمن القومي التركي بحث في تفاصيل الموضوع قبل اعتقال أوجلان وقرر الاستفادة منه حياً. واستشهد بأقوال الزعيم الكردي عندما سأل رجال الاستخبارات التركية الذين اعتقلوه: "هل ستقتلونني"؟ فأجابوه: "لن نعطيك هذه الفرصة". ولاحظ الكتاب ان هذه الاجابة أثرت في موقف أوجلان وأقواله لاحقاً، لأنه أدرك عندها ما يجري. واحتوى الكتاب تحليلاً مفصلاً لدوافع أميركا في تسليم أوجلان الى تركيا، وحرصها على بقائه حياً. وربط ذلك بمخططات واشنطن في المنطقة والدور التركي فيها. وقال أوزكان ل"الحياة" ان تركيا هي أكبر حليف لأميركا في المنطقة، وفي ظل المخططات المرسومة فإن واشنطن لا تريد لحليفتها ان تنفق نصف موازنتها على حربها مع الأكراد، كي تكون في موقف "اجدى" لا "أقوى" بالنسبة الى المصالح الأميركية. كما كشف الكتاب اتفاقات سرية وقعت تركيا احدها مع الاستخبارات الإسرائيلية موساد، لملاحقة أوجلان منذ العام 1996، في مقابل أجر مالي. واشار إلى أن جهاز استخبارات تابعاً لحلف الاطلسي هو الذي حدد موقع أوجلان في كينيا، وان هذه العملية ستؤثر على مستقبل كردستان العراق والزعيمين الكرديين مسعود بارزاني وجلال طالباني. وأكد أوزكان أنه لا يخشى أي تحرك قد تقوم به محاكم أمن الدولة ضد كتابه، لاحتوائه فصلاً كتب بقلم أوجلان من دون حذف أو تعديل، مؤكداً أن هذا الفصل يعطي الكتاب جزءاً مهماً من الصدقية. وأعرب عن اعتقاده أن أوجلان الذي حكم بالإعدام وسمح له بالحديث كما يشاء في المحكمة، من حقه ان يروي كيف اعتقل، علماً أن محاكم أمن الدولة التركية قضت بسجن صحافيين لمجرد لقائهم أوجلان في السابق أو اجرائهم حواراً معه.