أدى مقال كتبه المقدم المتقاعد في الجيش اللبناني عدنان شعبان، في الزميلة "النهار" الثلثاء الماضي، عن الوجود العسكري السوري في لبنان، الى تحرك النيابة العامة التمييزية للتحقيق معه ومع رئيس تحرير الصحيفة الزميل انسي الحاج ومديرها المسؤول الزميل جوزف نصر اللذين تركا بسند اقامة بعد ظهر امس،فيما كان متوقعاً اخلاء سبيل المقدم شعبان منتصف الليل. وأدت اتصالات على اعلى المستويات طوال الى معالجة للقضية على نحو يؤدي الى اتباع الاجراءات القانونية، من دون المسّ بحرية الرأي والصحافة، اثمرت تدابير تعجل في خطوات التحقيق وعدم توقيف أي من المعنيين الثلاثة. وكان مقال شعبان تعرض لأوضاع الحكم في سورية، وتناول ما يقوم به ضباط الأمن السوريون في لبنان وتنسيقهم مع نظرائهم اللبنانيين، في مجال التنصت على المكالمات الهاتفية. وانتقد الحكم اللبناني، وتعرض للوجود العسكري السوري والحديث عن إعادة انتشاره. وتساءل: "هل سيبقى رئيس فريق المراقبين حاكماً منفرداً لبيروت الكبرى يعاونه رؤساء الأجهزة اللبنانية على اختلاف مراكزهم ومسؤولياتهم ورتبهم يتلقون أوامره على أنها منزلة معتبرين أنفسهم مسؤولين أمامه وليس أمام سلطتهم الوطنية"؟! وتوجه إلى اللبناني بقوله: "لا تحلم بتغيير دراماتيكي إلى الافضل. لا تؤخذ بالكلام المعسول... تأكد أن سيادة بلادك تصنعها بنفسك". وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان شعبان كان ينوي السفر أول من أمس، لكن دوائر الأمن العام في المطار ابلغته انه مطلوب للتحقيق، وتوجه صباح امس الى المديرية العامة للأمن العام لهذا الغرض، ثم احيل على قصر العدل، فيما استدعت المحامية العامة التمييزية القاضية ربيعة عماش قدورة الزميلين الحاج ونصر للاستماع الى افادتيهما ظهراً. وأوضحت المصادر ان التحقيق مع الثلاثة، تم بناء على كتاب أصدره أول من أمس النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم، نظراً الى ان مقال شعبان وعنوانه "حقيقة ام احتواء؟" تضمن "قدحاً وذماً وحضاً على الفتنة ونشر معلومات خاطئة ومثيرة وأساء فيها الى العلاقات اللبنانية السورية". وفي حين تركت القاضية قدورة الحاج ونصر بعد الاستماع الى افادة كل منهما في حضور نقيب المحررين ملحم كرم الذي تابع القضية منذ بدايتها، ووافاهما الى قصر العدل، سأل الصحافيون عضوم عن سبب التحقيق مع الحاج كرئيس للتحرير فأجاب: "أنتم تريدون ان تعلمونا تقنية العمل؟ نحن نستطيع تكييف العمل ضمن نطاق المعلومات المتوافرة لدينا، وإذا كانت النيابة العامة ارتأت لموضوع معين وجوب التحقيق فستحقق". وحين قيل له ان رئيس الجمهورية اميل لحود قال بعدم توقيف أي صحافي، أجاب: "من قال اننا سنوقفه؟ لننتظر نتائج التحقيق. اذا ارتُكب جرم، ألا نجري تحقيقاً؟ الاجراء سيتخذ في ضوء القانون". ونفى ان يكون أحد جاء مكبلاً الى التحقيق. وعقب الاتصالات التي واكبت التحقيق بين كبار المسؤولين، ومنهم رئيس الحكومة رفيق الحريري، قال الأخير في كلمة خلال افطار لرجال الاعلام اللبنانيين ومراسلي الصحف غروب أمس، في حضور النقيب كرم، "ان لبنان، الى ميزاته التفاضلية على الصعيد الاقتصادي، هو مركز اساسي للثقافة، والحكومة تولي هذا الأمر أهمية وتعنى بالحريات. وكما كان لبنان مركزاً ثقافياً فإنه سيعود". وبعد كلمة للنقيب كرم، قال رئيس الحكومة: "نحن كحكومة نلتزم ما تعهدناه أمام الشعب والنواب. اننا سنحترم حرية الرأي والتعبير، والاعلام سيكون موضع عناية واحترام في استمرار". وأكد "ان القانون والدستور سيبقيان مصونين ما دمنا في الحكم والمسؤولية".