عندما تشاهد في أي شارع سعودي زحاماً شديداً قبل موعد الافطار أمام أحد المحلات أو المطاعم تدرك انه اما بائع فول أو خباز "تميس"، ويكون الوضع أكثر ازدحاماً عندما يكون "الفوال" مشهوراً أو يعرف صاحب التميس بالتميز والتنوع. يستهلك السعوديون في شهر رمضان المبارك من الفول ما يعادل استهلاكهم لبقية العام، أو بلغة الأرقام ما يقارب 1500 طن من الفول الذي لا يزال يباع بالطريقة التقليدية في القدر الخاص بها "جرة الفول". ومع كل ملعقة فول تخرج من الجرة لا بد ان هناك خبزة "تميس" تصاحبها، فالسعوديون يعتبرون الفول من دون "التميس" مثل الورد بلا رائحة. و"التميس" كما يطلق عليه هنا نوع من أنواع خبز التنور قدم الى البلاد قديما من دول آسيا الوسطى، وتحديداً من مناطق بخارى وسمرقند. وأول ما عرف "التميس" في الحجاز في مدن مكة والطائف وجدة عن طريق مهاجرين مسلمين نزحوا من دولهم الى السعودية قبل نحو خمسة عقود، وكان يخبز على الحطب والفحم قبل ان تمنع البلديات السعودية ذلك أواخر الثمانينات ليتم خبزه على الغاز. ويقول الفوال عبدالمولى نهار ل"الحياة" إن السعوديين يتناولون الفول كما في معظم الدول العربية مهروساً مع الخبز، وهو ما يسمى "فول الجرة"، أو مطبوخاً مع البصل والطماطم ويطلق عليه هنا "القلابة"، واذا كان الفوال سودانياً كانت للفول خلطة تضم البيض والجبن تسمى "فول مشكل". ويضيف ان المبيعات اليومية تتضاعف في رمضان بين ثلاثة وخمسة أضعاف تبعاً لموقع وسمعة المحل وتصل في الاجمال الى نحو ألف دولار يومياً للمحلات الكبيرة، ونصف هذا الرقم للمحلات المتوسطة والصغيرة. أما "التميس" فيقول عنه الخباز الباكستاني شفيق بانا خان بأن أنواعه يصعب احصاؤها، وتتوالى الابتكارات فيه، إلا أن أهم اصنافه "التميس العادي"، و"ابو السمن"، و"البسكوت" الذي يقرمش مثل البسكويت، و"ابو سكر"، أو "ابو بصل". وفي الاجمال يتبارى الخبازون في انتاج انواع مختلفة تبعا للمنطقة والذوق". ويضيف ان سعر "التميسة" الواحدة ريال واحد في كل المحلات، وان المبيعات تراوح بين 500 و600 "تميسة" في الأيام العادية وترتفع الى ما بين 1000 و1500 في أيام رمضان. وفي الاجمال لا توجد ارقام دقيقة لحجم سوق الفول والتميس في السعودية لأنهما من الاعمال الصغيرة والشعبية. وتعطى تراخيص محلات الفول تحت اسماء مختلفة مثل مطعم او بوفيه او محل وجبات خفيفة او فوال، فيما يعرف مخبز التميس رسمياً في البلديات وفي التراخيص باسم "مخبز تميس"، ولا بد ان يكون بجوار كل محل فول مخبز "للتميس". السعوديون والمقيمون من عشاق الفول انفقوا على الأقل 5 ملايين دولار يومياً على الفول بمعدل دولار واحد لكل فرد، ونحو 100 ألف دولار على "التميس" خلال الشهر الكريم، وهم في المقابل احجموا عن مطاعم الوجبات السريعة التي واجهت خلال الشهر كساداً حاداً باعتراف البائعين الذي قدروا الانخفاض في مبيعاتهم بنحو 60 في المئة. استهلاك الطعام في رمضان يغلب عليه اضافة للفول، استهلاك اللحوم التي عوض تجارها بعض خسائرهم من حمى الوادي المتصدع، واستهلاك المعجنات بجميع أنواعها في سوق يعيش فيه 20 مليون مستهلك تقريباً أكثر من 90 في المئة منهم مسلمون يصومون الشهر ويغيرون عاداتهم الغذائية فيه.