صدر في القاهرة للباحث عصام عبدالله، المدرس في كلية الآداب في جامعة عين شمس كتاب تحت عنوان "دراسات في الحداثة وما بعد الحداثة". ويشير الدكتور عصام عبدالله في تقديم الكتاب الى أن التعريفات التي صاغها البعض لتحديد مفهوم الحداثة لا تعدو أن تكون قيوداً يرفضها الحداثيون انفسهم من جهة ورؤى باهتة لا تعبر عن التفاعل بين الفكر والواقع من جهة أخرى. ومن هنا أدرك المؤلف أن "أيسر السبل لتقديم الحداثة وما بعدها للقارئ العربي هو دعوته إلى مآدب أوائل الحداثيين ليتأمل وينقد ويحكم ويفصل فيصبح حداثياً شأنه شأن أصحاب تلك المآدب". وعرض الدكتور عصام عبدالله في الفصل الأول من الكتاب للرشدية اللاتينية في عصر النهضة الأوروبية بوصفها نقطة التحول الفاصلة في تاريخ الفكر الحديث. فمن خلال هذه الحركة الفكرية المهمة جرى الفصل بين الفلسفة واللاهوت، مؤكداً أنه من دون هذا البعد يصعب فهم حقيقة الحداثة كما عرفها الغرب. وتناول المؤلف في الفصل الثاني "بومبا ناتزي" باعتباره أول المجدفين الذين قوموا مفهوم الإيمان وقديس الفلاسفة المصلحين فكان حداثياً في نقده النقل وانتصاره للعقل وذلك من خلال اخطر المسائل الفلسفية وأعقدها بحسب تعبير ابن رشد وهي مسألة خلود النفس. واشتمل الفصل الثالث على تحليل لمفهوم الحداثة وأطوارها من خلال نقد وتحليل آراء هابرماس أبرز الفلاسفة المعاصرين المدافعين عن الحداثة وذلك من خلال كتابه "الخطاب الفلسفي للحداثة" الذي حوى أيضاً دفوعه للانتقادات التي وجهها إليه خصومه من أنصار ما بعد الحداثة. وخصص الدكتور عصام عبدالله الفصل الرابع للحديث عن جذور الحداثة في الفلسفة المعاصرة مقتفياً خطى جياني فاتيمو الذي جعل من نيتشه رائداً من أهم رواد ما بعد الحداثة على رغم أنه لم يعتلِ صهوة جواد ما بعد الحداثة إلا بمقدار رفضه مفهوم التجاوز الذي راق للحداثيين انتهاجه لخوض معركتهم مع الميتافيزيقا. وتطرق المؤلف في الفصل الخامس والأخير إلى آفاق اليوتوبيا بوصفها مرايا عاكسة لما وراء فلسفة ما بعد الحداثة عبر العصور المختلفة في محاولة لاستشراف أشكال اليوتوبيا المتوقعة في الألفية الثالثة.