إحلال مجلس إدارة إنفاذ محل لجنة تصفية المساهمات العقارية    المنتخب السعودي للرياضيات يحصد 6 جوائز عالمية في أولمبياد البلقان للرياضيات 2024    سماء غائمة بالجوف والحدود الشمالية وأمطار غزيرة على معظم المناطق    الذهب يستقر بعد تثبيت المركزي الأمريكي للفائدة    مبادرة لرعاية المواهب الشابة وتعزيز صناعة السينما المحلية    الوسط الثقافي ينعي د.الصمعان    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان رئيس الإمارات في الشيخ طحنون آل نهيان    الذهب يستعيد بريقه عالمياً    تيليس: ينتظرنا نهائي صعب أمام الهلال    برئاسة وزير الدفاع.. "الجيومكانية" تستعرض خططها    محافظ سراة عبيدة يكرم المشاركين والمشاركات ب أجاويد2    سعود عبدالحميد «تخصص جديد» في شباك العميد    الهلال يواجه النصر.. والاتحاد يلاقي أحد    «إيكونوميكس»: اقتصاد السعودية يحقق أداء أقوى من التوقعات    اَلسِّيَاسَاتُ اَلتَّعْلِيمِيَّةُ.. إِعَادَةُ اَلنَّظَرِ وَأَهَمِّيَّةُ اَلتَّطْوِيرِ    يجيب عن التساؤلات والملاحظات.. وزير التعليم تحت قبة «الشورى»    متحدث التعليم ل«عكاظ»: علّقنا الدراسة.. «الحساب» ينفي !    أشعة الشمس في بريطانيا خضراء.. ما القصة ؟    هذا هو شكل القرش قبل 93 مليون سنة !    رئيس الوزراء الباكستاني يثمِّن علاقات بلاده مع المملكة    حظر استخدام الحيوانات المهددة بالانقراض في التجارب    جميل ولكن..    أمي السبعينية في ذكرى ميلادها    الدراما السعودية.. من التجريب إلى التألق    هكذا تكون التربية    ما أصبر هؤلاء    «العيسى»: بيان «كبار العلماء» يعالج سلوكيات فردية مؤسفة    زيادة لياقة القلب.. تقلل خطر الوفاة    «المظهر.. التزامات العمل.. مستقبل الأسرة والوزن» أكثر مجالات القلق    «عندي أَرَق» يا دكتور !    33 مليار ريال مصروفات المنافع التأمينية    استشهاد ستة فلسطينيين في غارات إسرائيلية على وسط قطاع غزة    لؤي ناظر يعلن عودته لرئاسة الاتحاد    «سلمان للإغاثة» ينتزع 797 لغماً عبر مشروع «مسام» في اليمن خلال أسبوع    النصر يتغلب على الخليج بثلاثية ويطير لمقابلة الهلال في نهائي كأس الملك    مدرب تشيلسي يتوقع مواجهة عاطفية أمام فريقه السابق توتنهام    وزير الصحة يلتقي المرشحة لمنصب المديرة العامة للمنظمة العالمية للصحة الحيوانيّة    تعزيز الصداقة البرلمانية السعودية – التركية    إنستغرام تشعل المنافسة ب «الورقة الصغيرة»    في الجولة ال 30 من دوري روشن.. الهلال والنصر يواجهان التعاون والوحدة    دورتموند يهزم سان جيرمان بهدف في ذهاب قبل نهائي «أبطال أوروبا»    العثور على قطة في طرد ل«أمازون»    أشاد بدعم القيادة للتكافل والسلام.. أمير نجران يلتقي وفد الهلال الأحمر و"عطايا الخير"    تنمية مستدامة    تحت رعاية الأمير عبدالعزيز بن سعود.. حرس الحدود يدشن بوابة" زاول"    اطلع على المهام الأمنية والإنسانية.. نائب أمير مكة المكرمة يزور مركز العمليات الموحد    الفريق اليحيى يتفقد جوازات مطار نيوم    أمير الشرقية يثمن جهود «سند»    بمناسبة حصولها على جائزة "بروجكت".. محافظ جدة يشيد ببرامج جامعة الملك عبدالعزيز    أغلفة الكتب الخضراء الأثرية.. قاتلة    مختصون: التوازن بين الضغوط والرفاهية يجنب«الاحتراق الوظيفي»    مفوض الإفتاء بالمدينة يحذر من «التعصب»    أمن الدولة: الأوطان تُسلب بخطابات الخديعة والمكر    مناقشة بدائل العقوبات السالبة للحرية    فرسان تبتهج بالحريد    نائب أمير مكة يقف على غرفة المتابعة الأمنية لمحافظات المنطقة والمشاعر    سمو محافظ الخرج يكرم المعلمة الدليمي بمناسبة فوزها بجائزة الأمير فيصل بن بندر للتميز والإبداع في دورتها الثانية 1445ه    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة "37 بحرية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيون وآذان
نشر في الحياة يوم 14 - 04 - 1999

أعود اليوم الى كتاب "الاعمال النثرية" للأخطل الصغير، من اصدار مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للابداع الشعري، فبعض المقالات السياسية التي نشرها في جريدته "البرق"، لا تختلف بشيء عما نكتب اليوم ونقرأ، ويبدو ان لا جديد تحت الشمس اللبنانية.
قبل 90 سنة كاملة، وبالتحديد في 8 أيار مايو 1909 كتب بشارة الخوري مقالاً عن لبنان هذه بدايته: "قليلون هم الراغبون في اصلاح هذا الجبل. قليلون هم الواقفون على أطلاله يندبون سوء مصيره. وكثيرون هم اليائسون من اصلاح الحال لأنهم يرون المخربين يعملون على الهدم، ولا يرون يداً واحدة تبني…".
وهو يتحدث في مقال آخر بعد ايام عن اهمية استقلال القضاء، ومحاكمة مسؤول بتهم من نوع ما نسمع اليوم، ويختتم مقاله بالقول عن حال البلد انها "فوضى في المجلس، وفوضى في الاحكام وفوضى في السياسة". اغرب ما كتب الشاعر، بالنسبة اليّ شخصياً، انه يتحدث عن بارق للأمل من مصر الى لبنان، وهو رأي أثير عندي في نهاية القرن، فقد كتبت مرة بعد مرة ان العرب يتبعون مصر، وقد تبعوها في الديكتاتورية، وتأميم الصحافة وكم الافواه، ولعلهم يتبعونها اليوم في ديموقراطية نسبية.
هناك بعد ذلك مقالات عدة تعالج الطائفية، وفي حين يقول الصحافي الشاعر: "احترم الاديان وأثق بالمتدينين فوق وثوقي بالجحدة لأن الدين اساس كل فضيلة" فهو ضد النظام الطائفي ويدعو بحماسة الى وحدة جميع ابناء الشعب، ويصرخ في مقال: "أطائفية؟ يا للعار ويا للخسار". ويسأل في مقال آخر: "هل عندنا زعماء؟".
وأرجو ان يعذرني القارئ عندما اكرر مدى شبه اليوم بالبارحة في نثريات بشارة الخوري، فهو يتحدث في مقال سنة 1929 عن فلسطين، و"النكبة الكبرى" الا انها تلك المرة احداث دامية بين الفلسطينيين واليهود قرب حائط البراق، او حائط المبكى، سقط فيها قتلى كثيرون، وانتصرت قوات الاحتلال لليهود. ونفهم من مقالات في "البرق" ان لبنان الغى احتفالات عيد الاستقلال تضامناً مع الفلسطينيين، وان البطريرك الماروني دعا الى دعمهم ومساعدتهم.
وربما كان اغرب من كل ما سبق في مواجهة القرن مع الصهيونيين ما ورد في مقال حمل تاريخ 20 تشرين الثاني نوفمبر 1920، ففيه يعلّق على اعلان جريدة لليهود في فلسطين ان لهم مطالب في مياه الليطاني. ويقول: "… هل سمعت مثل دعوى الصهيونيين في الليطاني؟ نهر يخرج من ارض لبنان، ويصب في بحر لبنان، ولا تجري اليه نقطة من غير سماء لبنان، ولا من غير ارض لبنان… ومع ذلك فالصهيونيون يطالبون به ويريدون ان يجرّوا اليهم ماءه… كأن سهول صور وتلك المزارع عليها العفاء… كأن لبنان لا يحتاج الى الكهربائية حيث يسهل توليدها هناك…".
هل من مزيد؟ العلاقة مع سورية في نهاية القرن هي نفسها في بدايته، والصحافي الشاعر كتب مقالات كثيرة دعا فيها الى تعاون الشعبين الشقيقين وتفويت الفرصة على الاعداء. وهو اعلن في مقال له "يجب ان نعمل لسورية ولبنان في قلب سورية ولبنان". ثم استنكر في مقال آخر ان يؤدي حديث الوحدة والانفصال الى حرب بين اخوان، وبدأ مقالاً آخر بهذه الكلمات "لبنان اخو سورية أحب أم كره، أحبت أم كرهت، أحبوا أم كرهوا. إلامَ نحترق ليطبخ الطاهون، ويشبع الجائعون، ويسود الخاملون؟ بماذا يستقل لبنان عن سورية؟". ولو انني قرأت المقال في صحيفة لبنانية او سورية، وعليه تاريخ اليوم، لاعتقدت انه كتب أمس، لا في 19 تشرين الاول اكتوبر 1927.
غير انني اريد ان اختتم بشيء من بداية الكتاب اجده احب الى قلبي، فالاخطل الصغير نشر مقالات كثيرة عن ادباء عرفهم وشعراء وكتّاب، كما نشر الرسائل المتبادلة بينه وبينهم. وكما اتحدث انا اليوم عن نزار قباني او ادونيس، فهو يتحدث عن معروف الرصافي وأمين الريحاني وخليل مطران وجميل الزهاوي وأحمد شوقي وغيرهم.
وأترك القراء مع شرحه اسباب اختياره "الاخطل الصغير" لقباً له، فهو وجد اسمه في قائمة المطلوبين في ايام جمال باشا السفاح "عهد النفي والمشنقة". واشاع الشاعر انه ذاهب الى حوران، ثم ركب عربة الى كسروان، ورأى في الطريق الشيخين فيليب وفريد الخازن عائدين الى بيروت، وقالا له انهما وعدا جمال باشا بالعودة بعد رؤية اهلهما، وان مروءتهما تمنعهما ان ينكثا بالوعد، وهما مطمئنان الى سلامتهما ونية جمال باشا نحوهما. وقال بشارة الخوري لهما انها مخاطرة غير محمودة العواقب. وبالفعل اعدم الشيخان الشقيقان في الخامس من حزيران يونيو 1916 لينضما الى موكب الشهداء.
بعد هذه الخلفية، والحذر الملازم، يقول بشارة الخوري: "فرأيت وأنا ادعو للدولة العربية وموقفي منها موقف الاخطل من دولة بني مروان ان أدل على حقيقة الشاعر المتنكر، فلم أرَ كالأخطل الصغير أفضي ما كانت تقطره القريحة المتألمة من شعر…".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.