قال مسؤول مالي مغربي ل "الحياة" ان المغرب قلق من استمرار تردي الأوضاع المالية والاقتصادية في بعض الدول خصوصاً في روسيا وآسيا ما قد يضر ببرنامج معالجة الديون المغربية في السوق الدولية. وتنوي الرباط العودة الى سوق المال لاقتراض مبالغ تراوح بين 300 و400 مليون دولار وسداد ديون قديمة بالقيمة نفسها متعاقد عليها في الثمانينات بفوائد مرتفعة. وكانت تجربة مماثلة بدأت مطلع السنة وشملت 200 مليون دولار قادها مصرف "كومرتز بنك" الالماني ومصارف يابانية في سوق لندن. ويعتقد المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، ان برنامج معالجة الديون الذي يُطلق عليه التدبير الايجابي للدين الخارجي حيوي للاقتصاد المغربي. غير ان الأوضاع التي تعيشها بعض الاقتصادات الناشئة قد يقلص من حماسة المصارف المفترض ان تشارك في تلك العملية. وكانت مصارف اميركية وبريطانية عدة ابدت رغبة قبل اشهر في القيام بدور الوسيط التقني والمالي لهذا المشروع الذي يلقى دعماً من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. كما يبدي المغرب قلقاً على مصير بعض صادراته خصوصاً الزراعية منها في حال استمرار الأزمة التي تعصف بروسيا التي بدأت برنامجاً واسعاً للمبادلات مع المغرب. ويكمن القلق خصوصاً في تركيز الجهات المانحة على الدول الاكثر تضرراً وهي تحتاج مبالغ هائلة مما يقلص فرص دول اخرى ومنها المغرب في الحصول على تمويل بشروط ميسرة. ويحتاج المغرب الى قروض حجمها 820 مليون دولار في موازنة 1988 - 1999 المعر و ضة حالياً على البرلمان. وكانت القيمة بلغت العام الماضي 520 مليون دولار. كما تراهن الرباط على دعم الاتحاد الأوروبي لجهة حض نادي باريس على رفع نسبة القيمة المسموح بمبادلتها باستثمارات محلية الى 50 في المئة مقابل 20 في المئة حالياً. وتشكل هذه الخطة الى جانب شراء الديون في السوق الدولية احد قواعد برنامج معالجة الديون التي تمتص ثلث الموازنة وتمثل 57 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. وكانت التجربة بدأت مع فرنسا واسبانيا وشملت نحو 520 مليون دولار ويرغب المغرب في توسيعها الى دول اخرى خصوصاً ايطاليا والمانيا والولايات المتحدة الاميركية للوصول بنسبة الديون الى اقل من 40 في المئة من اجمالي الناتج في السنة ألفين. ولم يكشف المسؤول المغربي تاريخ عودة المغرب ثانية الى السوق المالية الدولية لكنه اعتبر ان الأزمة المالية والاقتصادية في روسيا ودول اخرى في غير صالح البرنامج المغربي وتوقيتها لا يساعد المخطط المغربي. كذلك يعتقد الرباط ان المبالغ الضخمة التي تحتاجها تلك الاقتصادات الناشئة تجعل الموارد المالية المتاحة محدودة وربما مكلفة على رغم ان الحكومة أعلنت سابقاً تحاشيها الاقتراض الاجنبي إلا عند الضرورة. وقد تحد الأزمة الدولية الجديدة من توسع الاستثمار الدولي باتجاه الاقتصادات الصاعدة ويراهن المغرب على استثمار اجنبي في حدود بليون دولار السنة الجارية بعد ان كان بلغ 1.2 بليون دولار العام الماضي وشاركت فيه مجموعة "بي.بي - سي.ام.اس" الاميركية - السويدية - السويسرية ومجموعة "كورال" السعودية - السويدية ومجموعة "أكور" الفرنسية. كما بدأت مجموعة دايو "الكورية" وطومسون الفرنسية - الايطالية مشاريع ضخمة في المغرب قيمتها نحو 850 مليون دولار. ويعتقد المسؤول ان الوضع المالي والاقتصادي المغربي في تحسن مستمر تدل عليه مؤشرات نمو البورصة وارتفاع الاحتياط النقدي الى اكثر من أربعة بلايين دولار وتحسن صادرات الفوسفات وايرادات السياحة وتحويلات المهاجرين. ويستطيع المغرب تحقيق نمو في حجم 7 في المئة السنة الجارية و6 في المئة سنة 1999، "لكن التحولات الدولية المتسارعة تدعو الى الحيطة والحذر. كذلك لا ينظر الاقتصاديون المغاربة بعين الرضا الى الانخفاض الكبير في اسعار الطاقة على رغم ان المغرب قد يجني أرباحاً بقيمة 200 مليون دولار من واردات النفط وهو يعتقد ان الدول المتضررة وهي عربية اسلامية في مجملها قد تلجأ بدورها الى طلبات التمويل ما يزيد في تأزم الوضع المالي والتجارة الدولية وتقلص فرص الاستثمار وتدفق رؤوس الأموال.