هل يبرر الخلل الذي تطلّب إستدعاء جنرال موتورز نحو مليون سيارة، طرح مخاطر الوسادة الهوائية؟ لا الخلل المذكور جديد ولا هي المخاوف جديدة. فإنتفاخ الوسادة الهوائية يتطلّب دقة فائقة لأنه يحصل خلال أجزاء قليلة جداً من الثانية الواحدة، ولا يدوم أكثر من أجزاء أخرى منها، إذ ينحصر دوره بالإنتفاخ لتلقي وجه السائق أو الراكب والصدر عند بدء إرتمائه في إتجاه المقود أو اللوحة الأمامية، ثم التنفيس تماماً بُعَيد تلقّيه رأس الراكب وصدره وبدء رجوعهما في إتجاه المقعد من جديد. وتركّزت الإنتقادات والمخاوف حتى الآن على خطر قوة الإنتفاخ تلك، خصوصاً عند إلتقائها برأس طفل أو جسمه أو شخص بالغ وقصير القامة خطر دفع الرأس بعنف الى الوراء، أو بطن سيدة حامل. لذلك تناولت المخاوف قوّة إنتفاخ الوسادة الهوائية وليس دورها الذي أنقذ ملايين البشر من الوفاة أو من التشويه. وقد باشر الصانعون حديثاً إعتماد وسادات هوائية تنتفخ بضغط غازي أكثر تدرّجاً في تمدده وأقل حدّة عمّا عُرِفَت به الوسادات الهوائية حتى الآن. الخطر الأساسي لكن يغش المرء نفسه كثيراً إن إتكل على تخفيف ضغط إنتفاخ الوسادة الهوائية، أو على عدد تلك في السيارة. فالخطر الحقيقي يتعدّى تكنولوجيا الوسادة الهوائية في حد ذاتها، وهو يعود الى إمتناع كثيرين عن ربط حزام السلامة متجاهلين أن الأخير لا يكمّل دور الوسادة الهوائية تلك تكمّل دوره، بل يتخطاه بأشواط لأنه يضبط الجسم قبل إرتمائه الى الوسادة فلا يتلقى ضغطها بالعنف الممكن أن يتلقاه جسم يرتمي "حراً" في إتجاه المقود. كذلك، من المعروف منذ سنوات كثيرة عدم جواز إجلاس الأطفال في المقعد الأمامي، ولو في مقاعد خاصة بهم، بل في الخلفي وفي مقاعد مناسبة لعمرهم ووزنهم. أما قصيرو القامة فكثيرون منهم يدركون ضرورة الجلوس على طرّاحة ثانوية إن تعذّر رفع المقعد لا لتحاشي تأثير الوسادة الهوائية فحسب... بل لمجرّد رؤية الطريق كما ينبغي في أثناء قيادتهم. وفوق ذلك كله، ينسى كثيرون أن إنتفاخ الوسادة الهوائية وتنفيس غازاتها يتم مرّة واحدة وفي أقل من ثانية واحدة، ما يعني عدم بقاء أي حماية غير الحزام في الإصطدامات المتتالية والتي لا يندر حصولها في الحادث ذاته. لذلك، ومن دون التقليل من أهمية إصلاح الخلل المذكور في سيارات جنرال موتورز والماركات الأخرى الجاري التحقيق في أسس الشكاوى المسجّلة في حقّها، ومع الموافقة تماماً على ضرورة الإستمرار في تحسين مختلف وسائل الحماية، لا الوسادة الهوائية وحدها، قد تصلح المناسبة أيضاً لتذكير أنفسنا مرّة جديدة بأن الحماية الأساسية هي في حزام السلامة والقيادة المتحضّرة طبعاً، وليس في الوسادة الهوائية التي يُسمّيها الأميركيون بكل صواب "نظام الضبط المكمّل" SRS, Supplementary Restraint System. فالضبط الأساسي هو في الحزام وفي الحزام وحده.