وفد سعودي رفيع المستوى من القطاعين الحكومي والخاص يزور الصين    القيادة تهنئ رئيس أوكرانيا بذكرى استقلال بلاده    نائب أمير جازان يشهد انطلاقة العام الدراسي الجديد بمدارس المنطقة    محافظ الدرب يفتتح الحملة الوطنية للتبرع بالدم    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تترجم 24 قصة للأطفال إلى 3 لغات عالمية    سكني يتجاوز نصف مليون حجز كأكبر منصة عقارية للبيع على الخارطة    الخارجية الفلسطينية تطالب بتحرك دولي عاجل لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة    جمعية نجوم السياحة بجازان تقدم ورشتي عمل للأسر المنتجة لتطوير المهارات    بيان مشترك لأستراليا و25 دولة يدعو لحماية الصحفيين والسماح بدخول الإعلام الأجنبي إلى غزة    أمطار رعدية غزيرة على جازان وعسير والباحة.. وتحذيرات من سيول ورياح نشطة    صادرات الصلب الكورية للولايات المتحدة تتراجع 26% وتصل لأدنى مستوى منذ 2021    تجربة طبية في ملبورن تقلّص أورام الدماغ منخفضة الدرجة بنسبة 90%    فريق تعزيز التطوعي يزور فرع هيئة التراث بجازان لتعزيز الوعي بالتراث المحلي    بيع أغلى صقر في المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025 ب 1.2 مليون ريال    كوريا الشمالية تختبر صاروخين "جديدين" للدفاع الجوي    ترمب يلوح بقرارات حاسمة مع تراجع فرص القمة.. تصاعد النزاع بين روسيا وأوكرانيا    رئيس«الغذاء والدواء»: المبتعثون يعكسون صورة مشرفة للسعودية    بيان عاجل من القادسية بخصوص قرارات السوبر السعودي    برونو فيرنانديز يقترب من الاتحاد    انتخابات الأهلي .. فضلاً أعد المحاولة مرة أخرى    توصيل التيار بطرق غير نظامية.. الإسلامية: رصد تعد على عداد بمصلى في صناعة الرياض    يهدف لتعزيز شفافية القطاع غير الربحي.. إمهال الجمعيات 30 يوماً للإفصاح عن معلومات المستفيدين    برعاية وزير الداخلية.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 208 متدربين من الدورات التأهيلية    خادم الحرمين وبناء على ما رفعه ولي العهد يوجّه بمنح الدلبحي وسام الملك عبدالعزيز نظير شجاعته في إنقاذ الأرواح    المرور: جاهزون لتنفيذ خطة العام الدراسي    أمراء ومسؤولون وأعيان يقدمون التعازي.. أميرا حائل والباحة ونائب أمير مكة المكرمة يواسون الأمير فهد بن مقرن    «فلكية جدة»: سهيل يعلن بداية العد التنازلي للصيف    نائب أمير مكة يؤدي صلاة الميت على والدة الأمير فهد بن مقرن بن عبدالعزيز    يستهدف إخلاءها من السكان.. الاحتلال يخطط لهجوم واسع على غزة    انطلاق «مهرجان البحر الأحمر» في ديسمبر المقبل    ياسمين عبد العزيز تعود إلى الكوميديا في رمضان    فسح وتصنيف 180 محتوى سينمائياً في أسبوع    الرئيس اللبناني: لم نتبلغ رسمياً بنية إسرائيل إقامة منطقة عازلة    استشاري يطرح وصفة سريعة لخسارة الوزن    تعليق الدراسة الحضورية في مدارس تعليم عسير    شرط من بورتو لرحيل جوهرته إلى الاتحاد    انتخاب المملكة رئيساً مشاركاً لمجموعة عمل حوْكَمة البيانات    القبض على رجل في اليابان بعد إصابته 18 شخصا برشه لرذاذ الفلفل    بعد الهزيمة في السوبر.. النصر يتحرك للتخلص من محترفه    محمد أسد بين النسخة الأوروبية والتجديد الإسلامي    عن المقال وتأثيره    وزارة الشؤون الإسلامية واثقة الخطوات    اليوم الوطني السعودي: قصة وطن خالدة    ميندي: الأهلي يمتلك عقلية حصد البطولات    مدينة الخطيئة    6808 قضايا نفقة خلال شهرين.. المحاكم تنصف المطلقات وتحمي الأبناء    65 ألف مستفيد من الدورات الصيفية بمكة المكرمة    المفتي: أيها المعلمون عليكم مسؤولية وأمانة في أعناقكم    نائب أمير الشرقية يعزي الشيخ عبدالرحمن الدوسري في وفاة شقيقه    الفائزون في مسابقة الملك عبدالعزيز للقرآن: المنافسة قوية والفرحة عظيمة.. وشكراً لقيادة المملكة    البطيخ والشمام لمرضى السكري    الصحة القابضة والتجمعات الصحية تبدأ في استقبال المتبرعين بالدم    وزير الرياضة يكشف خطط السعودية لصناعة جيل جديد من الأبطال    أمير حائل يهنئ الطلاب والطالبات ببدء العام الدراسي ويؤكد دورهم في تحقيق رؤية 2030    البرتغال: 1331 وفاة بسبب موجة الحر    أحداث تاريخية في جيزان..انضمام جازان للحكم السعودي    محافظ الخرج يرفع الشكر لسمو ولي العهد على إطلاق الحملة الوطنية السنوية للتبرع بالدم    قصة كلمة خادمنا من الملك سلمان إلى أمير عسير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما زال أهالي الأقصر يرددون ذكرياته في أساطيرهم : معبد الكرنك سجل حافل لتاريخ مصر القديمة
نشر في الحياة يوم 16 - 07 - 1998

دوّن جميع ملوك الدولة الفرعونية الحديثة على الاقل اسماءهم في معبد "آمون - رع" في الكرنك. ويستحيل على الزائر في العصر الحديث ان يلم بتشعب الموقع وتعقيداته وما يزخر به من ثروة اثرية. فأعمال التشييد لم تتوقف في المعبد على مدى ثلاثة آلاف سنة. وظل الاحفاد يتناقلون عن الاجداد قصصا تاريخية ترتبط بهذا المعبد.
ويعلم كل من زار الكرنك في الاقصر انه توجد الى جوار المعبد الرئيسي اطلال بحيرة لا زالت مغمورة بالماء. هذه البحيرة كانت في قديم الزمن مقدسة. وكيف لا وهي كانت مسرحاً لأهم احتفال ديني، حيث كانت تخرج السفن من المعبد، وعلى متنها تماثيل الإله امون، ورموزه الخفية، فتجري في مياه هذه البحيرة المقدسة يحيط بها كهنة الاله، وحملة المشاعل والبخور، وهم ينشودن اغانيهم الدينية ويرتلون ادعيتهم. هذا المهرجان الذي كان يرئسه الملك، ويشترك في اقامته الشعب كان عظيماً فخماً وكان يستغرق النهار كله وجزءاً من الليل. وعندما تقارب الحفلة الانتهاء، كانت تعاد تماثيل الاله الى معبدها، وتترك السفن مربوطة الى شاطىء البحيرة حيث تظل باقية في مكانها الى السنة التالية. هذا هو مهرجان الاله الاكبر آمون إله طيبة، عندما كانت الأقصر الحالية مهداً لأقدم حضارة عرفها التاريخ فماذا بقي من كل ذلك؟
اجلس الى احد أهالي الاقصر وأعره أذنا صاغية، وسله ان يقصّ عليك نبأ "الذهبية الغريبة" فإنه لا شك سيروي لك في بلاغة واسهاب قصة طريفة عن هذه السفينة الذهبية التي تخرج من مياه تلك البحيرة المقدسة في بعض الليالي متألقة كالشمس، وعليها نصب لملك من الذهب الخالص يسيّر دفتها، والى جانبه تماثيل لبحارة من الفضة. فاذا ارسل القمر ضوءه سارت السفينة تتهادى، تاركة وراءها خطاً طويلاً من الاحجار الكريمة. فاذا دار الحظ دورته ارسل إنسياً يعلم كيف يحفظ سر السفينة فيسير الى جانبها صامتاً هادىء الفؤاد. فاذا اقتربت من الشاطىء صعد اليها في غفلة وقد جمع من الخبرات ثروة الكنوز، هذا اذا كان محظوظاً. على ان هناك من عاثري الحظ من رأى السفينة فهاله الامر فصاح، فاختفت السفينة بملكها وبحارتها، وانشقت مياه البحيرة فابتلعتها.
اذا صح ما ورد في قائمة "حجرة الاجداد" فإن تأسيس المعبد يرجع الى الأسرة الثالثة. ولكن الفرص تبدو ضئيلة جداً في الوصول الى اكتشاف مباشر يؤكد هذا الزعم نظراً لشدة الدمار والتخريب اللذين لحقا بأكثر أجزاء المعبد قدماً. وقد أقيمت في المعبد منذ الدولة القديمة على الأرجح شعائر عبادة "مونتو" الاله المحلي. وكان وجود المعبد أمراً مؤكداً في عهد "أنتف" الثاني وقد أطلق عليه "مسكن آمون" وكان اسمه الكلاسيكي "ابت سوت" ويعني الذي يُعد الاماكن ويحصيها.
وتغطي مجموعة معابد الكرنك مساحة تاريخية ممتدة تبدأ بالأسرة الحادية عشرة وتنتهي بالعصر الروماني بل ويمكن القول انه يمكن كتابة تاريخ مصر اعتماداً على تاريخ معابد الكرنك. وينقسم الموقع الى ثلاث مجموعات: مجموعة "آمون - رع - مونتو" وهي تمثل الكرنك الشمالي، ثم مجموعة "آمون - رع" فمجموعة "موت" وهي تمثل الكرنك الجنوبي.
تزودنا هذه الاطلالة السريعة على أحرام معابد الكرنك، بالفلسفة التي أملت على المعبد تطوره ونموه على مرالسنين والعصور. فكان كل ملك من ملوك مصر يُقدم على تعديل او إضافة الى ما شيّده اسلافه من منشآت لتترك في مجملها انطباعاً لمبان تكدّست وتزاحمت في فوضى تامة. فالزائر في العصر الحديث القادم من المرسى ليعبر الصرح الأول يرجع في واقع الأمر بالزمن القهقرى. فيبدأ من المباني الأحدث ليصل الى أقدمها. ويرى الزائر على جدران المعبد اسماء ملوك اضافوا الى المعبد. فحتشبسوت فرعونة مصر، أقامت قرب واجهة قدس الأقداس مقصورات للقرابين واستراحة للمركب الملكي يطلق عليها "المقصورة الحمراء"، واقامت في العام السادس عشر من حكمها مسلتين من غرانيت اسوان الوردي ولم يبق منهما سوى المسلة الشمالية. وكذلك شيّد تحوتمس الثالث معبداً جديداً.
وأبرز من اضافوا الى المعبد امنحوتب الثاني وامنحوتب الثالث وتحوتمس الرابع ورمسيس الأول. واضاف سيتي الأول الى المعبد عنصراً معمارياً جديداً هو بهو الأساطين المهيب وهو من أفخم ما شيد من مبان. وكان رمسيس الثاني اكمل زخارفه. وعرض البهو يساوي ضعف عمقه، ويتكون من ايوانين يبلغ عدد أساطين كل منهما 66 اسطوناً أحادية الطراز تصطف في سبعة صفوف موزعة على جانبي صفّين من الاساطين في الايوان الاوسط تيجانها على شكل زهرة بردي يانعة. ويوجد فارق كبير في الارتفاع بين اساطين الوسط واساطين الجانبين يصل الى ستة أمتار. واستغل هذا الفارق لوضع نوافذ حجرية تسمح بسقوط ضوء خافت على جانبي الايوان الاوسط. ويتكون البهو من محورين: الأول هو محور المعبد، والثاني عمودي على الاول، ويربط بينهما بابان احدهما في الشمال والآخر في الجنوب.
وتوقفت الاعمال الضخمة من الناحية العملية في المعبد مع ملوك الاسرة الثلاثين، وان لم يبخل كل من جلس على عرش مصر في ما بعد بتقديم اسهامه الى المعبد بإضافة لمسة جمال او ترميم هذا المبنى أو ذاك. ويبدو أن المعبد ازدحم من شدة ما تكدس فيه، حتى عانى من الاختناقات في بعض اقسامه لا سيما مداخله ومسالكه، فعمد ملوك البطالمة الى اخفاء كل ما تراكم داخل المعبد، مما لم تعد هناك حاجة ماسة اليه وأصبح في الوقت نفسه لقمة سائغة يسيل لها لعاب اللصوص، وقرروا دفنه في فناء الصرح الثامن.
ومن المصادفات الحسنة ان جورج ليغران اكتشف هذه الخبيئة عندما عثر في السنوات بين 1903 و1905 على ثمانمئة تمثال وسبعة عشر الف قطعة برونزية مبعثرة في معظم انحاء الفناء واشهر ما يحتويه معبد الكرنك طريق الكباش الذي يعتبر تحفة فنية عالمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.