لقاء "حديث الإعلاميين" بجازان يستضيف المعشي ومهاب    فهد بن سلطان يثمن دعم القيادة للقطاع الصحي    نائب أمير الرياض يستقبل السفير البريطاني    المملكة.. تميز في منتدى «WSIS»    مطار جدة يستقبل 25 مليون مسافر خلال 2025    السياحة في الباحة.. إقبال متزايد    أمين التحالف الإسلامي يستقبل النائب الأول لوزير الدفاع الأذربيجاني    الحباك الذهبي.. مهندس الأعشاش    الذكاء الاصطناعي بين الأغنياء والفقراء    تشيلسي يتأهل إلى نهائي مونديال الأندية    ولي العهد مستقبلاً وزير الخارجية الإيراني: المملكة تدعم الحوار بالوسائل الدبلوماسية    11.8 مليون رسالة تبليغ إلكتروني قضائية خلال ستة أشهر    برنامج من بنك التنمية الاجتماعية لدعم الفئات الأكثر احتياجاً    فهد بن محمد يقلّد مدير «شرطة الخرج» رتبته الجديدة    خالد بن سلمان وعراقجي يبحثان تطورات الأوضاع في المنطقة    «الريزن».. حرفة تحاكي حائل ومعالمها    فيصل بن مشعل: الرس تحظى بمشروعات تنموية وخدمية    طلاب المملكة ينافسون أكثر من 90 دولة في أولمبياد الكيمياء    إطلاق مبادرة "إثراء قاصدينا عِزُّ لمنسوبينا"    مستشفى الملك فهد الجامعي يدشّن "صوت المستفيد"    أخضر السلة يدشن البطولة الخليجية بفوز كبير على الإمارات    أخضر الناشئات يواصل استعداداته في معسكر البوسنة استعداداً لتصفيات آسيا    ولي العهد يلتقي وزير خارجية إيران    الشؤون الإسلامية في جازان تختتم الحملة الترشيدية لاستهلاك المياه    نائب أمير مكة يستقبل نائب وزير الحج    أمير جازان ونائبه يتفقدان عددًا من المشروعات التنموية والسياحية بمحافظة الريث    رئيس جامعة الإمام عبد الرحمن يزور برنامج "موهبة" ويلتقي بالطلاب والطالبات    تجمع الرياض الصحي الأول يطلق قافلة "صيف بصحة" في الخرج    أمير منطقة جازان يلتقي مشايخ وأهالي محافظة الريث    تركي آل الشيخ يعلن "The Ring IV" بنزالات عالمية في "موسم الرياض" على أربعة ألقاب كبرى    357 ألف موعد في عيادات "سعود الطبية" خلال 6 أشهر    المياه الوطنية تبدأ تنفيذ 38 مشروعًا مائيًا وبيئيًا في عسير بنحو 2 مليار ريال    بلدية محافظة أبانات توقع عقدًا لصيانة الإسفلت بأكثر من 3 ملايين ريال    أكثر من 88 ألف مستفيد من خدمات "المودة" خلال النصف الأول من العام 2025    التطبير" سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية وإهدار كرامة الانسان    أمير تبوك يطلع على التقرير الاحصائي لمديرية مكافحة المخدرات بالمنطقة    يتنكر بزي امرأة لأداء امتحان بدلًا من طالبة    أكد الاستعداد للتفاوض مع واشنطن.. الرئيس الإيراني يتهم إسرائيل بمحاولة اغتياله    في المواجهة الأولى بنصف نهائي كأس العالم للأندية.. صراع أوروبي- لاتيني يجمع تشيلسي وفلومينينسي    استقبل سفير لبنان لدى المملكة.. الخريجي وسفير الاتحاد الأوروبي يبحثان تعزيز العلاقات    383.2 مليار ريال تمويلات مصرفية للمنشآت الصغيرة    5 مليارات ريال تسهيلات ائتمانية    برنامج لتأهيل منسوبي "سار" غير الناطقين ب"العربية"    "إثراء" يحفز التفكير الإبداعي ب 50 فعالية    دنماركية تتهم"طليقة السقا" بالسطو الفني    موجز    أكد أن واشنطن تدعم حلاً داخلياً.. المبعوث الأمريكي: لبنان مفتاح السلام في المنطقة    توعدت بتصعيد جديد في البحر الأحمر.. مليشيا الحوثي تتبنى هجوم «ماجيك سيز»    مركز الملك سلمان يوزع مساعدات غذائية في 3 دول.. تنفيذ مشروع زراعة القوقعة في الريحانية بتركيا    النيابة العامة": النظام المعلوماتي يحمي من الجرائم الإلكترونية    الجراحات النسائية التجميلية (3)    الحب طريق مختصر للإفلاس.. وتجريم العاطفة ليس ظلماً    لسان المدير بين التوجيه والتجريح.. أثر الشخصية القيادية في بيئة العمل    علماء يكتشفون علاجاً جينياً يكافح الشيخوخة    التحذير من الشائعات والغيبة والنميمة.. عنوان خطبة الجمعة المقبلة    ترحيل السوريين ذوي السوابق الجنائية من المانيا    الرياض تستضيف مجلس "التخطيط العمراني" في ديسمبر    ألف اتصال في يوم واحد.. ل"مركز911"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيون وآذان
نشر في الحياة يوم 23 - 02 - 1998

كوفي أنان قد ينزع فتيل الانفجار في آخر لحظة، كما نرى في افلام الإثارة عندما يبدأ العدّ العكسي للثواني فيأتي البطل ويعطّل القنبلة وقد تكون نووية او كيماوية عند الثانية الاخيرة قبل الصفر. والأمين العام قد يعود باتفاق يرضي الاميركيين او لا يرضيهم. ولكن نعود الى البداية ونسأل ما سبب الأزمة الحالية مع العراق؟
تقول الادارة الاميركية ان سبب الأزمة الحالية مع العراق انه يملك أسلحة دمار شامل يهدّد بها جيرانه والعالم. ولكن الإدارة هذه لا يمكن ان تقنع مواطناً واحداً في الشرق الاوسط بأنها مستعدة لخوض معركة كبرى ضد العراق، خوفاً عليه، وهو طبعاً لم يطلب منها ان تدافع عنه، لذلك فقد حصر السبب الاسترالي ريتشارد بتلر، رئيس فريق التفتيش الدولي، الذي قال ان أسلحة صدام حسين تهدّد اسرائيل.
هل يهدد صدام حسين اسرائيل فعلاً؟ لا نجيب نحن، وانما نختار من كلام لوزير الدفاع الاسرائيلي أيام حرب الخليج، موشي أرينز، فهو قال في مقابلة مع صحيفة "معاريف" الاسبوع الماضي ان خطر صواريخ صدام ليس قريباً من الصفر، بل هو صفر. واوضح أرينز ان صداماً لم يبق له سوى جزء صغير جداً من قوته العسكرية السابقة، وفي جميع الاحوال فهو أطلق صواريخه على اسرائيل سنة 1991 لكسر التحالف الدولي ضده. اما اليوم فلا تحالف قائماً، لذلك فخطر الصواريخ غير موجود، وهو في رأي أرينز لا يزيد على خطر سقوط السقف على انسان في بيته، فهل يرتدي الانسان قبعة حديدية في البيت لحماية نفسه من مثل هذا الخطر.
نزيد على منطق أرينز ان النظام العراقي يقول مرة بعد مرّة، وحتى اليوم، انه دمّر ما عنده من اسلحة دمار شامل، فلو جاء غداً، وأطلق صواريخ برؤوس كيماوية او بيولوجية على اسرائيل لأظهر كذبه، ولأعطى مبرراً للعالم كله لتنظيم تحالف جديد يقلب النظام نفسه.
على كل حال، أرينز ليس أقلية في رأيه عن الأزمة، و"واشنطن بوست" نشرت الاسبوع الماضي تحقيقاً من اسرائيل كتبه لي هوكستادر الذي تحدث مع مسؤولين حاليين وسابقين فجاء عنوانه "كثيرون في اسرائيل يشكّون في فائدة ضرب العراق"، مع عنوان فرعي يقول "بعض يرى ان الغارات قد يكون لها مفعول عكسي".
الاسرائيليون يقولون هذا، ومع ذلك فهناك في الولايات المتحدة كاثوليك اكثر من البابا او اسرائيليون اكثر من يهود اسرائيل، لذلك قال تعليق في "وول ستريت جورنال" الاسبوع الماضي، كتبه رون سيلفر، وأسمه يدلّ على أصله "دعوا اسرائيل تدافع عن نفسها ضد العراق".
مثل هذا التعليق فُصِّل على قياس رئيس وزراء اسرائيل النجس بنيامين نتانياهو، فهو لتحويل الأنظار عن تدميره عملية السلام، وللتنصل من التزامات اسرائيل بموجب المرحلة الثانية من الانسحابات، خلق جواً محموماً من التخويف وكأن الصواريخ العراقية ستنهمر على الاسرائيليين غداً هناك تقرير رسمي للأمم المتحدة يقول انه لم يبق للعراق صواريخ.
هذا الجو المصطنع جعل اسرائيليين كثيرين يسافرون الى اوروبا واميركا هذا الشهر، حتى أصبحت الرحلات الجوية كلها ملأى حتى نهاية الشهر، فيما يتسابق الاسرائيليون للحصول على الأقنعة الواقية من الغاز الى درجة التعارك أمام مراكز توزيعها.
ويجب التذكير هنا بأن صدام حسين أطلق على اسرائيل 39 صاروخاً سنة 1991، لذلك هناك مبرر للخوف، الا ان الحقيقة هي ان القوة العسكرية العراقية دُمّرت بفضل جنون القيادة السياسية التي هاجمت بلداً عربياً جاراً شقيقاً في مغامرة كارثية، تكاد تكون من نوع الانتحار السياسي بالاضافة الى الانتحار الاخلاقي.
هذه القيادة تركت العراق مستباحاً، بل سهّلت عن طريقه استباحة بقية الدول العربية، بعد ان وصلنا الى وضع يُدَمَّر فيه العراق بحجة وجود اسلحة غير موجودة، في حين ان اسلحة نووية وكيماوية وبيولوجية موجودة في اسرائيل مع وسائل ايصالها الى اهدافها، ومع ذلك ترفض الولايات المتحدة الحديث عنها، ناهيك ان تطالب الامم المتحدة بقرار ضدها، او تحاول فرض عقوبات على اسرائيل بسببها. وتقول وزيرة الخارجية الاميركية السيدة مادلين اولبرايت في كل مجلس ان اسلحة اسرائيل "غير" وضع العراق.
وبما ان وضع اسرائيل "مختلف" فقد قرّرت الولايات المتحدة ارسال بطارية صواريخ باتريوت الى اسرائيل مع طاقم اميركي كامل لتشغيلها. مع انها لا يجوز ان تكون اكثر قلقاً على اسرائيل من وزير دفاع اسرائيلي اعتُبر دائماً بين الصقور. وكانت الولايات المتحدة ارسلت ادوية واجهزة متقدمة تحسباً لهجوم عراقي بالاسلحة الكيماوية والجرثومية على اسرائيل، كما ارسلت ذخيرة ومساعدات اخرى، لأن ما يهمّها اولاً واخيراً أمن اسرائيل لا أي دولة اخرى في المنطقة تزعم الادارة الاميركية ان العراق يهددها. وهي لو نظرت حولها لرأت ان داخل الولايات المتحدة متطرفين يملكون اسلحة جرثومية وينوون استعمالها عندما تسنح لهم فرصة.
النظام العراقي مذنب، الا ان الادارة الاميركية ليست بريئة، وقناعة أرينز ان لا خطر على اسرائيل، وبالتالي على المنطقة ليس سببه الثقة بكلام النظام العراقي، بل معرفة ابسط حقائق الوضع في الشرق الاوسط، فعندما كان العراق في أوج قوته العسكرية، خسر الحرب البرية في مئة ساعة من دون ان يستعمل اي اسلحة دمار شامل. وكان من نتيجة الحرب ان دُمّر اكثر القوة العسكرية العراقية، فلم يبق غير الوحدات التي تضمن بقاء صدام حسين في الحكم، وتبع ذلك سبع سنوات من الحصار والعقوبات حتى الآن، ومع ذلك يريد الاميركيون منا ان نصدّق ان القوة المسلحة التي بدت نمراً من ورق سنة 1991 هي اليوم نمر بمخالب وأنياب.
وفي النهاية فإذا كان الطلاب الاميركيون لا يصدّقون حكومتهم فلماذا ينتظر منّا ان نصدّقها نحن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.