هل تصل سموم مصدرها الفطريات إلى موائد الإفطار التقليدية في مصر في هذه السنة؟ المعلوم أن تلك الموائد تستضيف نوعاً خاصاً من المُكسّرات والفواكه المجففة (يسمى «ياميش») التي جرت العادة على تناولها في رمضان في مصر. وحاضراً، تشهد أسعار هذه المُكسّرات الرمضانية تفاوتاً لا يعتمد على جودتها فحسب، بل أيضاً على مدى سلامتها صحياً، بمعنى صلاحيتها للاستخدام البشري. ووسط الظروف التي تمر بها مصر منذ 25 كانون الثاني (يناير) الماضي، والتركيز على الاهتمامات السياسية، ضعفت الرقابة الصحية في الأسواق نسبياً. وبات من الضروري التحذير من خطورة تناول المُكسّرات الرمضانية المصرية، إلا بعد التثبّت من صلاحيتها أصلاً. ويزيد من خطورة الموضوع أن بعض الأنواع غير الصالحة صحياً من ال «ياميش»، مطروحة في الأسواق بأسعار رخيصة، ما قد يغري كثيرين باستقدامها الى موائدهم الرمضانية. في هذا السياق، حذرت الدكتورة نوال أبادير أستاذة الكيمياء الحيوية («بيوكيمستري» Biochemistry) في جامعة عين شمس، من استخدام المُكسّرات الرمضانية المخزنة بطرق غير سليمة، نظراً إلى احتوائها على مواد تسمى «أفلاتوكسين» Aflatoxin، وهي مركبات سامة تنتجها فطريات مجهرية، وتراوح أضرارها بين التسمّم الغذائي والتمهيد للإصابة بالسرطان. وأوضحت أبادير أن «ياميش» رمضان إذا جرى تخزينه في أمكنة ترتفع فيها الحرارة والرطوبة ويقلّ فيها الهواء، يتعرّض لخطر تكاثر البكتيريا والطفيليات التي تنتج ال «أفلاتوكسين». ويتفاقم الأمر إذا جرى التخزين في عبوات بلاستيكية تمنع دخول الهواء. ولفتت إلى أن الأمر يتعلّق بالأنواع التي يصفها العامة بأنها «مخززة» بمعنى أن مذاقها كريه وتُصدِر رائحة غير طيّبة. وبيّنت أبادير أن نسبة كبيرة من الجمهور لا تعرف أن المُكسّرات ال «مخززة» قد تُسبّب تسمماً غذائياً، إضافة الى أن لها أثراً تراكمياً يساهم في الإصابة بسرطان الكبد. واستطردت بالقول إن ما تتعرض له هذه المُكسّرات، قد يحصل أيضاً في الحبوب والبقول مثل الفول والقمح والأرز والعدس. وحين تفسد هذه الأنواع أثناء التخزين، يلاحظ التصاق حبيباتها مع ظهور ما يشبه الخيوط الرفيعة فيها. وقد تظن ربة المنزل أن غسل هذه الحبوب وطهوها وغليها، تحل المشكلة، لكن الأمر ليس كذلك لأن ال «أفلاتوكسين» سموم لا يمكن القضاء عليها بهذه الطُرُق البسيطة. وأخيراً، حذرت أبادير من شراء المُخلّلات، وهي أصناف يكثر تناولها في رمضان أيضاً، إذا كانت مُخزّنة في عبوات من البلاستيك. إذ يفضّل تناول مخلّلات معبأة في عبوات زجاجية. والمعلوم أن البلاستيك قد يتفاعل مع المخلّلات، ما يؤدي إلى إنتاج مواد مُسرطِنة.