تعتبر مهنة «القابلة القانونية» أو كما يطلق عليها في كيبيك (المرأة العاقلة– Sage Femme) هي الأقدم في التاريخ لتزامن ظهورها مع حواء وانتشارها بين الأمم والشعوب قديماً وحديثاً، على حد قول سيلين لومي رئيسة «تجمّع القابلات القانونيات في كيبيك». أما في بعض المجتمعات العربية فقد عرفت القابلة القانونية ب «الداية». وكانت تنفرد بعمليات الولادة بالطرق التقليدية. وتعود البواعث التاريخية لظهور هذه المهنة إلى اعتبارات محافظة عدة بينها العادات والتقاليد والوازع الديني والأخلاقي والاجتماعي. وحتى اليوم يفضل كثير من النساء الحوامل أو أزواجهن إجراء الولادة على يدي قابلة قانونية، من منطلق العفة أو الخجل أو تحريم الكشف على المرأة من الأطباء الرجال. مصطلح جديد أما في كيبيك الكندية، فكانت مهنة التوليد تمارس منذ زمن طويل في شكل غير شرعي، وكانت حكراً على النساء. ولم يعترف بالقابلة رسمياً إلا عام 1999. وفي هذا العام أنشئت «جامعة كيبيك في تروا ريفيير» خصوصاً لتعليم هذه المهنة وتخريج القابلات القانونيات. ومدة الدراسة فيها أربع سنوات تنتهي بشهادة البكالوريوس أو الإجازة «ليسانس». ويتخرّج سنوياً عدد محدود لا يتجاوز 24 قابلة يعملن في العيادات الخاصة أو في أو دور التوليد أو المستشفيات. والمفارقة في هذا السياق دخول لويس مالتيس، كما تؤكد وثائق جامعة تروا ريفيير،» أول شاب كيبيكي إلى عالم القابلات في المدينة». فقد درس وتخرج كغيره من النساء في الجامعة ذاتها، وتدرب معهن في دار توليد «كوليت جوليان» في كيبيك. ونال الشهادة ذاتها. انما تم الاعتراف به رسمياً بمصطلح جديد «أول رجل قابلة بين نساء كيبيك». ويكشف مالتيس لجريدة «لو دوفوار» المونتريالية بعيد تخرجه حديثاً عن سبب اختياره لمهنة القابلة بقوله إنه «من منطلق المساواة بين الرجل والمرأة، لم يعد توليد النساء حكراً على القابلات وإنما هي مهنة كالتمريض والتعليم وغيرها متاحة للرجل والمرأة على حد سواء». ويتابع: «هذا الاعتقاد دفعني إلى الاطلاع على شروط الانتساب إلى جامعة «تروا ريفيير». ووجدت أن برنامج القابلة مفتوح أمام الجميع على نطاق واسع من دون أي تمييز بين طالب وطالبة». ويشير إلى أن العديد من الرجال يمارسون التوليد في المستشفيات ولكنه «الوحيد الذي يمارس هذه المهنة في دور التوليد اليوم». تحديات المهنة يقول مالتيس: «في بداية عملي كنت ألاحظ أن بعض النساء الحوامل كن يفاجأن أو يترددن لدى معرفتهن أن رجلاً سيتولى مهمة الكشف عليهن أو توليدهن». ويرى أن «هذا التحفظ أمر طبيعي لدى المرأة أو زوجها الذي يرافقها لعدم توقع أي منهما أن تكون القابلة - رجلاً يتولى هذه المهمة». ويضيف: «كنت أواجه تحدياً أكبر حين التقي زميلاتي النساء اللواتي كن ينظرن إلي كجسم غريب بينهن». في المقابل، يؤكد مالتيس أنه ينبغي في جميع الحالات، ان تكون علاقة الثقة والتعاون متبادلة بين القابلة أو القابل، إذ إن القاسم المشترك بينهما هوخدمة المريضة وشعورها بالأمان والطمأنينة». أما من جهة اللقب المهني فيقول مالتيس: «لم يكن من قبل «رجل قابلة قانونية» لأن هذا الأمر كان تاريخياً مرتبطاً بالمرأة التي تتولى توليد النساء. ومع ذلك فإن هذا اللقب لا يزعجني سواء في علاقتي مع زميلاتي أم مع الحوامل. وأنا منفتح على الجميع». ردود فعل متباينة تشير دار التوليد الكيبيكية إلى أن أول طفلة كانت ولادتها من طريق مالتيس. وهذا النبأ على سعادته لم يخل من قلق والدها واستغرابه لقيام رجل بهذه المهمة المحفوفة بالأخطار. اما مالتوس فيرى أنه محظوظ حين يلقى ترحيبا من النساء. ويقارن تجربته في التوليد بالمرأة التي وجدت مكانها لأول مرة وحيدة في عالم الذكور. وتقول المسؤولة عن دار التوليد ايفا لامونت إن النساء بتن يقبلن على مالتيس، وهن على استعداد للتواصل معه بشأن أي معلومة حول الولادة. وتعرب رئيسة خدمات مركز ولادة القبالة في كيبيك شانتال لافالي عن سعادتها بانضمام رجال آخرين إلى صفوف القابلات، وترى أن هذا الأمر ينم عن تغيير جذري وتاريخي.