محمد بن عبدالعزيز يشكر القيادة بمناسبة تعيينه أميرًا لجازان بمرتبة وزير    الهند وباكستان تتبادلان الاتهامات بشنّ هجمات بمسيرات    وزير الخارجية يستقبل نائب رئيس دولة فلسطين    القبض على (3) يمنيين في عسير لتهريبهم (75) كجم "قات"    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم الملتقى العلمي الرَّابع لطلبة المنح الدِّراسيَّة    الهلال الأحمر يُفعّل اليوم العالمي للهلال الأحمر تحت شعار "الإنسانية تجمعنا"    رئاسة الشؤون الدينية تدشن أكثر من 20 مبادرة إثرائية    الربيعة يطمئن على صحة التوأم الملتصق الصومالي "رحمة ورملا"    أرتيتا : أرسنال كان أفضل فريق في دوري أبطال أوروبا    بعد إلغاء جولة "باها تبوك" تويوتا 2025 بطولة السعودية تويوتا للراليات تواصل مسيرتها بثلاث جولات هذا العام    اللغة تسهل اجراءات مبادرة طريق مكة في إسلام آباد    جناح "مكة عبر التاريخ" يأسر اهتمام الزوّار في معرض "جسور"بكوسوفو    ابناء علي بن محمد الجميعه رحمه الله يدعمون مبادرات حائل    المملكة تنضم إلى اتفاقية منظمة "الفاو" لمكافحة الصيد البحري الجائر    "جامعة نايف" تحصل على اعتماد دولي لكافة برامجها التدريبية    جامعي الخبر يحصل على الاعتماد الكامل من الهيئة المشتركة لاعتماد المنشآت الصحية الأمريكية    منظومة رقمية لإدارة دوري روشن بالذكاء الاصطناعي    تعليم جازان ينظم لقاءً تربويًا بعنوان رحلة التحول في منظومة حوكمة إدارات ومكاتب التعليم لمديري ومديرات المدارس    انخفاض أسعار الذهب مع تخفيف حدة التوترات التجارية    جامعة الإمام عبد الرحمن تكرم الفائزين ب"جائزة تاج" للتميز في تطوير التعليم الجامعي ب 18 جائزة    وزارة الثقافة الفلسطينية تطلق جائزة القدس للمرأة العربية للإبداع الأدبي في الرواية العربية المنشورة    قمة بغداد: نحو نهج عربي جديد    ريم العبلي وزيرة في المانيا حظيت باهتمام الناشطين العرب عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟    إنجازان جديدان لجامعة إماراتية التنبؤ بالجلطات الدموية والعزل بمخلفات النخيل    أوكرانيا: قصف روسي لعدة مناطق رغم إعلان بوتين عن وقف إطلاق النار    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الملكي الأميرة/ جواهر بنت بندر بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود    "النقل" تمهل ملاك القوارب المهملة شهرًا لمراجعتها    إطلاق أول دليل سعودي ل"الذكاء الاصطناعي" لذوي الإعاقة    صياحه يزعج الجيران.. غرامة بحق بريطاني بسبب ديك    90 مليار دولار إسهام "الطيران" في الاقتصاد السعودي    الخريف التقى قادة "إيرباص" في تولوز .. تعاون «سعودي-فرنسي» في صناعات الفضاء    أخبار وأسواق    في ختام الجولة 30 من روشن.. الاتحاد يقترب من حسم اللقب.. والأهلي يتقدم للثالث    11 فيلمًا وثائقيًا تثري برنامج "أيام البحر الأحمر"    في إياب نصف نهائي يوروبا ليغ.. بيلباو ينتظر معجزة أمام يونايتد.. وتوتنهام يخشى مفاجآت جليمت    الأهلي بطلًا لدوري المحترفين الإلكتروني (eSPL)    15 مليون دولار مكافأة لتفكيك شبكات المليشيا.. ضربات إسرائيل الجوية تعمق أزمة الحوثيين    تصاعد وتيرة التصعيد العسكري.. الجيش السوداني يحبط هجوماً على أكبر قاعدة بحرية    الزهراني يحتفل بزواج ابنه أنس    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. وصول التوأم الملتصق الصومالي "رحمة ورملا" إلى الرياض    استخدام الأطفال المصاعد بمفردهم.. خطر    الرُّؤى والمتشهُّون    وأخرى توثّق تاريخ الطب الشعبي في القصيم    بين السلاح والضمير السعودي    ألم الفقد    الرياض تتنفس صحة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة حتى الأحد المقبل    الخط السعودي في مدرجات الذهب.. حين يتجلّى الحرف هويةً ويهتف دعمًا    الأميرة دعاء نموذج لتفعيل اليوم العالمي للأسرة    همسة إلى لجنة الاستقطاب    أحمد الديين الشيوعي الأخير    تطوير قطاع الرعاية الجلدية وتوفير أنظمة دعم للمرضى    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    الموافقة على استحداث عدد من البرامج الاكاديمية الجديدة بالجامعة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام للولايات المتحدة الأمريكية    المرأة السعودية تشارك في خدمة المستفيدين من مبادرة طريق مكة    الرياض تستضيف النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية    رشيد حميد راعي هلا وألفين تحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة كما عاشها جان جينيه مسرحياً
نشر في الحياة يوم 03 - 07 - 2011

«من المحتمل أنني أسود، ببشرة بيضاء أو وردية، لكنّي أسود» ...بهذه الرؤية الذاتية الصارخة يخاطب جان جينيه (1910- 1986)، محاوِره الكاتب الألماني هوبرت فخته (1935- 1986)، فهو عاش حقاً صراعاً ضد البيض كلّهم، صراعاً تكوينياً بالتأكيد وليس لونياً، وأنجز فخته اللقاء عام 1975، في ثلاث جلسات، في غرفة حجزها في فندق «إسكندنافيا» في باريس، لكنه نُشِر مُختَصراً تحت عنوان: «أسمح لنفسي بالثورة» على صفحات جريدة «دي تسايت» الألمانية الأسبوعية، ليُعاد نَشْر مسوّدته الكاملة لاحقاً.
هذا الحوار صدر حديثاً، مترجماً عن الألمانية في كتاب عنوانه «رحلة في عالم جان جينيه»( دار كنعان - دمشق)، وضم نصّ جينيه المسرحي الأول «رقابة صارمة» (بدأ بكتابته عام 1941 في السجن)، وقراءة في بعض نصوصه المسرحية للناقد الألماني فيرنر كليس. وفي الحوار الذي ترجمه علي شاكر العبادي يعرج فخته بلا حرج على كل شاردة وواردة مرّت على جينيه، ابتداء بجهله عائلته وكُرْهه فرنسا، من خلال قصص حدثت في محيطه بالريف الفرنسي «ماسيف سنترال»، إلى اكتشافه مثليّته في سن العاشرة، في مؤسسة الإصلاح في «ميتري». إلاّ أن تركيز فخته على عمل جينيه مع منظمة «الفهود السود» التي تأسست عام 1966 في الولايات المتحدة للدفاع عن حقوق الزنوج، واضح ويمكن القول إنْ لا شكل يحدّ هذا الحوار، فهو يُعبّر عن حدة آراء جينيه التي تُحرّك الحقيقة كالأرجوحة، وتوقفها عند المكان الذي تريده في المنتصف، أو عند أكثر الزوايا إقصاءً.
ليس لجينيه عنوان ثابت، فهو يعيش في فندق صغير، وقد وضع على جواز سفره عنوان دار «غاليمار» الفرنسية كعنوان له، وهي الدار ذاتها التي نشرت أعماله كاملةً (1951- 1953)، وكان سارتر كتب مقدمة الجزء الأول (القديس جينيه، الشهيد، الممثل). جينيه الإنسان الذي لا يرغب في تحمّل المشكلات الاجتماعية، والحالم بالعيش في حدائق «آل بورجيا» الإسبانية الطالعة من عصر النهضة، يُظهِر في الحوار استعداداً لتبنّي ثورة، رغم موقفه الأناني - كما يصف نفسه - بعدم تغيير العالم. أي أنه يريد أن يكون وحده ضد العالم. أليس جينيه ثائراً، رافق الفلسطينيين والفهود السود، مشدوداً إلى إغرائهم العالي له، من دون أن يعلم ما الذي أسقطه عليه العالم العربي أو عالم سود أميركا؟ لعل اسمه الحركيّ «الملازم علي» الذي منحه إيّاه الفلسطينيون، أكبر دليل إلى ثورته.
لا يتطرّق الحوار إلى الشهور الطويلة التي أمضاها جينيه في ضيافة الفدائيين الفلسطينيين، منذ آخر عام 1970 (وثّقها في كتابه «أسير عاشق» في العامين الأخيرين من حياته) إلا أنه يقدم فحوى إنسانية كبيرة عن توسع جينيه في وجوده وإلمامه بأحداث العالم الثورية التي عايشها، ومنها ثورة أيار 1968 في فرنسا، ك «ميمودراما» قائمة بذاتها، عبر احتلال الطلاب الغاضبين مسرحَ «الاوديون».
إن الاحتفال بالجريمة مسرحياً عند جينيه، يشبه تماماً ما عاشه في مؤسسة «ميتري» بعد أن اتُّهِم بالسرقة. إلا أن تطوّر حالة الصراع مع الفعل السيّء لديه، والحكم عليه بالسجن مدى الحياة، بعد معاودته السرقة عام 1948، ثم العفو عنه بعد استرحام الكثير من الكُتّاب (سارتر، كوكتو...)، جعلت شكل الاحتفال ينتقل لتناسب الجريمة الفنية الواقع، فهي تدخل ضمنه بصفتها غير المؤذية، تتصاعد لتصبح الحقيقة، أو أنها تكون عادية، مباحة للفعل، وهذا ما يُلخّصه كليس في نقده النصوص المسرحية «مراقبة مشددة»، و»الخادمتان»، و»الشرفة»، و»الزنوج»، و»جدار في كل مكان». فجينيه يعلن الفرح باكتشاف هوية المادة والخيال في أعماله، تماماً كما اكتشف «مرسم ألبيرتو جياكوميتي» في دراسته عن فن النحت الإيطالي. إنه ينحت شخصياته من شيء ملموس ومُتخيَّل، وهذا ما جعله يطالب بجمهور أبيض في مسرحية «الزنوج» التي مثّلتْها في باريس عام 1959 مجموعة من الممثلين السود، ثم اقترح إعطاء المتفرجين أقنعة بيضاً لو كان بينهم أشخاص سود، فجريمة قتل امرأة بيضاء، لن تُحرّك في اللاوعي حزن متفرج أسود، عليه أن يتقمص بياضها، ليعيش موتها، ولو بقناع أو بتنحّيه ليترك مكاناً فارغاً في المدرج.
يُعَدّ نص «رقابة مشددة» من النصوص الخاطفة السريعة في وجودها الواقعي، وذلك ابتداء بتوصيات جينيه حول حركة الشخصيات الثلاث الرئيسية «ذي العينين الخضراوين، يوليس ليفرانس، موريس»، ويقول كليس: «إن على الممثّلين أن يتحركوا على باطن أقدامهم»، وهو يريد بذلك أجواء غير واقعية، وكأنها رغبات تصيح بها الشخصيات بصوت عال، بينما هي صامتة تنتظر محاكمتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.