انعقاد المؤتمر العالمي ال75 للاتحاد الدولي للعقار في نيجيريا بمشاركة سعودية ورعاية من "عين الرياض"    أمير الشرقية يستقبل سفير جمهورية الفلبين لدى المملكة    أمانة منطقة تبوك تصدر أكثر من 1400 قرار مساحي    "عدل العقارية" و"مجموعة عبدالله فؤاد" تطرحان "خليج عدل" في مزاد علني يوم 23 يونيو    ترمب يريد تخلي إيران تماما عن الأسلحة النووية    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس إدارة نادي الهدى ويطلع على إنجازاتهم الرياضية    محافظ عفيف يترأس اجتماع اللجنة الفرعية للدفاع المدني بالمحافظة    مركز صحي مدينة الحجاج ببريدة يخدم أكثر من 500 مستفيد في موسم الحج    "مسار الإصابات" ينقذ حياة شابين في حالتين حرجتين بالمدينة    أمين مجلس التعاون وأمين الأمم المتحدة يبحثان مستجدات الأوضاع في المنطقة    هدية من رونالدو إلى ترامب والهدف "السلام"    مكتبة الملك عبدالعزيز ببكين.. تفاعل ثقافي عربي-صيني    ضبط 294 ألف قضية احتيال عبر الإنترنت في الصين    اختتام مبادرة ( عيدنا أنتم ) بنسختها الخامسة بالمنطقة الشرقية    عائلة ترامب تطلق شبكة "ترامب موبايل" وتصنع هاتفا محمولا    المملكة تقفز 60 مرتبة عالميًّا في ريادة الأعمال    فلامنجو البرازيلي يفوز على الترجي التونسي    اغبرة تخفض مدى الرؤية عل اجزاء من عدة مناطق بالمملكة    انسيابية في حركة الزوار من باب السلام بالمسجد النبوي تبرز تكامل التنظيم والجهود الميدانية    في بطولة كأس العالم للأندية.. دورتموند يواجه فلومينينسي.. وإنتر يبدأ المشوار ضد مونتيري    جهود سعودية مستمرة لخفض التصعيد.. مجموعة السبع تدعو لضبط النفس والتهدئة    «الطاقة الذرية»: لا أدلة على تضرر منشأة نطنز السفلية    الجماعة تحت المجهر.. دعوات أمريكية متصاعدة لحظر «الإخوان»    " الحرس الملكي" يحتفي بتخريج دورات للكادر النسائي    الدفاع المدني: لا تتركوا المواد القابلة للاشتعال في المركبات    القبول الموحد في الجامعات وكليات التقنية    أنا لا أكذب ولكني أتجمل    دعا لنهج واقعي في التحول العالمي ..الناصر: أوقات الصراعات أظهرت أهمية النفط والغاز لأمن الطاقة    "متحف السيرة النبوية" يثري تجربة ضيوف الرحمن    المباراة بين القدم والقلم    التقطيم    موجز    تفقد مقار إقامتهم في مكة المكرمة.. نائب وزير الحج يبحث ترتيبات راحة حجاج إيران    بعد إقالته.. الجمعان يقاضي النصر    مجموعة الأهلي المصري.. الكل متساوٍ بنقطة من دون أهداف    السعودية رائد عالمي في مجال القطاع الدوائي    خبير: انتقال"الميربيكو" إلى البشر مسألة وقت    أمير القصيم يستقبل المشاركين في خدمة ضيوف الرحمن لموسم حج 1446ه    أخضر السيدات يواصل تحضيراته في معسكر تايلاند استعداداً للآسيوية    الحج.. راحة وأمان وسلام واطمئنان    الحج نجاحات متتالية    لندن: مترويلي أول رئيسة للاستخبارات الخارجية    "تحدي الابتكار الثقافي" يربط المجتمع بالسياسات    الإعلام السعودي.. من التحول إلى التأثير    مراكز المساعدات.. مصائد الموت في غزة    علماء روس يتمكنون من سد الفجوات في بنية الحمض النووي    3.66 مليارات سوق اللوجستيات في الأحساء    وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من وزير الخارجية الفرنسي    445 مذكرة قانونية لقضايا هيئة تنظيم الكهرباء    تعنت وتصعيد إسرائيل تهدد طهران بتوسيع ضرباتها    الأمير سعود بن نهار يطلع على سير الإختبارات في الطائف    أمير منطقة تبوك يكرم غداً المشاركين في أعمال الحج بمدينة الحجاج بمنفذ خاله عمار    أمير تبوك يستقبل مدير فرع الديوان العام للمحاسبة بالمنطقة    أمير تبوك يعزي الشيخ عبدالله الضيوفي في وفاة شقيقه    الربيعة طمأنه على مغادرة طلائع حجاج بلاده.. رئيس بعثة الحج الإيرانية: نشكر القيادة على الرعاية والاهتمام    مواسم تمضي… وحصاد ينتظر    تطوير الذات بين الوعي والتفكير النقدي    سعوديات يستوحين تصاميمهن من النخلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واشنطن تتخبّط في الخيارات الأفغانية
نشر في الحياة يوم 10 - 06 - 2011

ما هي المشكلة الأكبر التي تواجه الرئيس باراك أوباما على صعيد السياسة الخارجية؟ هل هو بروز الصين كمنافس عالمي للولايات المتحدة؟ أم العلاقة الدقيقة مع روسيا التي تبدو غير راضية عن الوضع؟ هل هي محاولة ثني إسرائيل المستعدّة دوماً لشنّ حرب، عن مهاجمة إيران؟ أم إخفاق أميركا في ممارسة الضغوط على إسرائيل من أجل إبرام سلام مع الفلسطينيين، إلى جانب الضرر الذي سينتج من هذا الإخفاق على علاقات أميركا مع العالم العربي، لا سيّما الثوّار الشباب الذين أطلقوا «الربيع العربي»؟
هناك شكّ قليل في أنّ هذه المسائل تشغل بال عدد كبير من الأشخاص في واشنطن. لكن طغت عليها مشكلة أكثر إلحاحاً هي كيفية التصرّف حيال أفغانستان.
تخوض أميركا الحرب في أفغانستان منذ عشر سنوات، ويبدو أن لا نهاية تلوح في الأفق ولا توجد استراتيجية معقولة للانسحاب من هذا البلد. نشر حلف شمال الأطلسي 140 ألف جندي في أفغانستان بينهم 100 ألف جندي أميركي. ومن المقرر أن تستمر العمليات القتالية حتى نهاية عام 2014 إن لم يكن بعده، ما ينذر بثلاث أو أربع سنوات إضافية من المعاناة. لقد قُتل لغاية اليوم 1500 جندي أميركي في أفغانستان فيما جُرح 11500 جندي آخرين.
يعتبر عدد الضحايا هذا مؤلماً إلا أنّه تمّ تسجيل أرقام مذهلة على المستوى المالي وليس البشري. لقد كلّفت هذه الحرب الولايات المتحدة 420 بليون دولار لغاية اليوم (حوالى نصف كلفة حرب العراق المدمرة). وتقدّر فاتورة الحرب في أفغانستان خلال هذه السنة المالية ب 113 بليون دولار إلى جانب تخصيص مبلغ 107 بلايين دولار إضافي لعام 2012. تعدّ هذه المبالغ طائلة، ولو تمّ إنفاقها على إنشاء فرص عمل، لغيّر ذلك العالم العربي أو أفريقيا. كما كان يمكن أن تحلّ مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وتزوّد ملايين الأشخاص بمياه الشفة وتستأصل الأمراض إلى جانب حلّ مشاكل أخرى. غير أنه تمّ إنفاق هذه الأموال على حرب لا يمكن كسبها. واعتبر السيناتور جون كيري أنّ النفقات على هذا الصعيد «لا يمكن أن تستمر» لا سيما في وقت تشهد فيه أميركا ارتفاعاً في عجز الموازنة.
وإلى جانب غرائب الحرب الأفغانية، أنفقت الولايات المتحدة 28 بليون دولار لدعم الجيش الأفغاني الذي يضمّ في صفوفه اليوم 350 ألف جندي. وطلبت وزارة الدفاع الأميركية الحصول على 12.8 بليون دولار إضافي لهذه الغاية للعام 2012. لكن، من الذي سيدفع نفقات هذا الجيش المضخّم حين تنسحب الولايات المتحدة من البلد؟ لا يسع أي حكومة أفغانية تحمّل هذا الترف. فهل ستتحمّل الولايات المتحدة عبء تسديد الفاتورة في المستقبل المنظور؟
لا يمكن فصل الوضع في أفغانستان عن الوضع المتردي على طول الحدود مع باكستان، وقد ابتكرت أميركا مصطلح «أفباك» Afpak للإشارة إلى مسرح العمليات بين أفغانستان وباكستان. ويعيش في هذين البلدين، اللذين يملك أحدهما قوة نووية، 200 مليون نسمة معظمهم فقراء ومعادون لأميركا بسبب القتل والدمار اللذين ألحقتهما الحرب بهم. ولا يزال خطر حصول فوضى سياسية واجتماعية على نطاق واسع قائماً.
ويوافق معظم المراقبين في أفغانستان على أنّه لا يمكن حلّ النزاع عسكرياً بل سياسياً. لكن كيف ذلك ومتى ومن الذي سيقترح هذا الحلّ؟ يبدو أنّ إدارة أوباما غير مستعدّة بعد للإجابة على هذه الأسئلة الملحة.
ومن المعروف أنّ نائب الرئيس الأميركي جو بايدن يؤيّد انسحاباً سريعاً للقوات الأميركية من أفغانستان. فهو لم يكن متحمساً لفكرة «زيادة عدد القوات» في بداية المطاف على رغم أنّ أوباما مضى قدماً في ذلك ووافق على إرسال 30 ألف جندي إضافي. أما المستشار البارز الآخر الذي عبّر أمام أوباما عن شكوكه حيال فكرة الحفاظ على مستويات قوة عالية في أفغانستان فكان الجنرال في سلاح البحرية جيمس كارتوايت. وقد أُعجب به أوباما وكان ينوي تعيينه مكان الأدميرال مايك مولن الذي يشغل منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة.
إلا أنّه تمّ استبعاد كارتوايت بعد أن أخطأ في حمل نصيحته مباشرة إلى الرئيس من دون إعلام الأدميرال مولن ووزير الدفاع روبرت غيتس اللذين يؤيدان بشدة زيادة عدد القوات. ويبدو أنّ الجنرال مارتن ديمبسي الذي يشغل حالياً منصب رئيس أركان الجيش الأميركي سيتبوأ منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة أي سيكون عملياً المستشار العسكري الرئيسي للرئيس. لقد دفع كارترايت ثمن خطئه كما أنه سيتقاعد.
وكان الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات في أفغانستان المؤيد الأبرز ل «زيادة عدد القوات». وكان يأمل بأن يحقّق في أفغانستان النجاح نفسه الذي حقّقه في العراق جرّاء الخطوة نفسها. لكن، من المتوقع أن يرحل بترايوس عن أفغانستان في أيلول (سبتمبر) المقبل ليباشر مهماته كمدير لوكالة الاستخبارات الأميركية.
تدل هذه الآراء المتفاوتة على الخلافات الحالية القائمة في واشنطن وبين حلفائها. ويعارض أمين عام حلف شمال الأطلسي أنديرز فوغ راسموسن الذي يعدّ صوتاً قوياً في النقاش الدائر حالياً، تقليص عدد القوات الأميركية. فقد أعلن خلال مقابلة مع صحيفة «فاينانشيل تايمز» البريطانية في 31 أيار (مايو) إن « تقليص عدد القوات يعتبر خطأ فادحاً. لا نريد ترك فراغ أمني في البلد بعد أن نرحل عنه» معتبراً أنّ «الاستمرار في ممارسة ضغوط عسكرية كبيرة على حركة طالبان من شأنه تسهيل عملية المصالحة». ويرى عدد كبير من الخبراء أنّ هذه النتيجة غير أكيدة وأنّ أهداف راسموسن مشتبه فيها. ويبدو أنه حريص بشكل أساسي على الحفاظ على هيبة حلف شمال الأطلسي ويظن أنّ الخروج سريعاً من أفغانستان من شأنه تشويه صورة الحلف.
وفيما يؤيّد راسموسن استمرار عمليات مكافحة التمرد التي تتطلب عدداً كبيراً من الجنود، ينصح خبراء آخرون أن تنقل الولايات المتحدة تركيزها إلى عمليات مكافحة الإرهاب التي تتطلب فرقاً مقاتلة صغيرة مثل تلك التي قتلت بن لادن.
كما يرى خبراء آخرون أنّ لجوء أميركا إلى مطاردة أفراد حركة «طالبان» وقتلهم يعدّ حماقة مطلقة لا سيّما أنه يجب التفاوض معهم على حلّ سياسي. ويجب في هذا الإطار إنشاء جوّ ملائم لإجراء محادثات السلام من خلال تقليص الهجمات بالصواريخ التي تنفذها الطائرات من دون طيّار إلى جانب الهجمات الجوية والغارات الليلية على الأحياء السكنية التي تتسبّب بمقتل مدنيين. لقد أدى قصف جوي نفذه حلف شمال الأطلسي في 28 أيار (مايو) إلى قتل 14 مدني أفغاني بما فيهم 11 ولداً تتراوح أعمارهم بين سنتين وسبع سنوات. وأصدر الرئيس حميد كرزاي الغاضب تحذيراً «أخيراً» إلى حلف شمال الأطلسي مطالباً إياه بوقف هذه الهجمات. فقدّم الحلف اعتذاره إلا أنّ الضرر كان قد وقع على أي حال.
وفي مقال نشرته صحيفة «إنترناشونال هيرالد تريبيون» في 24 آذار (مارس) الماضي، اقترح الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الأمم المتحدة الأسبق في أفغانستان، وتوماس بيكيرينغ، نائب وزير الخارجية الأميركي الأسبق، تعيين «وسيط دولي محايد» من أجل البحث مع كل الأطراف في إمكان إيجاد نهاية للنزاع يتمّ التفاوض عليها، معتبرين أنّ هذا الوسيط يمكن أن يكون شخصاً أو مجموعة أو منظمة دولية أو دولة محايدة أو مجموعة دول.
وأضافا أنّ هذا الحلّ يتطلب إفساخ المجال أمام مشاركة ممثلين عن حركة «طالبان» في الحكومة المركزية وحكومات المحافظات إلى جانب ضمان انسحاب القوات الأجنبية. وستكون المساعدة المالية ضرورية علماً أنها تشكّل جزءاً بسيطاً من تكاليف الحرب، إلى جانب سعي المجتمع الدولي إلى الحفاظ على السلام وتطبيق أي اتفاق يتمّ التوصل إليه.
تعدّ هذه المواقف حكيمة. لكن يبدو أنّ أوباما يعطي أهمية أكبر للأشخاص الذين يدعون إلى شن الحرب بين مستشاريه بدلاً من أولئك الذين يسعون إلى إقامة سلام. لقد أخفق أوباما في التوصّل إلى سلام بين العرب وإسرائيل. فهل يخفق في تحقيق ذلك أيضاً في أفغانستان؟
* كاتب بريطاني متخصص في شؤون الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.