الملك سلمان وولي العهد يعزيان رئيس العراق    وفاة 11 وفقد 12 إثر انهيار أرضي في إندونيسيا    إندونيسيا تدمر 5.7 طن من الروبيان الملوث بمادة مشعة    انتصار مهم لنادي بيش في الجولة الرابعة أمام الخالدي    نيشنز أوف سكاي تطلق الجزيرة الأولى من مشروع «جريان نيشنز أوف سكاي» الفاخر على ضفاف النيل بمدينة الشيخ زايد    «الأرصاد» : استمرار الحالة المطرية حتى الاثنين المقبل    60 % خفض تكلفة الطاقة بعد إيصال الكهرباء لمئات المزارع    ترمب: ننظر في طلب السعودية شراء مقاتلات أمريكية    أمانة جدة تباشر جهودها الميدانية للتعامل مع حالة الأمطار    الأكاديمية اللوجستية تفتح باب التسجيل لدبلوم مبتدئ بالتوظيف    ابتدائية مصعب بن عمير تفعل اليوم العالمي للسكري عبر إذاعة مدرسية تثقيفية    60 نوعًا من النباتات المحلية تزدهر في بيئات المدينة المنورة    أمير منطقة الجوف يستقبل رئيس المجلس التأسيسي للقطاع الصحي الشمالي    حرس الحدود بجازان يحبط محاولة تهريب 144 كيلوغرامًا من القات المخدر    أمطار الخير تعيد البهجة لسماء حائل    تجمع الرياض الصحي يبرز دور "المدرب الصحي" في الرعاية الوقائية    ميسي يقود الأرجنتين الى الفوز على أنغولا 2-0 وديا    أرقام مميزة للمنتخب السعودي تحت قيادة رينارد    قسم الإعلام بجامعة الملك سعود يطلق برنامج "ماجستير الآداب في الإعلام"    شواطئ منطقة جازان تجذب العائلات… وأجواء نهاية الأسبوع تصنع لحظات ممتعة للجميع    مؤتمر الشرق الأوسط ال19 للتآكل يختتم أعماله في المنطقة الشرقية    بمشاركة 15 جهة انطلاق فعالية "بنكرياس .. حنا نوعي الناس" للتوعية بداء السكري    فريق DR7 يُتوّج بطلًا ل Kings Cup MENA في موسم الرياض    أخضر اليد يتغلب على نظيره العراقي في «الرياض 2025»    الأخضر السعودي يهزم ساحل العاج بهدف أبو الشامات وديًا    ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف بشأن الإمدادات    زلزال بقوة 5.7 درجات يضرب قبالة سواحل مملكة تونغا    العنزي يحقق فضية المواي تاي وزن 67 كجم.. وأخضر اليد يكسب العراق    الشريك الأدبي قريبا مساحة بين الأدب والفن في لقاء مع الفنانة التشكيلية مريم بوخمسين    معهد البحوث بجامعة أم القرى يطلق 13 برنامجًا نوعيًّا لتعزيز مهارات سوق العمل    مساعد وزير الداخلية يرأس وفد المملكة في المؤتمر الوزاري لبلدان الاتحاد الأوروبي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    مجمع هروب الطبي يفعّل مبادرتين صحيتين بالتزامن مع اليوم العالمي للسكري    بلدية الدلم تضبط 13 مخالفة جسيمة وتغلق منشآة تجارية    شاهين شرورة ب 351 ألف ريال    اختتام فعالية التطوع الاحترافي بمشاركة 24 خبيراً و250 مستفيد في جدة    من النص إلى النشر".. نادي مداد وبيت الثقافة بجيزان يناقشان تجربة الكاتب وقارئه الأول    جمعية عين لطب العيون تنظم فعالية توعوية بمناسبة اليوم العالمي للسكري في جازان تحت شعار "فحصك اليوم    البعيجان: الإخلاص أصل القبول وميزان صلاح الأعمال    الدوسري: برّ الوالدين من أعظم القربات إلى الله    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تعزز الوعي بداء السكري في سكرك بأمان    جامعة محمد بن فهد تستذكر مؤسسها في احتفالية تخريج أبنائها وبناتها    موسم الدرعية 25/26 يستعد لإطلاق مهرجان الدرعية للرواية الأحد المقبل    أفضل خمس خدمات بث فيديو    الفن يُعالج... معارض تشكيلية في المستشفيات تعيد للمرضى الأمل    غدٌ مُشرق    رحلة الحج عبر قرن    عدسة نانوية لاكتشاف الأورام    انطلاق "موسم شتاء درب زبيدة 2025" في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    غرفة القصيم توقع تفاهمًا مع الحياة الفطرية    "محافظ محايل" يؤدي صلاة الاستسقاء مع جموع المصلين    محافظ صبيا يؤدي صلاة الاستسقاء تأسياً بسنة النبي واستجابة لتوجيه خادم الحرمين الشريفين    أول اجتماع لمكتب المتقاعدين بقوز الجعافرة    محافظ محايل يزور مستشفى المداواة ويطّلع على مشاريع التطوير والتوسعة الجديدة    ذاكرة الحرمين    وسط مجاعة وألغام على الطرق.. مأساة إنسانية على طريق الفارين من الفاشر    طهران تؤكد جديتها في المفاوضات النووية.. إيران بين أزمتي الجفاف والعقوبات    القيادة تعزي رئيس تركيا في ضحايا تحطم طائرة عسكرية    آل الشيخ ورئيسا «النواب» و«الشورى» يبحثون التعاون.. ولي عهد البحرين يستقبل رئيس مجلس الشورى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المتوقع والمطلوب والممكن من القمة
نشر في الحياة يوم 25 - 04 - 2011

تعودنا في ظروف طبيعية لا ترقى إلى خطورة الظروف التي نمر بها هذه الأيام ألا نتوقع الكثير من القمة العربية، بعد أن تحولت إلى مؤسسة عقيمة لا حول لها ولا قوة ولم يبق من قراراتها وبياناتها سوى الرماد والغبار وخيبات الأمل.
من هنا ليس من المنطقي ولا من الطبيعي أن تطالب القمة العربية المقبلة بأي قرار أو موقف إيجابي بعد تأجيلها من آذار (مارس) إلى أيار (مايو) مع احتمال تعرضها لتأخير جديد نظراً للتعقيدات المتزايدة والأوضاع المهتزة وارتدادات مفاعيل الزلازل التي ضربت الدول العربية من المحيط إلى الخليج.
كل ما هو مطلوب منها أن تنعقد لمجرد الانعقاد لتبقي على آخر خيط رفيع للعمل العربي المشترك وألا نحمّلها أكثر مما تحتمل أو أن نطالب القادة العرب باجتراح المعجزات أو الأعاجيب. أما المتوقع فهو أمر آخر، أي استيعاب دروس الثورات العربية وانطلاق مارد الشعوب من قمقمه بعد صبر طويل وتحديد مواطن العلل وأسباب الانفجارات وفهم حقائق الأمور بعيداً من الحساسيات والأوهام وأساليب النعامة التي تدفن رأسها في التراب.
يكفي لهذه المرحلة هذا الفهم، ولا ننتظر أكثر من ذلك شرط أن يتحول إلى علاج وانطلاقة جهد وعمل داخل كل دولة وعلى صعيد العمل العربي المشترك بالنسبة الى مشاريع التنمية وإيجاد فرص عمل إضافية وحل مشاكل الفقر والتطرف وسوء توزيع الثروات والتعامل مع الشباب الذين يشكلون أكثرية أبناء الأمة بعقلانية ورحابة صدر وأسلوب حضاري يتماشى مع روح العصر وثورة التكنولوجيا والعلوم ومفاهيم العولمة التي آثرنا أن نرفضها منذ البداية ونعتبرها مزحة أو نكتة دولية سمجة.
فقد سبقت القواعد القمم في هذا المجال ونجح الشباب في تطوير الانترنت ووسائل الاتصال الحديث للتعبير عن رغباتهم ومطالبهم وتطلعاتهم للحاضر والمستقبل بعيداً من الخوف والقلق ومشاعر الإحباط وخيبات الأمل واليأس من كل ما حولهم من أنظمة ومؤسسات ومفاهيم وقيم.
والمهم الآن أن يتم استيعاب الموقف واللحاق بركب الشباب لإصلاح الأوضاع ومنع الانحراف نحو الفوضى والتطرف وصولاً إلى المزاوجة بين روح الثروة ومتطلبات الدولة. أما ترك الحبل على غاربه فسيؤدي إلى الضياع ويوصل الجميع، بلا استثناء، إلى طريق مسدود معبّد بالألغام والمطبات والعراقيل وضياع البوصلة الوطنية.
فالتظاهرات أدت واجباتها، والاعتصامات حققت غاياتها، والرسالة يفترض أن تكون قد وصلت إلى من يهمه الأمر، ولم يعد من الجائز أن تظل الدولة رهينة لمزاج الشارع ولا أن تكون الدولة صمّاء لا مبالية بمطالب الناس وأنين الجماهير وآلام المحتاجين والعاطلين من العمل والساقطين في متاهات الضياع والفراغ واليأس.
هذا هو المشهد من جانبه الشعبي والرسمي الداخلي، لكن المشهد من على مقاعد القمة يجب أن يختلف في رؤيته وتطلعاته ونظرته الى الواقع المرير والحلول المرجوة، فعسى ألا تسفر القمة العتيدة عن فشل آخر يرشّ الملح على الجراح ويصب الزيت على النار ويمهد لزلازل متتالية تدمر ما بقي من كيانات ومؤسسات ودول ومجتمعات.
فإذا كان المطلوب أكبر من طاقات القمة وإمكاناتها الحالية، وكان المتوقع أوسع من أن تستطيع تحمل مفاعليه وتحقيق المستحيل، فإن الحاجة تستدعي إنجاز ولو خطوات متقدمة تعيد الأمل إلى النفوس وتستعيد الثقة المفقودة بالقمة ومؤسساتها وقراراتها المخيبة للآمال.
وبما أن السياسة هي فن الممكن، فإن جلّ ما ننتظره من القمة العتيدة هو تحقيق الحد الأدنى من الممكن أو من الذي يعتبر ضمن إمكانات القادة العرب وملك أيديهم، وهو إطلاق ورشة عمل لمشاريع عربية مشتركة منتجة تؤمّن فرص العمل لملايين الشباب الضائع، وفتح الحدود وتوسيع التجارة البينية وتفعيل مؤسسات الجامعة من مجلس الوحدة الاقتصادية والسوق العربية المشتركة وتحقيق التكامل الاقتصادي والأمن الغذائي العربي.
وبمعنى آخر، إن الممكن في العمل العربي المشترك الآن هو الشأن الاقتصادي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه باعتباره البداية الموصلة إلى طريق الأمن والأمان من دون إغفال خطوات الإصلاح الشامل على صعيد القيادات العربية وتلبيتها لتطلعات الشعوب في إطار الخطوات المطلوبة داخل كل دولة.
أما بالنسبة إلى مؤسسة القمة ومتطلبات المرحلة والقرارات السياسية المطلوبة فهي في مجملها غير متاحة في هذه الظروف التي تمر بها الدول العربية وحالة اللاإستقرار المهيمنة في شتى المجالات.
فمن حيث المبدأ لن يكون في الإمكان اتخاذ قرارات أو التوصل إلى تفاهمات هلامية قبل استقرار الأوضاع وتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود، بعد التعارف بين ممثلي الأنظمة الجديدة وغياب وجوه مألوفة وفاعلة. كما أن معظم القيادات ستأتي بلا تفويض ولا قدرة على التقرير لأنها تمثل حكومات انتقالية تشرف على انتخابات عامة وتكوين مؤسسات فتية لدولها تحتاج إلى فترة من الزمن قبل أن تقرر سياساتها ومواقفها.
ومع عدم إغفال احتمال انقلاب الموازين داخل مؤسسة القمة وحدوث تغييرات في التحالفات، فإن المؤسسة نفسها تحتاج إلى انتفاضة كبرى وورشة إصلاح وتغيير تنفض عنها غبار اللامبالاة والإهمال وتستعد لمرحلة القرار والإنجازات والعمل المشترك البعيد من الشعارات والعواطف والحساسيات. ولا بد من البدء بمؤسسة جامعة الدول العربية التي «أكل الدهر عليها وشرب». فالفرصة متاحة الآن لتفعيل دورها وتطوير أدائها بخاصة ان الأمر قد حسم لاختيار أمين عام جديد خلفاً للسيد عمرو موسى الذي انتهت فترة ولايته.
والواقع الجديد الذي ستواجهه القمة العتيدة، إضافة الى كل ما تقدم، هو أن الزلزال الحاصل قد هز كل المفاهيم والقيم التي قامت عليها الجامعة والقمم والنظام العربي برمته، فالتضامن العربي أصبح في خبر كان، وعلى رغم انه لم يكن يعبر يوماً عن أمنيات الشعوب ورغباتها، فإنه كان من حيث الشكل قائماً ومعترفاً به من الجميع ويعود إليه القادة بين الآونة والأخرى للتمسك بتلابيبه كخشبة خلاص، وهذا ما جرى في قمة الكويت عندما أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مبادرته التاريخية للمصارحة والمصالحة وتعزيز وحدة الصف العربي.
لكن الأحداث الأخيرة ضربت مفهوم التضامن العربي في الصميم عندما انحازت أنظمة وقيادات ودول إلى فريق ضد فريق، أو إلى ثورة ضد النظام في شكل سافر وعلني ضاربة عرض الحائط بكل ما كان يقال عن «السيادة» و «الحصانة» ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وأكثر من ذلك حصل، إذ ان الجامعة العربية، من طريق مجلس وزراء الخارجية العرب، اتخذت مواقف وقرارات متقدمة في هذا الشأن عندما دانت النظام الليبي ودعته إلى وقف أعمال العنف وعلّقت عضويته في الجامعة العربية، على رغم كون ليبيا هي الرئيسة الحالية للقمة العربية، ثم ورّطت نفسها في المخطط الغربي تحت ستار ما يسمى بالحظر الجوي كغطاء سيشكل سابقة خطيرة لها تبعاتها ونتائجها المهددة لكل الكيانات والدول العربية.
هذا التطور المهم والخطير تزامن مع إزالة الحجب والممنوعات عن الإعلام العربي ولا سيما الفضائي منه فاتخذ مواقف واضحة بالانحياز الى هذا الطرف أو ذاك وصولاً إلى درجة التحريض والدعوة الى الثورة وتشجيع التمرد بداعي الانحياز إلى صفوف الشعوب.
ولهذا ستجد القمة العربية نفسها أمام خيارات محددة للإجابة عن الأسئلة المطروحة ومنها: هل سقط النظام العربي العام كما سقطت بعض الأنظمة العربية الخاصة؟ وهل انتهى عهد المداراة والحياد في المعالجة الإعلامية لتترك الأمور لأصحاب العلاقة للتصرف وفق ميولهم في شؤون عربية داخلية؟ أم ان من المستحسن وضع ضوابط معينة ورسم خطوط حمر لا يسمح بتجاوزها في استخدام هذا السلاح بحدّيه وبكل قدراته العجائبية التي بدت واضحة في أحداث مصر وتونس وليبيا واليمن وسورية ودول عربية عدة أخرى؟
يبقى سؤال آخر مطروح على القمة وهو: ماذا عن انحسار القرار لدى النظام العربي في كل الأمور المتعلقة بالمنطقة واستقدام البعد الإقليمي للتدخل السافر في مختلف القضايا العربية كأن الساحة قد أصبحت خالية للآخرين: تركيا وإيران وإسرائيل؟ وماذا عن ظاهرة الشذوذ المستهجنة التي برزت خلال الأحداث وتمثلت بالتدخلات الأجنبية الوقحة في الشؤون الداخلية العربية، ولا سيما من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، بعدما سمعنا تهديدات وإملاءات وأوامر لمن يتنحى ومن يثور وصولاً إلى التدخل العسكري والمخططات الرامية الى احتلال مواقع الثروات العربية.
وسط هذه الغيوم الداكنة ينتظر العرب الترياق من قمة العراق على رغم إيمانهم بعدم جدوى هذا الانتظار، لكن الواجب يدعونا لرسم خريطة الطريق وتحديد شكل الأوضاع الراهنة لعل من بيده الحل والربط أن يسعى ويعمل لتغليب العقل والحكمة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه لبناء نظام عربي سليم بالتزامن مع عملية إعادة البناء داخل كل دولة: بناء المؤسسات والأنظمة والإنسان. فالمطلوب خطوات عملية على طريق الخلاص الصعب المحفوف بالمخاطر. لأن البديل كارثي بكل ما في هذه الكلمة من معانٍ وأبعاد، ويا أمان الخائفين!
* كاتب عربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.