أكّد رئيس مجلس إدارة مجموعة «إم بي سي» وليد بن إبراهيم آل إبراهيم، أنه يخشى على الإعلام العربي من النظرة الضيقة إلى المنافسة، ومن بعض الوسائل الإعلامية التي تأخذ الإعلام في اتجاهات خاطئة. وتناول آل إبراهيم خلال فعاليات «منتدى الإعلام العربي» في دورته ال13 في دبي، وفي جلسة أدارها رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط» الدكتور عادل الطريفي ما يحدث هذه الأيام في مصر، متطرّقاً إلى ما تتعرّض له المجموعة من حملة غير مبرّرة، تتمحور بشكل أساسي حول مسألة تعاقدها مع «اتحاد الإذاعة والتلفزيون»، وقال: «تنفيذ اتفاق التعاون المشترك يؤدّي عملياً وتدريجياً إلى عودة التلفزيون المصري إلى سابق عهده من التطوّر والأداء والمنافسة والعائدات الإعلانية»، مؤكّداً أن مثل هذا الأمر «لا يُرضي بعضهم، لأن لا مصلحة فعلية لديهم في نهضة التلفزيون الرسمي». وكشف آل إبراهيم عن مفاوضات جرت في الفترة الأخيرة مع عدد من وسائل الإعلام الخاصة في مصر، بهدف الاستثمار فيها أو امتلاكها، قبل اتخاذ القرار بالتعاون مع «ماسبيرو»، متسائلاً: «هل كنا جيّدين ومفيدين لمصر حينما كانت تلك الوسائل الإعلامية - المعترِضة اليوم - تتفاوض معنا وتبحث عن شراكتنا، وأصبحنا فجأة ضد المصلحة الوطنية عندما قرّرنا التعاون مع التلفزيون الرسمي المصري (ماسبيرو)!». ودعا آل إبراهيم المعترضين على اتفاق التعاون إلى «انتهاج درب المنافسة الشريفة في سوق إعلامية وإعلانية تكون مفتوحة، ويكون المعلِن والمشاهد فيها هما الحكم، وإليهما الاحتكام». وشدّد آل إبراهيم على أن «إم بي سي مصر» هي قناة مصرية خالصة، وتحتل اليوم المركز الثاني بين الفضائيات المصرية، وأردف قائلاً: «تعلّمنا من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ألا نعترف بالرقم 2... بل أن نتبوّأ دوماً المركز الأول!»، مشيراً إلى أنه «مع استقرار مصر، وكل ما يحفظ أمنها ومصلحتها الوطنية». وفيما لفت آل إبراهيم إلى أن «المشير عبدالفتّاح السيسي مثال للجرأة والإقدام ومواجهة التطرّف»، ودعا إلى «انتظار الشعب المصري ليقول كلمته في الانتخابات الرئاسية»، مؤكّداً «أننا مع ما سيقرّره الشعب المصري». أما عن ردود الأفعال حول انضمام الإعلامي باسم يوسف إلى «إم بي سي مصر»، فاعتبر آل إبراهيم أن الجدل الذي أُثير حول «البرنامج» يعود أساساً إلى الاحتقان في الشارع المصري، لافتاً إلى أن «من غير المنصف تحميله أكثر مما يحتمل، ومضمون حلقات «البرنامج» يُحدّدها باسم يوسف وفريقه، ونحن لا نتدخّل فيها». في مجال آخر، ورداً على سؤال عن إمكان إطلاق المجموعة قناة إخبارية عالمية، تساءل آل إبراهيم ما إذا كانت «الجزيرة الإنكليزية» ناجحة فعلاً في الولاياتالمتحدة الأميركية كي نقتدي بها، معتبراً أن «المحطة لم تتمكّن من حجز مكانها لدى المشاهد الأميركي، خصوصاً عند مقارنة كلفتها وأدائها بنظيراتها»، خالصاً إلى أنه «من غير المنطقي إنشاء قنوات لا جدوى اقتصادية لها». ولفت آل إبراهيم إلى تبوؤ قناة «العربية» الموقع الأول بين القنوات الإخبارية في المنطقة، وتسجيلها أعلى نسب مشاهدة، ونيلها ثقة المعلِنين وعالم المال والأعمال، ووصول عدد متابعيها أخيراً إلى أكثر من 27 مليون مشترك مسجّل على شبكات التواصل الاجتماعي. واستغل آل إبراهيم المناسبة ليوجّه رسالة إلى «الأمير الوليد بن طلال»، عندما اعتبر أن «العربية» هي قناة «الحُكّام»، و«الجزيرة» قناة «الشعوب»... فسأل: «هل أصبح عدد الحُكّام 27 مليون؟». في مجال آخر، قدّم آل إبراهيم رؤيته حول مستقبل الإعلام العربي، مؤكّداً أن «ثورة المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا، تحمل مزيجاً من الفرص والتحدّيات، لكن يبقى الإنسان هو محور التطوّر التكنولوجي وغايته». أما بالنسبة إلى الإنتاج الدرامي عبر عدد من الأعمال التاريخية الضخمة، لفت آل إبراهيم إلى أنه يقوم شخصياً بمتابعة العملية الإبداعية في المجموعة عن كثب، ومعها الأفلام الوثائقية الكبرى والمسلسلات والبرامج، خصوصاً التي تحمل طابعاً تاريخياً، وتسعى إلى تخليد ذكرى كبار الرموز والشخصيات، كما وصف آل إبراهيم مسلسل «سرايا عابدين» بأنه «أكبر إنتاج درامي عربي على الإطلاق، يفوق بضخامته مسلسل «عمر» من حيث الكلفة». وتابع: «بفضل دعم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم شخصياً، وتعاوننا مع «مدينة دبي للإعلام»، تمكّنا عبر استديوهاتنا الجديدة في «مدينة دبي للاستديوهات»، من الاستفادة من أحدث التقنيات السمعية - البصرية الفائقة الجودة، ليظهر «سرايا عابدين» بطريقة مُبهِرة، ويشكّل «مفاجأة» رمضان المقبل». وفي معرض إجابته عن سؤال حول «الإعلام الجديد» أشار آل إبراهيم إلى أن عدد متابعي خدمات وشبكات التواصل الاجتماعي والمنتديات العائدة لمجموعة «إم بي سي»، بمنصّاتها الثابتة والتفاعلية والمتحرّكة بلغ 122 مليون مشترك مسجَّل في شهر نيسان (أبريل) من العام الحالي. واعتبر ارتفاع سقف الإعلام في السعودية جاء بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مضيفاً: «يبقى السقف مرتفعاً ما دامت غايته خدمة الوطن والمواطن. في بعض البرامج والمسائل الحساسة، يعود المديرون والقيّمون والمعدّون إلى الإدارة، لطلب المشورة والنصح، أما الزميل عبدالرحمن الراشد، فيتصرّف في «العربية» و«الحدث» بحكم خبرته ودرايته بالأمور وحرصه على المصلحة العامة. وكذلك يفعل الزميل داود الشريان في برنامج «الثامنة»، ونشرات أخبار «إم بي سي»، لافتاً إلى أن «الشيخ محمد بن راشد، أعادنا إلى قلب العالم العربي، ووفر لنا ولغيرنا في دبي، ما كنا نحلم به أثناء توجهنا إلى لندن وأكثر، لذا انتقلت مجموعة «إم بي سي» إلى دبي في العام 2001، وأحدث ذلك الانتقال نقلة نوعية على جميع الأصعدة والمستويات». «تسونامي الهوامش» وتأثيره في واقع الإعلام ناقشت الجلسة التاسعة من فعليات اليوم الثاني لمنتدى الإعلام العربي 2014 قضية ثورة الهوامش من المنظور الإعلامي وآثارها في المجتمع، وشارك فيها رئيس تحرير مجلة «وجهات نظر» المصرية أيمن الصياد، والإعلامي السعودي مقدم برنامج «الثامنة» على «إم بي سي» الزميل داود الشريان، والكاتب والمفكر المغربي عبدالإله بلقزيز، ورئيس تحرير صحيفة «الاتحاد» الإماراتية محمد الحمادي، وأدار الجلسة الإعلامية جيهان منصور من قناة التحرير المصرية. وأكد عبدالإله بلقزيز أن التغيرات التي طرأت على الساحة السياسية والاجتماعية في بعض الأقطار العربية دفعت بهذه الهوامش إلى مركز الأحداث، لافتاً إلى أن عنف التكنولوجيا السبب الرئيس لهذه الظاهرة، «يجب القيام بعملية تصفية للأمور، والقضايا التي يتناولها الإعلام». وتناول داود الشريان القضية من وجهة نظر مختلفة، إذ يعتقد أن هناك خلط في عقل المتلقي بين الهوامش والمتون، وأن ثورة التكنولوجيا منحت الحرية للهوامش، وجعلت من بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي نجوماً يتابعهم مئات الآلاف، في حين أن العديد من نجوم الإعلام التقليدي يقدمون برامج لا يتابعها إلا أعداد قليلة من المشاهدين. ويرى الشريان كذلك أن قضية الهوامش والمتون طرحت نفسها بقوة على الواقع الاجتماعي والديني في عالمنا العربي، حتى صار الجمهور يرى بعض مُدّعي العلم ذوي القدرات الضحلة يتصدرون المشهد الديني، ويطلقون آرائهم حول القضايا الدينية كافة وكأنهم مرجعية راسخة، في حين اختفى علماء الوسطية وتم تهميشهم لأن خطابهم الديني غير جذاب. ويؤكد الشريان أن هناك حاجة ملحة إلى إعادة تعريف لمفهوم الهوامش والمتون قبل أن تتحول القضية إلى «تسونامي» يطيح بالجميع. ويذكر أيمن الصياد أن الإعلام التقليدي يجب عليه الاستجابة للتغيرات التي طرأت على الساحة وإلا لن يُكتب له البقاء، وسيحل محله ما يسمى بالإعلام البديل.