حددت الوثيقة الاستشارية التي قدمها المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية خمسة سيناريوات للطريقة التي يمكن أن تتغير بها الصناعة المصرفية كاستجابة للتغيرات التكنولوجية. وتتراوح هذه السيناريوات بين اعتماد البنوك للتكنولوجيا الجديدة لتحسين خدماتها (تبقى العلاقات مع العملاء من دون تغيير)، إلى السيناريوات التي تغيب فيها العلاقة المباشرة بين البنك والعملاء، إذ يصبح العملاء على تواصل مباشر مع مقدمي الخدمات المالية الفردية. وكان المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، الذي يمثل المظلة الرسمية للمؤسسات المالية الإسلامية، قدم توصياته إلى لجنة بازل للإشراف المصرفي في ما يتعلق بالوثيقة الاستشارية حول الممارسات السليمة المتعلقة بتداعيات تطور التكنولوجيا المالية على البنوك وعلى السلطات الإشرافية والرقابية التي صدرت في 31 آب (أغسطس) الماضي. ويعتقد المجلس العام الذي ينتشر أعضاؤه في 32 دولة حول العالم، أن المصارف الكبرى في معظم البلدان المتقدمة قد تكون قادرة على التكيف مع معظم هذه السيناريوات، ومن الممكن أن تحدد السيناريو المناسب لها، ولكن الوضع قد يكون مختلفاً وأقل وضوحاً للبنوك الصغيرة في البلدان الأقل نمواً (معظم البنوك الإسلامية تنتمي لهذه الفئة)، كما قد تواجه تلك البنوك العديد من التحديات المرتبطة بتوافر المعرفة والخبرات والموارد للتكيف مع التغيرات الجديدة، وبالتالي المزيد من الدعم من الجهات الإشرافية يعد أمراً ضرورياً. ولفتت التوصيات إلى ما جاء في الوثيقة من اعتراف لجنة بازل ضمنياً بأن شركات التكنولوجيا المالية قد يكون لها تأثير أكبر في بعض الأسواق مقارنة مع غيرها، ففي الأسواق المصرفية الأقل تطوراً التي يكون الشمول المالي منخفضاً نسبياً فيها، تمتلك شركات التكنولوجيا الجديدة فرصاً أكبر في الوصول إلى الزبائن الذين ليس لديهم علاقات مصرفية قائمة أو لديهم علاقات مصرفية محدودة، ومع ذلك، وعلى رغم أن العديد من البنوك الإسلامية تعمل في الأسواق الأقل تطوراً وذات الاندماج المالي المنخفض، إلا أن التهديدات التي قد تتعرض لها البنوك الإسلامية من شركات التكنولوجيا الجديدة تعد أقل، وذلك بسبب متطلبات الالتزام بالشريعة الإسلامية، وبالتالي تمتلك البنوك الإسلامية فرصاً كبيرة للتعاون مع شركات التكنولوجيا المالية لتعزيز الشمول المالي. كما أن الوثيقة الاستشارية أكدت ضرورة المحافظة على ضوابط مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المعاملات التي تدعمها التكنولوجيا المالية، وكذلك تأكيدها على أن بعض الحلول التكنولوجية قد تساعد في هذا الموضوع كتقنيات الذكاء الاصطناعي، وفي هذا يعتقد المجلس العام أن قضايا مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب قد تكون ذات أهمية أكبر للمصارف الإسلامية التي تعتزم استخدام الحلول التكنولوجية، إذ إن العديد من المصارف الإسلامية تحضر في بلدان تعتبر أكثر تعرضاً لقضايا مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وبالتالي فإن التكنولوجيا الداعمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ستكون ذات أهمية خاصة لهذه البنوك. فيما نوه المجلس العام بأن العديد من الأعضاء أشاروا إلى أنه قد تكون هناك حاجة إلى أبحاث أكثر شمولاً لتقييم تأثير التكنولوجيا المالية على الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي، والطريقة التي يمكن أن تؤثر بها البنوك المركزية على الاقتصاد من خلال السياسات النقدية والمالية في ظل هذه التكنولوجيا. وأشار المجلس إلى أنه من الممكن أن تشمل الدراسات أيضاً القضايا المتعلقة بالضرائب، وما إذا كانت النظم الضريبية تحفز أو تثبط عمل شركات التكنولوجيا المالية، مؤكداً الحاجة إلى إبراز أهمية هذا العمل لأولئك الذين لديهم الكفاءات والقدرات في مجالات التكنولوجيا المالية.