تواصل العقوبات التي تفرضها دول عربية على قطر دفع أسعار الغذاء في الدوحة إلى الارتفاع، بينما تؤثر سلباً في سوق العقارات، لكنها لم تصل إلى مرحلة إلحاق ضرر بالغ في الاقتصاد، بحسب بيانات التضخم الصادرة عن الحكومة اليوم (الثلثاء). وانخفض معدل التضخم السنوي بوتيرة حادة إلى 0.2 في المئة في تموز (يوليو) الماضي. وارتفع المعدل إلى 0.8 في المئة في حزيران (يونيو) الماضي، من 0.1 في المئة في أيار (مايو) الماضي، بعد أن قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات الديبلوماسية وخطوط النقل مع قطر في الخامس من حزيران الماضي، متهمة الدوحة بدعم الإرهاب، وهو ما تنفيه قطر. وتسببت العقوبات، التي أغلقت الحدود البرية لقطر مع السعودية وأدت إلى تعطيلات في خطوط الشحن الملاحي، في انخفاض الواردات القطرية أكثر من الثلث في حزيران الماضي، لتدفع أسعار بعض السلع الأساسية إلى الارتفاع، فيما أضرت بثقة الشركات في الدوحة. وتظهر مؤشرات جديدة على ذلك الضرر في أرقام التضخم لشهر تموز الماضي. وارتفعت أسعار الأغذية والمشروبات 4.5 في المئة من مستواها قبل عام، لتسجل أسرع وتيرة زيادة منذ 2014 على الأقل، ولتتسارع من زيادة بواقع 2.4 في المئة في حزيران الماضي. وزادت أسعار الأغذية والمشروبات 4.2 في المئة عن مستواها في الشهر السابق. وكان يجري استيراد الكثير من منتجات الألبان وغيرها من الأغذية سريعة التلف عبر الحدود السعودية، وأصبح ينبغي حالياً استيرادها جواً، أو شحنها لمسافات أطول. وهبطت أسعار السلع غير القابلة للتلف مثل الملابس والأحذية والأثاث والأجهزة المنزلية في تموز الماضي، بما يشير إلى أن قطر لا تواجه مشكلة في استيراد تلك المنتجات بأسعار معقولة. لكن كلف الإسكان والمرافق تراجعت 3.6 في المئة في تموز الماضي، عنها قبل عام في أكبر انخفاض منذ سنوات على الأقل وهبطت 0.6 في المئة من مستواها في الشهر السابق. وبدأت تلك الكلف في الانخفاض أوائل العام الحالي وتراجعت 2.9 في المئة في حزيران الماضي، من مستواها قبل عام. وبدأت مصارف سعودية وإماراتية وبحرينية سحب ودائع وقروض من قطر، ما يقلص السيولة في القطاع المصرفي، في حين يتردد أن مواطنين من الدول الثلاث يعرضون بيع استثمارات عقارية، وهو ما سيكون تطوراً سلبياً لسوق العقارات القطرية. ولا تظهر البيانات الرسمية لتصاريح البناء الصادرة في شهري حزيران وتموز الماضيين، تغيراً في الاتجاه العام للسوق، لكن هناك فترة فاصلة بين تقديم طلبات الحصول على التصاريح والموافقات، ولذا فإن أثر العقوبات قد يظهر لاحقاً. وقد تفضل بعض شركات التشييد التي حصلت على تصاريح تأجيل تنفيذ المشروعات. وتظل معدلات التضخم بعيدة عن المستويات التي سجلتها قطر في السابق داخل خانة العشرات، ولا يعتقد محللون مستقلون أن العقوبات ستقترب من زعزعة استقرار الاقتصاد أو دفعه نحو الركود. ويعتقد المحللون أن اضطراب الواردات القطرية سيتقلص في الوقت الذي توضع مسارات شحن جديدة. وأظهر استطلاع أجرته «رويترز» لآراء المحللين نُشرت نتائجه الشهر الماضي، أنهم ما زالوا يعتقدون أن الاقتصاد القطري من أقوى الاقتصادات أداء في المنطقة في 2017 و2018. سياسياً، اعتبر وزير خارجية قطر محمد آل ثاني اليوم، ان إعادة بناء الثقة بين دول مجلس التعاون الخليجي ستتطلب «وقتاً طويلاً». وقال الوزير في لقاء مع صحافيين في الدوحة، إن قطر «كانت إحدى الدول المؤسسة لمجلس التعاون، ونحن ما زلنا نعتبر ان هذه المنظمة مهمة جداً بالنسبة لنا جميعا في هذه المنطقة». ورأى الوزير أن المجلس «قام على مفهوم الأمن الاستراتيجي وبني على الثقة (...) لكن للاسف فَقَدَ هذا العامل (الثقة) أخيراً بسبب الأزمة»، مضيفاً أن «إعادة بناء الثقة مجدداً ستحتاج إلى وقت طويل». وتابع: «نأمل استعادة هذه الثقة».