أعلنت جدة الطوارئ، وأعلنت بداية جديدة لرعب جديد على غرار فاجعة جدة الماضية قبل عام وأكثر تقريباً، كما أعلنت استعداد القائمين كافة على مشاريعها من جهات مختصة وشركات ومؤسسات وخلافه، فكان الفرق بين الفاجعتين 14 شهراً، ولكن لم يكن هناك الجديد طيلة تلك الفترة، والدليل أن القيادة الرشيدة أوضحت مجدداً أن العقاب سوف يصل لكل جهة ومسؤول مقصر، وهذا ما أوضحته أخيراً وسائل الإعلام كافة عقب الحادثة الثانية، ومع ذلك يظل الجديد لعروس البحر الأحمر «جدة» غير سيناريو يتجدد وتتغنى به أمانة جدة وغيرها من الإدارات الأخرى كل عام وتتفنن بالكثير من البرامج الصيفية والشتوية، ولكن ومن خلف الكواليس جدة تغرق، مئات البلايين وآلاف الخطط والاجتماعات والأبحاث ودعم غير محدود، خصوصاً في العامين الأخيرين، في ظل تحسن الموازنة، ومع ذلك وبكل أسف تفجع جدة بانكشاف مستوى المشاريع غير المقننة عندما غرقت «عروس البحر» ليلة الأربعاء، تلك الليلة التي تحولت إلى فاجعة بنسخة مكررة أو مسودة ثانية لم يسبق لها مثيل على المستوى المحلي، فاجعة وكارثة من جوانب ومستويات عدة، فمن جانب الإهمال التنموي من حيث هشاشة البنية التحتية، حدث ولا حرج، باعتراف المسؤولين أنفسهم، ومن جانب آخر الضحايا والأبرياء الذين قضوا نحبهم آمنين في مساكنهم وطرقاتهم من دون مغامرة أو تهاون من أنفسهم، وكارثة من جانب التخطيط العشوائي طويل الأمد الذي لم يرَ النور منذ عقود عدة مضت. أقول وبكل شفافية ووضوح إن جدة غرقت وسط جفاف المشاريع وندرتها، أقول وبصدق وليس بمجرد تصور إن جدة غرقت وهي تعاني شح البنية الأساسية، تلك المعادلة الصعبة ليست بحاجة إلى مجرد فك الرموز ولكنها معادلة سهلة جداً إذا استشعر المسؤولون في تلك المشاريع إحساس الأمانة والضمير الحي من جهة، وروح المواطنة الصادقة من جهة أخرى، نعم الروح الوطنية التي يستحقها الوطن ومن يخلص له من أبنائه بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. منذ زمن ولسان الحال للجميع يقول لمشاريع جدة ومسؤوليها هل من جديد؟ هل من نظرة اعتبارية؟ هل من جدية واهتمام؟ ولكن وبكل أسى وأسف يبدو أن تلك الكلمات لم تفلح، ومثلما يقال «لقد اسمعت إذ ناديت حياً ... ولكن لا حياة لمن تنادي»... هنيئاً لنا ما وصلت إليه مشاريع جدة ظاهراً وما تخفيه الكواليس باطناً، وعليه نكرر مراراً وتكراراً هل من جديد؟ هل من اعتبار، أم على عينك يا تاجر؟! عبدالله الغامدي - الباحة [email protected]