وسعت مصر من جبهات حربها على الإرهاب، بقصف معسكرات تدريب لمسلحين في مدينة درنة الليبية، رداً على الهجوم المسلح الذي تعرضت له حافلة تقل أقباطاً كانوا في طريقهم إلى أحد الأديرة في محافظة المنيا (جنوبالقاهرة)، وهو الحادث الذي أوقع 29 قتيلاً غالبيتهم من الأطفال، وتبناه تنظيم «داعش» الإرهابي أمس. وبعد اجتماع أمني استمر ساعات خرج الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مساء أول من أمس ليعلن أن سلاح الطيران المصري وجه ضربات إلى «معسكرات تدريب الإرهابيين في ليبيا»، كما توعد بتوجيه المزيد من الضربات «ضد معسكرات الإرهاب في أي مكان خارج مصر، بما يحفظ أمن مصر». وأوضح الجيش المصري في بيان أمس أن القوات الجوية «نفذت عدداً من الضربات المركزة نهاراً وليلاً استهدفت عدداً من العناصر الإرهابية، داخل الأراضي الليبية شاركت فيها تشكيلات من المقاتلات متعددة المهام»، وأشار البيان إلى أن الضربات «أسفرت عن تدمير كامل للأهداف المخططة والتي شملت مناطق تمركز وتدريب العناصر الإرهابية التي شاركت في التخطيط والتنفيذ لحادث المنيا الإرهابي»، وأكد البيان أن القوات المسلحة المصرية «تواصل مهامها للرد بكل قوة لحماية السيادة المصرية وردع أي محاولة للمساس بعزة وكرامة شعبها» . وكان تنظيم «داعش» الإرهابي أعلن أمس مسؤوليته عن هجوم المنيا، وأوضح في بيان «قامت مفرزة أمنية من جنود الخلافة بنصب مكمن محكم لعشرات النصارى غرب مدينة المنيا»، مشيراً إلى أن مقاتليه «أحرقوا إحدى سيارات المسيحيين». من جانبها أكدت ل «الحياة» مصادر أمنية أن حملات مداهمة وتفتيش واسعة تجري لمختلف المناطق والمدقات الجبلية، بحثاً عن منفذي حادث المنيا، مشيراً إلى أن قوات خاصة لمكافحة الإرهاب مدعومة بالطيران نفذت عملية مداهمة للمناطق الجبلية التي تربط صحراء مصر الحدودية مع ليبيا والسودان. وأوضحت المصادر أن العناصر الإرهابية تستخدم شبكة من الطرق الضيقة الجبلية، خلال محاولاتها للتسلل إلى مصر، عبر الحدود الليبية والسودانية، مشيراً إلى أنه يتم الاستعانة بأشخاص على دراية بالطرق الجبلية، التي تربط مصر بالصحراء الليبية والسودانية، في تحركاتهم. وأوضح المصابون في أقوالهم أمام محققي النيابة أن سيارتين اعترضتا الحافلة التي كانت تقل المجني عليهم، وأن السيارتين كانتا تقل 6 أشخاص ملثمين، صعد منهم اثنان إلى داخل الحافلة، ثم قاما بسرقة متعلقات المجني عليهم تحت تهديد السلاح، أعقبها إطلاق الإرهابيين النيران على المجني عليهم داخل الحافلة. وذكرت مصادر كنسية إن بعض الكنائس قررت إرجاء بعض الرحلات الكنسية حداداً على ضحايا حادث المنيا، وشرعت الأجهزة الأمنية في محافظات بني سويف والفيوم والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان، في تنفيذ خطط جديدة تستهدف تكثيف التواجد والمراقبة الأمنية لتحركات الرحلات الكنسية، وتشديد الحراسات في محيط الأديرة القبطية، والطرق المؤدية إليها. وكان الرئيس المصري أكد في كلمة أعقبت الاجتماع الأمني أول من أمس، أن قوات الجيش المصري تقوم بجهد كبير لتأمين وإحكام السيطرة على الحدود الغربية مع ليبيا، وكشف أنه خلال العامين الماضيين تم ضبط وتدمير نحو 1000 سيارة دفع رباعي قادمة عبر الحدود من ليبيا، وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة فقط تم تدمير نحو 300 سيارة. ونبه السيسي إلى أن الحادث «يهدف إلى النيل من تماسك الدولة والشعب المصري»، مشيراً إلى أن استراتيجية «داعش» لمواجهة مصر «تعتمد على إحداث الفتنة والنيل من وحدة نسيج الشعب عبر استهداف الأقباط»، ولفت إلى أن العديد من مقاتلي داعش الأجانب خرجوا من سورية عقب انتهاء المعارك في حلب وسعوا للتوجه إلى مناطق ودول أخرى مثل ليبيا وسيناء، وأكد السيسي أن حادث المنيا «لن يمر مرور الكرام، ومصر لن تتردد أبداً في توجيه الضربات ضد معسكرات الإرهاب التي يتم تدريب فيها عناصر للقيام بعمليات ضد مصر، في أي مكان، سواء داخل مصر أو خارجها، بما يحفظ أمن مصر وشعبها». وشدد السيسي على ضرورة معاقبة الدول التي تدعم الإرهاب وتمول التنظيمات الإرهابية بالسلاح والمقاتلين أو توفر التدريب لهم، وذلك من دون مجاملة أو مصالحة معهم، قبل أن يخاطب في كلمته الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، مؤكداً «ثقته فيه وفي أن مكافحة الإرهاب تمثل أولوية له وفي قدرته على تحقيق ذلك بالتعاون مع كل الدول المحبة للإنسانية والسلام»، وأكد السيسي أن مصر لن تترد في توجيه ضربات أخرى ضد المعسكرات التي تتواجد فيها العناصر الإرهابية التي تهدد أمن مصر القومي، وسيتم مواجهتهم وملاحقتهم في كل مكان.