من المؤكد أننا نحن العرب نستطيع أن نتقدم إلى الأمام في هذا العالم، وبإمكاننا أن نفعل ما يفعله الغرب، بل وأكثر من ذلك، ولست في حاجة إلى التذكير بما كان عليه علماؤنا العرب والمسلمون، وما وصلنا إليه في عصور سابقة، حيث كانت الريادة لنا. ولعل ما نحتاجه فقط هو الإرادة والإخلاص في العمل، واختيار الأكفأ والأجدر، ومن نعتقد بأنه جدير بما يوكل إليه من مسؤوليات، بعيداً عن المجاملات والعلاقات والوساطة، فتلك «آفة العرب» منذ وقت طويل. إننا اليوم أمام منتج عالمي «عالي الجودة» صفّق له العالم، وحوّل البوصلة إلى الخليج، حيث استطعنا أن ننتزع اعترافاً عالمياً يؤكد أن العرب قادرون على فعل المعجزات، وأنهم قادمون من جديد ليقولوا للعالم - كل العالم - لا مستحيل مع الإرادة والعمل. قيل الكثير عن ملف قطر الذي تقدمت به لاستضافة كأس العالم 2022، وكنت قد أشرت في هذه المساحة قبل نحو ستة أشهر تحت عنوان «جليد قطر» ما نصه: «إن الحديث عن الماضي والتاريخ لن يعيد حضارة سلبت، ولكنه تذكير للأجيال التي لا تعرف أننا نحن من أضاء هذا العالم بالعلم والعلماء، والمخترعين، وأصحاب النظريات». لكن الحدث الأهم من وجهة نظري، والذي يمكن أن نفوز به، ولدينا ما نقدمه وما ندافع عنه، هو أن ننجح في الفوز بتنظيم نهائيات كأس العالم عام 2022 «في الدوحة» بدولة قطر. بعيداً عن كوني «مواطناً خليجياً»، فإن ملف قطر الذي يتألف من 750 صفحة، وسبعة مجلدات يزيد عدد صفحاتها على 2000 صفحة، ويتضمن ضمانات حكومية، وفندقية، وصحية، هو فخر لنا كخليجيين وعرب. وعلى الاتحاد الدولي، ورئيسه السويسري، جوزيف بلاتر، أن يكون محايداً ومنصفاً، ففي تاريخ نهائيات كأس العالم، لم تقدم دولة من الدول المرشحة، والمستضيفة، ما قدمته قطر في ملفها. وأول ما نطلبه من مسؤولي الفيفا، ألا ينظروا لنا على أننا «عالم ثالث»، فقد يجدوا في «ملفنا» أننا نتفوق على دول أخرى تسمى بدول العالم الأول، وأن من حقنا أن ننظم هذه النهائيات كما نظمتها كوريا واليابان، وجنوب أفريقيا. ويكفي أن قطر قدمت في ملفها استعدادها لاستخدام التقنيات المستدامة وأنظمة التبريد المستخدمة على أكمل وجه في الملاعب ومناطق التدريب ومناطق المتفرجين، وسيكون بمقدرة اللاعبين والإداريين والجماهير التمتع ببيئة باردة ومكيّفة في الهواء الطلق لا تتجاوز درجة حرارتها 27 درجة مئوية. إن ما فعلته قطر، وما ستقدمه في حال صوتت لجنة الفيفا في الثاني من شهر ديسمبر من العام الحالي على فوزها بالتنظيم، لن يكون مجرد استضافة لنهائيات كأس العالم، بل سيتعدى ذلك إلى تقديم صورة حية لصحراء الألفية الثالثة التي حولت جبالها الشاهقة الحارة، إلى جليد. والآن نستطيع القول إن ملف قطر الذي «صنع في قطر» وحمله أحد أبنائها الشباب المخلصين، كان ملفاً ساخناً ومقنعاً، ومحرجاً في الوقت نفسه لكل من كان ينظر ل «قطر» على أنها دولة من الصحراء، وهم يعلمون أن الخيمة والناقة والفرس لا تزال في حياتنا ولن نتخلى عنها. لكننا في عرضنا لملفنا قدمنا لهم وجهاً آخر للإنسان «العربي» الذي يؤمن بالحضارة والاندماج مع العالم، واستطعنا أن نجعل من دولة صغيرة مساحة وسكاناً أن تتغلب على كبريات الدول العالمية، بل إننا بفضل رؤيتنا نجحنا في الفوز ب «14» صوتاً في مقابل «8» أصوات للولايات المتحدة الأميركية. أمام هذا الإنجاز العالمي، أقترح على رؤساء الاتحادات الخليجية والعربية الاحتفال بفوز قطر من خلال تنظيم احتفالية كبرى يدعى لها رئيس «الفيفا»، لنبرهن للعالم أن مساحة قطر كبرت وأصبحت بحجم الوطن العربي الممتد من الماء إلى الماء. عبد الله الشيخي [email protected]