أظهرت القمة النفطية السنوية ال 15، التي نظمتها مجلة «بترو ستراتيجي» في باريس، ارتياحاً عاماً حيال العرض والطلب، لكنها أكدت الحاجة إلى أسعار مناسبة لتأمين الاستثمارات اللازمة لإنتاج طاقة نظيفة تتلاءم مع معايير حماية البيئة. وتناولت المداخلات المختلفة خلال القمة التي تعد أحدى أهم المحطات السنوية بالنسبة للصناعة النفطية، التحديات المختلفة التي تواجهها هذه الصناعة على البيئة، والأوضاع الجيوسياسية والاحتمالات المتوقعة بالنسبة للطلب. واعتبر رئيس شركة «أرامكو» النفطية السعودية، خالد الفالح، في مداخلته في اختتام الندوة أن «الصناعة النفطية في حال جيدة ونحن في فترة توسع ملحوظ»، على رغم التحديات المطروحة اليوم، خصوصاً في ظل الاستمرار المتوقع على الطلب. ولفت إلى أن النمو يأتي من ارتفاع مستوى معيشة الأفراد والنمو المدني الذي يؤدي إلى بروز بلايين المستهلكين الجدد وما يعنيه ذلك من تزايد في عدد السيارات، إضافة إلى ان مشتقات النفط مسيطرة في مجال نقل البضائع. وأشار إلى ان التنوع في مصادر الطاقة يسمح بتوقع ديمومة الأسعار، مشدداً على ضرورة بقاء الأسعار في مستوى مناسب للاستمرار في تطوير الإنتاج لافتاً إلى ان «أرامكو» بدورها تحتاج مزيداً من الاستثمارات، ما يبرز «ضرورة الانضباط والتركيز على صعيد إدارة المشاريع». ورأى ان هذا النهج اتاح ل «أرامكو» الحفاظ على مكانتها بين شركات التكرير الثلاث الكبرى والعمل في الوقت ذاته على توسيع استثماراتها لتحقيق التكامل بين القطاعات النفطية المختلفة. وأكد أهمية أن تكون الأسعار مناسبة لتأمين المطلوب من استثمارات تتيح اللجوء إلى التكنولوجيا عبر نهج اكثر فعالية يأخذ بضرورة التوصل إلى منتجات غير ملوثة، مُعرباً عن ثقته بأن النفط متوافر على رغم نمو الطلب. واعتبر رئيس مجموعة «توتال» الفرنسية كريستوف دومارجوري، أن الصناعة النفطية في حاجة إلى إنفاق مزيد من الأموال لتلبية معايير البيئة والأمان التي قال إنها «باتت تحظى بأهمية قد تفوق أهمية العرض والطلب». وشدد على حاجة الصناعة النفطية إلى «الاستمرار في النمو بطريقة نظيفة،» ما يبرر الحاجة إلى تكنولوجيا اضافية وفي الوقت ذاته إلى التجديد، مؤكداً أن إيصال الطاقة إلى الزبائن لا يواجه أي مشكلة. لكنه لفت إلى ضرورة أن «تتحرك الصناعات النفطية ككتلة واحدة لمواجهة التحديات البيئية» والحفاظ في الوقت ذاته على العائدات «لأن الاستثمارات لا تأتي من دون أرباح،» محذراً من أن «مصير الصناعة النفطية سيكون على المحك إن لم نسيطر على كلفة الإنتاج». وتطرق إلى أن التعدد في مصادر الطاقة يمثل ما وصفه ب «الكفاح للمستقبل وهذا ما ندركه جيداً» ويجب التعامل معه عبر حلول مشتركة لمواجهة التحديات المطروحة على صناعتي النفط والغاز ايضاً. وخفف دومارجوري من شأن ما يتردد عن خفض انتاج «أوبك» للحفاظ على مستوى الأسعار، وعزاه إلى عوامل جيوسياسية لافتاً إلى الوضع في كل من ليبيا والعراق وإيران. وكان وزير الطاقة الإماراتي محمد سهيل المزروعي شدد على الدور الذي يلعبه بلده ودول الخليج على صعيد «أوبك» للتحقق من توازن السوق بما يتلاءم مع النموالاقتصادي». لكنه لفت إلى ان «قواعد اللعبة تغيرت» وجعلتنا نواجه تحديات جديدة» يجب الرد عليها والتعامل معها، خصوصاً أن كلفة الإنتاج ازدادت بما بين خمسة وثمانية في المئة». وأكد أن الأسعار يجب أن تكون مناسبة للشركات وأن ذلك لا يهدد دول «أوبك» بل الدول المنتجة من خارجها لأن أسعارها أغلى. وذكر بأن كميات النفط كافية حتى عام 2040. وعبر عن اعتقاده بأن الدول المنتجة بحاجة للعمل معاً على سياسة توازن «لأننا إن لم نفعل فإن الصناعة النفطية لن تتمكن من مساعدتنا». وأبدى الأمين العام لمنظمة «اوبك»، عبد الله البدري، اطمئنانه لوجود فائض في العرض وإمكانات كبرى لزيادة المعروض من الدول المنتجة في المنظمة وخارجها، مؤكداً أن «العرض يستطيع ان يلحق بالطلب في السنوات المقبلة». وأضاف أن هناك موارد وفيرة تقليدية وغير تقليدية نتيجة التقدم التكنولوجي وأن كل ما كان يقال سابقاً عن أزمة نفطية «لم يحصل ولن يحصل في السنوات المقبلة». وشدد البدري على أن السوق النفطية تتسم بتوازن نسبي ويُتوقع أن يستمر الوضع على هذا النحو، مشيراً إلى ان «أوبك» لا تهدف الى سعر محدد، وأن الأولوية بالنسبة اليها هي «أن يكون السعر بمستوى لا يؤثر سلباً في النموالاقتصادي» ويتيح في الوقت ذاته للمستثمرين «تحقيق أرباح معقولة والاستمرار في الاستثمار».