فيلم وثائقي - ليس أمراً عادياً أن يثير فيلم وثائقي إيطالي كل هذا الصخب والاهتمام اللذين يثيرهما هذا الفيلم المتنقل من مهرجان إلى آخر. ولكن إذا علمنا أنه عن موضوع اللاجئين الشائك، وعن البحر الأبيض المتوسط الذي يتحول مقبرة جماعية، سيزول العجب بالتأكيد ونفهم السر. فالفيلم الذي يعيد مهرجان كارلوفي فاري عرضه، يتناول موضوعه من خلال تصويره في جزيرة لامبيدوزا بالقرب من صقلية الإيطالية، وضعية المهاجرين بحراً من الذين تقذف بهم المراكب محترقين ويغرقهم البحر، غير بعيد من الحياة السياحية الصاخبة لقوم يعيشون ويمرحون صاخبين لاهين على شواطئ الجزيرة نفسها وفي أزقتها. إنهما عالمان كان لا يمكن أن يلتقيا أبداً ولكن ها هي حروب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تجمع بينهما، إنما جمعاً كئيباً بالأكيد كما يفيدنا الفيلم. } «فقط نهاية العالم» إخراج: كزافييه دولان - تمثيل: فنسان كاسيل، ماريون كوتيّار - لوهلة كاد هذا الفيلم الجديد ل «طفل» السينما الكيبيكية المعجزة، أن ينال السعفة الذهبية في «كان»، لكنه أمام سطوة فيلم كين لوتش الفائز بها، اضطر للخروج من المولد بالجائزة الكبرى. والحال أن جمهور كارلوفي فاري سيكتشفه وربما يكتشف معه لمرة أولى سينما هذا السينمائي الشاب المشاكس، مع أنه يبدو في هذا الفيلم أقل مشاكسة مما كان في الماضي. وربما لأنه هنا يقتبس مسرحية عائلية شديدة القسوة و»الأوتوبيوغرافية» للكاتب جان لوك لاغارس عن كاتب شاب يعود بعد غياب 12 عاماً الى عائلته ليخبرها أنه يحتضر ويود أن ينهي حياته في أحضانها، لكنه في نهاية الأمر يعجز عن ذلك ويعود أدراجه في ختام فيلم امتلأ بالثرثرة - المقصودة كما يبدو - حول كل شيء ما عدا الأمر الذي أصلاً أتى من أجله! } «ولايات الحب المتحدة» إخراج: توماس فاسيليفسكي - تمثيل: جوليا كيجوفسكا ،ماغدالينا تشيليسكا - هذا الفيلم الذي كان من المفاجآت القوية في الدورة الأخيرة لمهرجان برلين، ويستعاد اليوم في المهرجان التشيخي، يقدم صورة قد تليق بسينما إنغمار برغمان، على الأقل من ناحية تصويره بورتريهات نسائية قوامها نساء لا تعتبر أي منهنّ انها تعيش اليوم في مدينة أوروبية شرقية غير محددة تماماً، الحياة التي كانت تحلم بها لنفسها. للوهلة الأولى تبدو حكايات النساء الأربع في الفيلم غير مترابطة، لكننا في نهاية الأمر نكتشف ترابطها ليس فقط من خلال تلك الشخصية التي تشكل نوعاً من الجسر بين النساء اللواتي نكتشف حكاياتهنّ عبر تواصلها معهنّ، ولكن كذلك من خلال المصائر البائسة المتشابهة والأحلام الخائبة للعيش في عالم رمادي مكفهرّ. } «بكالوريا» إخراج: كريستيان مونجيو - تمثيل: آدريان تيسييني، ماريا دراغوش - طبعاً لا يقدم هذا الفيلم دراسة عن الشهادة التي يحمل اسمها عنواناً له، بل يقدم امتحانات البكالوريا التي تقدمها ابنة أسرة صغيرة تعيش نوعاً من التفكك، إطاراً ليس فقط لتصوير تلك الحياة العائلية التي لم يتبق منها شيء، بل لتصوير مجتمع روماني يعيش واحدة من أصعب أزماته الاجتماعية بعد عقود من زوال الكابوس الذي كان يمثله تشاوشسكو ونظامه الستاليني. والفيلم الذي فاز بإحدى الجوائز الأساسية في مهرجان «كان» ويستعاد اليوم لجمهور كارلوفي فاري، يتابع حكاية الصبية التي تهاجَم في تحرش جنسي وأبيها الطبيب الضائع بين زوجته وعشيقته، والزوجة التي تراقب بقلق ورعب انهيار حياتها وعائلتها، ومن خلال حكاية هؤلاء يتابع تطورات مجتمعات لم تعد آمنة على رغم كل الآمال التي كانت معلّقة على حرية سُعيَ إليها طويلاً.
