بعد انتكاسة ساهمت مطلع الشهر الماضي في إسقاط مؤشر «داكس» في بورصة فرانكفورت على دفعات من رقمه القياسي 9794 نقطة إلى نحو 9100 نقطة، عاود المؤشر إلى ارتفاعه أخيراً على دفعات صغيرة حتى أغلق نهاية الأسبوع الماضي على 9695 نقطة، بفارق 99 نقطة عن آخر رقم قياسي له. ودفعت الأنباء عن تضعضع أوضاع الدول الناشئة وتراجع النمو في الاقتصاد العالمي، وصولاً إلى أزمة روسيا مع أوكرانيا وفرض الغرب عقوبات اقتصادية ومالية على موسكو بسبب ضم جزيرة القرم، بالمؤشر إلى الهبوط، لكنه ما لبث أن استعاد زخمه تدريجاً مستفيداً من الأنباء الاقتصادية الجيدة من دول منطقة اليورو والولايات المتحدة. وأفاد خبراء شركة «أليانس غلوبل إنفستور» بأنهم يتوقعون مواصلة «داكس» صعوده بعد البيانات الاقتصادية الأخيرة الجيدة، مؤكدين أنه في حال تحطيمه رقم 9800 نقطة، لن يكون هناك عائق كبير أمام وصوله إلى العشرة آلاف نقطة وتخطيها أيضاً. وعلّق الخبير في مصرف «بوست بنك» الألماني، هاينس غيرد زوننشاين، مشيراً إلى أن آفاق أعمال الشركات تسير إلى الأحسن حالياً مضيفاً: «أن أوروبا تخرج شيئاً فشيئاً من أزمتها، وهذا مهم حتى يستمر المؤشر في الارتفاع». ولفت إلى أنه ينتظر أن يحطم «داكس» عتبة العشرة آلاف نقطة، وقال إن الأمر «سيتم على أبعد تقدير في النصف الثاني من هذه السنة». ويعتقد خبراء أن النمو الاقتصادي الذي سجلته ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا أخيراً، وتوقُّع المفوضية الأوروبية حصول نمو إيجابي في منطقة اليورو من واحد في المئة في نهاية السنة بعد نمو سلبي بلغ 0.4 في المئة العام الماضي، سيشجع المستهلك الأوروبي على مزيد من الاستهلاك. ومن العوامل الإيجابية التي سجلها المراقبون أيضاً وساهم في رأيهم في تهدئة الأسواق المالية، إعلان الرئيسة الجديدة لمجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي جانيت يلين أمام لجنة الشؤون المالية في الكونغرس، تمسكها بقرار تأمين السيولة النقدية الشهرية لأسواق المال الأميركية المتبع منذ فترة بعيدة. وطمأنت يلين الأسواق المالية بأنها، بعد التطور الجيد الحاصل في الاقتصاد الأميركي، ستواصل خطوة خطوة خفض السيولة البالغة 55 بليون دولار شهرياً. ولفتت إلى أن رفع معدل الفائدة على الدولار، الذي خفّض عام 2008 بسبب أزمة العقارات السكنية إلى ما بين صفر و0.25 في المئة، لن يحصل إلا بعد تحقيق البلد نمواً كبيراً، من دون أن تنفي إمكان حصول ذلك في فترة قريبة مقبلة. بدوره قرر المصرف المركزي الأوروبي في اجتماعه الأخير مطلع الشهر الجاري، إبقاء الفائدة على اليورو على انخفاضها التاريخي البالغ 0.25 في المئة. ولا يزال المصرف مستعداً أيضاً لشراء سندات الدول المتعثرة حماية لها من المضاربين الدوليين، على رغم تعرّض هذا الموقف إلى انتقادات شديدة باعتباره ينتهك نظام المصرف الذي ينص على أن مهمته الأولى تتمثّل في مكافحة التضخم. وتبحث المحكمة الأوروبية العليا حالياً في دعوى مرفوعة ضد المصرف في هذا الشأن من جانب معارضين ألمان.