وجّه المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم باراك، انتقادات مباشرة للتدخل العسكري الإسرائيلي في الأراضي السورية، معتبراً أنه جاء في "توقيت سيئ للغاية" ويهدد بتقويض فرص الحل السياسي. ودعا باراك، خلال مؤتمر صحافي أمس (الاثنين) في بيروت، الأطراف السورية إلى تغليب منطق الحوار، محذراً من أن البلاد تقف عند "مفترق طرق حاسم"، يتطلب قرارات شجاعة وتخلياً عن لغة السلاح والثأر. وأكد باراك، أن لا بديل عن الحوار بين السوريين أنفسهم، مشدداً على أن العنف لم يعد مجدياً وأن"وقف القتل غير المبرر أصبح ضرورة ملحّة"، بحسب ما نقلته وكالة"أسوشييتد برس". وقال المبعوث الأمريكي:"الحكومة السورية، رغم التحديات، نفذت ما تعهدت به، ولم ترتكب أخطاء جوهرية في هذا المسار". وأضاف: "لقد بذلت جهوداً واضحة في التعامل مع أزمة السويداء، ويجب أن يُؤخذ في الاعتبار أنها حكومة ناشئة، تحاول استعادة السيطرة على مؤسساتها وحدودها". وفي تعليقه على الوضع في السويداء، شدد باراك على أن الولاياتالمتحدة"تتابع التطورات بقدر من القلق والألم والتعاطف والمساعدة"، مشيراً إلى أن بلاده لا تنظر إلى المسألة فقط من زاوية أمنية، بل تتعامل معها إنسانياً وسياسياً في آنٍ واحد. وفي نبرة تحذيرية، دعا باراك الأطراف المتصارعة في سوريا إلى وضع السلاح فوراً، ووقف الأعمال العدائية التي تغذيها دوافع الثأر القبلي والانقسامات الطائفية، قائلاً: "سوريا تقف اليوم عند مفترق طرق حاسم، والخيار الوحيد المتاح هو الانخراط في حوار وطني شامل". وتابع قائلاً: "يجب أن ينتصر منطق السلام والتفاوض. إن التاريخ لن يرحم من يضيّع هذه اللحظة التي قد تكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ سوريا من الانهيار الكامل". من جهته، أكد قائد الأمن الداخلي في السويداء العميد أحمد الدالاتي، فرض طوق أمني في محيط السويداء لتأمينها وإيقاف الأعمال القتالية فيها، مشيرا إلى البدء في إخراج عائلات عشائر البدو بصورة مؤقتة لتثبيت التهدئة. وبدأت حافلات تابعة للحكومة السورية إجلاء نحو 1500 شخص من المحتجزين في السويداء، تنفيذا لاتفاق وقف النار وإنهاء التصعيد. أما بشأن الملف اللبناني، فقد أوضح باراك أن واشنطن تبذل جهوداً لمعالجة أسباب فشل اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الولاياتالمتحدة "لا تستطيع إرغام إسرائيل على أي إجراء حالياً"، لكنها تعمل مع الشركاء المحليين والدوليين؛ لضمان الاستقرار في الجنوب اللبناني. وأضاف:" لبنان جزء أساسي من معادلة الاستقرار الإقليمي، ونحن ملتزمون بمساعدة اللبنانيين على استعادة سلمهم الأهلي، لكن في النهاية، الحل يجب أن يأتي من داخل المؤسسات اللبنانية نفسها". وفي موقف حاسم، جدد المبعوث الأمريكي التأكيد على موقف بلاده من"حزب الله"، واصفاً إياه ب"المنظمة الإرهابية"، مؤكداً أن الولاياتالمتحدة"لن تتحاور معه تحت أي ظرف". واختتم باراك تصريحاته بالتشديد على أن الطريق إلى السلام في المنطقة يتطلب شجاعة سياسية، ووقف التدخلات الخارجية، والانفتاح على حوار جاد بين الأطراف المعنية كافة، قائلاً:"لا أحد يربح في الحروب الطويلة، وحده السلام يضمن المستقبل".