هافانا - رويترز – اتخذت حكومتا الولاياتالمتحدةوكوبا أولى الخطوات المترددة نحو إنهاء 50 سنة من العداء، لكن تحسن العلاقات بات على أعلى مستوى في مجال الفنون. وبعد غياب، الى حد كبير في السنوات الأخيرة، بدأ أصحاب المعارض الفنية ومديرو المتاحف ومنظمو المعارض وهواة اقتناء الأعمال الفنية في العودة الى الجزيرة لمشاهدة أعمال الفنانين الكوبيين وشرائها. وحضر الآلاف للمشاركة في «مهرجان هافانا للفنون» الذي يقام كل سنتين وكان محطة معتادة لمشتري الأعمال الفنية قبل أن تفرض إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش قيوداً على السفر في وقت سابق من العقد الحالي. ويعكس وجود الحضور السياسة الأميركية الأكثر تساهلا تجاه كوبا في عهد الرئيس باراك اوباما وتعطش الولاياتالمتحدة للفن الكوبي. وكان اوباما عرض «إعادة صوغ» علاقة واشنطن مع عدوتها في حقبة الحرب الباردة الشهر الماضي ومنح الأميركيين من أصول كوبية حق السفر وإرسال التحويلات المالية بحرية الى كوبا. كل هذا شنف آذان الفنانين الكوبيين الذين سعدوا لرؤية الأجانب الأثرياء مجدداً في بلادهم. وقال رئيس صندوق الفنان الكوبي بين رودريغيز كوبيناس: « كانت كوبا الفاكهة المحرمة على الأميركيين، ما منعهم من الاطلاع على فنوننا والحداثة التي طالتها، كانت كوبا موجودة فقط في الأخبار». والأعمال الفنية معفاة من الحصار التجاري الذي تفرضه الولاياتالمتحدة على كوبا منذ 47 سنة لكن المبيعات انخفضت حين شدد بوش القيود على السفر من الولاياتالمتحدة الى الجزيرة الشيوعية، وحد من التبادل الثقافي عام 2004. وساعد المشترون من دول أخرى على استمرار الأسعار على ارتفاعها. ويقول فنانون إن المستثمرين الذين يتطلعون الى اللوحات والرسوم والصور لتقدير قيمتها سيلقون ترحيباً بهم للغاية لكن سيكون عليهم أن يدفعوا مبالغ باهظة ايضاً. وترى باميلا رويز، وهي منظمة معارض أميركية تتخذ من هافانا مقرا لها، أن الوجود الأميركي القوي في المهرجان يعني أن الطلب الأميركي على الفن الكوبي في تزايد. وتضيف: « أعتقد أن هناك ألف أميركي على الأقل يتجولون وأن 95 في المئة منهم جاؤوا الى هنا إما لأنهم يريدون شراء أعمال او لأنهم منسقو معارض او يعملون لحساب منظمات غير حكومية». وفي السنوات القليلة الماضية لم تستطع الا حفنة من جامعي الأعمال الفنية الحضور بطريقة مشروعة عبر الحصول على تصاريح من الحكومة الاميركية. وانتهك آخرون القانون الأميركي بسفرهم من خلال دولة ثالثة مجازفين بفرض عقوبات بآلاف الدولارات عليهم. ويقول المخالفون: في عهد اوباما باتت عملية الحصول على تصريح اقل صعوبة، كما قلّت المخاوف من القيام بالرحلة الى كوبا بطريقة غير مشروعة لأنهم يعتبرون أن احتمال تعرضهم للمحاكمة اقل. وستتغير الامور تغيراً حاداً اذا أقر الكونغرس الأميركي مشاريع قوانين يرفع بموجبها الحظر على سفر جميع الاميركيين الى كوبا وهي الخطوة التي أفادت إدارة اوباما بأنها لن تعارضها. وازدهر الاهتمام الأميركي بالفن الكوبي في تسعينات القرن العشرين حين اهتز النظام الاشتراكي للجزيرة بسبب انهيار الاتحاد السوفياتي الراعي الاكبر لكوبا لثلاثة عقود وبدأ الفنانون يعكسون معاناة مجتمع مترنح في أعمالهم. ويقول الفنان الكوبي كارلوس جارايكوا إن جامعي الاعمال الفنية الأميركيين الذين استشعروا ما اعتبروه فرصة جيدة للشراء انقضوا على الاعمال الكوبية. ويضيف: « كانت تلك أوقاتاً غريبة وجنونية الى حد بعيد... الناس كانوا في انتظار انتهاء الثورة الكوبية في اي لحظة وبالتالي كانوا يشترون الاعمال الفنية اعتقاداً منهم أن الأسعار سترتفع ارتفاعاً كبيراً». وبلغ الاهتمام اوجه في مهرجان عام 2000 حيث يعتقد أن المشترين الأميركيين انفقوا اكثر من مليون دولار على شراء الاعمال الفنية الكوبية. وانتهى كل هذا فجأة حين جاء بوش الى الحكم وقطعت إدارته العلاقات الثقافية الوليدة مع الجزيرة الواقعة على بعد 145 كيلومتراً فقط من فلوريدا. وقبل التغييرات التي أجراها بوش كان الاميركيون يمثلون نحو 60 في المئة من مشتري الفن الكوبي لكن تقديرات مختلفة تشير الى أن هذه النسبة انخفضت الى 40 في المئة في ما بعد. ويقول جامعو أعمال فنية أن على كل من يأتي الى هافانا أن يتوقع سداد ما بين 750 دولاراً وخمسة آلاف دولار مقابل الصورة وما بين 1500 دولار و45 الف دولار للرسم وما بين 2500 و30 الف دولار للوحة.