تلاحق داليا في القصة المصوّرة «من هو شوبان؟» التي عرضت في دار الأوبرا السورية أمس، نوتة ألفا مينور التي أضاعها الموسيقي البولندي الفرنسي (1810 – 1849)، بعدما طارت من منزله واستقرت فوق غيمة لتسقط في بحيرة دمشقية! تبحث داليا في الكتاب الذي أعدّته الأختان سؤدود ونادين كعدان لمناسبة احتفال دمشق بمئتي عام على ولادة فريديريك شوبان، عن معنى النوتة الموسيقية. الى جانب قصة داليا استقبلت الدار معرضاً حول حياة شوبان وإنجازات شوبان، وفيه نسخ لرسوم كاريكاتورية فُقد بعضها في الحرب العالمية الثانية، كان شوبان رسمها بقلم الرصاص وجسّد فيها رجالاً وعازفين، إضافة الى صور للوحات تجسد والده وأمه وأخواته البنات الثلاث، وصورة للوحة خشبية لماريا فوجينسكا محبوبة شوبان، وطرد صغير للرسائل منها (1854 – 1838) تحت عنوان (قلق – حزن)، ورسم آخر لوجه الكاتبة الفرنسية جورج صاند صديقته وشريكته. كما ضمّ المعرض أيضاً نماذج مصورة من مؤلفاته ومقطوعاته الموسيقية مثل «مازورك»، و «بالاد جي مول»، و «شيرز فول أولبي»، إضافة إلى صورة لمعلم شوبان الأول التشيكي فوتشيخ جيفين، ومعلمه النظري والعلمي الملحن جوزيف إلزنز، وصورة لبيانو شوبان المفضل من صنع شركة «بلاييل» الفرنسية المشهورة. الاحتفالية التي نظّمتها شركة «تكوين» أُجّلت الى أول من أمس، حداداً على وفاة الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي ومن معه بحادث تحطم طائرته في مطار سمولينسك الروسي، ضمّت اضافة الى المعرض حفلة موسيقية بقيادة المايسترو فويتشخ تشيبيل ومشاركة البولوني يجيه سترنياك على آلة البيانو، أحيتها الفرقة الوطنية السيمفونية السورية. تضمنت الحفلة مقطوعات ألفها شوبان لآلة البيانو، أعاد توزيعها لاحقاً موسيقيون روس وبولنديون لتتناسب مع الأوركسترا، وهي «بولونيز أ – ماجور»، و «مازوكا س – ماجور»، و «مازوكا د – ماجور»، و «كونشرتو البيانو الأول». أما معزوفته «غراند بولونيز إي – فلات ماجور، أندتي سبيلناتو» فهي الوحيدة من توزيعه الشخصي في البرنامج، ويمكن عزفها صولو على آلة البيانو أو في أوركسترا. بعد الحفلة التقت «الحياة» سفير بولونيا في سورية ميشيل موركوتشينسكي الذي أوضح أنه على رغم مساحة الاحتفال الواسعة النطاق عالمياً إلا أن «العدد الأكبر من عازفي موسيقى شوبان متمركزون في الصين واليابان والدول الآسيوية». احتفالية شوبان التي رعتها «يونيسكو» في دورتها الخامسة والثلاثين تأثرت بحادث تحطم الطائرة، لكنها لم تتضاءل كما يطلعنا موركوتشينسكي «على اعتبار أن شوبان مواطناً قومياً ووطنياً، تعزز بولونيا الاحتفال به حتى يتضامن البولونيون في اللحظة الصعبة». وكتب شوبان «المؤلف الموسيقي لليد اليمنى» كما وصفه الموسيقي فاغنر، جل موسيقاه ذات العلامات الزرقاء في فرنسا، وأفرد للبيانو وقتاً كبيراً مبتعداً عن التأليف للأوركسترا. ويرى مدير الفرقة السيمفونية السورية وعازف التشيللو الأول فيها أثيل حمدان أن تفوق شوبان بموسيقى البيانو على حساب الأوركسترا، لم يمنع من إعادة توزيع مؤلفاته هذه، في النصف الأول من القرن العشرين من قبل موسيقيين آخرين مثل البولوني كارول شيمانوفسكي، والروسي كازانوف. ويقول حمدان: «في المقطوعات الأوركسترالية مساحة صوتية موزعة لكل آلة، ويجب على المؤلف معرفة المسار الموسيقي وظروفه بدقة». ويعتقد حمدان أن تجربة فرقته مع قائدي أوركسترا مختلفين، كل له خبرته ومدرسته يوصل الأداء العام إلى صيغة مناسبة لجميع القائمين على الأوركسترا، مكملاً: «هناك أعمال لشوبان جديدة علينا فقط، ولا نستطيع القول إنها صعبة». ورأى عازف البيانو السوري غزوان زركلي كمستمع في هذه الأمسية، أن أداء المايسترو تشيبيل حرّك الفرقة السورية بحيوية عالية، وانتزعها من الرتابة. وأضاف: «يفتقد العازفون المرونة في الكثير من الأوقات، ومع كونهم شباباً في جلهم، لا تعبر الفرقة السيمفونية عن عمر عازفيها»، مشيراً الى وجوب تحضير الفرقة في شكل مكثّف لتتآلف الآلات مع بعضها، لأنه من الصعب عزف مقطوعات شوبان في أوركسترا كبيرة». لا تعزف موسيقى شوبان كثيراً في سورية، لذا لم يتم تحضير برنامج سوري خاص للاحتفالية، وهنا يشرح زركلي: «تؤدى مقطوعات البيانو الموسيقية الكلاسيكية غالباً من عازفي البيانو السوريين، ويغيب شوبان لتطلّب مهارة عالية في عزف مؤلفاته». ويعتبر زركلي أن مستوى تدريس آلة البيانو في المعهد العالي للموسيقى في سورية يشكل عائقاً أيضاً لتطور مهارات العازفين.