أمير نجران يستعرض تقرير "التجارة"    أمير المدينة يتفقد محافظة المهد    ارتفاع أسواق الأسهم الخليجية بفضل رهانات خفض أسعار الفائدة    الأمن العام يستعرض لزوّار جناح وزارة الداخلية بمؤتمر ومعرض الحج طائرة دون طيار لرصد المخالفين لأنظمة الحج    ارتفاع إنتاج أوبك من النفط 30 ألف برميل يوميًا إلى 28.43 مليون برميل    الأقل جاذبية يتمتعون بشهرة أعلى    من أجل السلام    الرئيس الأميركي يتعهد بمساندة سورية بعد لقائه الشرع    وزير الدفاع يستعرض الشراكة السعودية - الأميركية مع وزيري الخارجية والحرب    منطقة الحدود الشمالية الأقل في حالات النزيف والتمزق    "مدني الرياض" يكثّف "السلامة" في المباني العالية    المملكة تدعم جهود إرساء السلام في العالم    معايير تحديد سرقة رسومات الكاريكاتير    «أحمر الشرقية».. برامج تأهيلية ودورات تخصصية    علاج جيني واحد يخفض الكوليسترول    أقراص تطيل العمر 150 عاما    اضطراب الأمعاء مؤشر خطير    تحسين متوسط العمر في ضوء رؤية 2030    الأخضر السعودي يواصل استعداده للقاء ساحل العاج ودياً في جدة    أزمة قانونية تلاحق ChatGPT    3 آلاف وظيفة يولدها القطاع الصحي الخاص بالأحساء    حالة من الاستياء في سانتوس البرازيلي بسبب تصرفات نيمار    فهد المسعود ينضم إلى لجنة كرة القدم بنادي الاتفاق    أرقام الجولة الثامنة.. 20 هدف ونجومية سيلا سو ومشعل المطيري    الفتح يعود للتدريبات بعد الإجازة استعداداً لاستئناف دوري روشن    248 ألف سعودي يعملون بالأنشطة السياحية    بيع 41 طنا من التمور يوميا    مناورة تجهز الصقور لأولى الوديات    الأخضر الصغير يخسر أمام مالي    الفيلم السعودي.. قوتنا الناعمة الجديدة    دارة الملك عبدالعزيز تطلق ملتقى «تاريخ الحج والحرمين الشريفين»    أوكرانيا تنسحب من عدة قرى جنوبي البلاد    اتفاق حماس وإسرائيل بين الشك والتقسيم    "الشؤون الإسلامية" تعلن أوقات إقامة صلاة الاستسقاء بمدن المملكة يوم الخميس المقبل    أمير تبوك يطّلع على التقرير السنوي لأعمال فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    وزير الحج والعمرة يلتقي بأكثر من 100 وزير ومفتي ورئيس مكتب شؤون الحج ويحثهم على استكمال إجراءات التعاقد قبل 15 رجب    القيادة تعزي رئيسة جمهورية سورينام في وفاة الرئيس الأسبق رونالد فينيتيان    منصة إحسان تدعم جمعية الإعاقة السمعية بجازان بمشروع توفير الأدوية للمرضى المتعففين    مجلس الوزراء: الموافقة على نظام حماية المؤشرات الجغرافية    أمير الشرقية يكرم مدارس المنطقة بدرع التميز والاعتماد المدرسي    الفقد والادعاء.. حين يساء فهم معنى القوة    لماذا دخل الشرع البيت الأبيض من الباب الجانبي؟لأنها زيارة خاصة لا رسمية    ملتقى التفاهم المتبادل بين الثقافات.. الأحد المقبل.. السعودية رائد عالمي في نشر قيمة التسامح    وعكة صحية تدخل محمد صبحي المستشفى    1.7 مليون دولار تعويضاً على تنمر النظارات    قصف إسرائيلي شرق خان يونس    يتباهون بما لا يملكون    تقديراً لجهودها في إبراز خدمات المملكة لضيوف الرحمن.. نائب أمير مكة يكرم وزارة الإعلام بمؤتمر الحج    وقع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون مع مصر.. الجاسر: الشراكات الإستراتيجية تبني منظومة نقل عربية متكاملة    أكد أن المنظومة تشهد تحولاً نوعياً.. وزير البلديات: تشغيل ذكي وإدارة رقمية لخدمة ضيوف الرحمن    الديوان الملكي: وفاة وفاء بنت بندر    تحت رعاية ولي العهد.. تنظيم المؤتمر العدلي الدولي الثاني بالرياض    ممرض ألماني يخدر المرضى ليهنأ بليلة هادئة    خديعة القيمة المعنوية    القصيم: فرع الشؤون الإسلامية يُتعامل مع 1169 بلاغًا خلال الربع الثالث    رجال أمن الحرمين قصص نجاح تروى للتاريخ    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. منح رئيس «الأركان» الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. رئيس هيئة الأركان العامة يُقلِّد رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفخر الفطري ب«التفاهة»
نشر في الحياة يوم 21 - 04 - 2010

كان للتاريخ الذي عاشته أوروبا خلال القرون الستة الماضية أثر كبير على البشرية. بل إن الحضارة ذاتها هي المعنى الثقافي أوروبية النشأة والتكوين. استبقت أوروبا المجتمعات الأخرى بارتكاب حماقات ضرورية كالحربين العالميتين، هذا فضلاً عن الحروب الأهلية الشرسة التي حوّلت الشوارع إلى أنهار تجري من تحتها الدماء. لكن كل تلك الكوارث البشرية ساهمت في إنتاج حضارة بدأت بسؤال المعرفة في القرن ال16، ونضجت بأسئلة الوجود في القرن ال19 والقرن ال20. الكثير من الزوّار لتلك القارة العجيبة لا يستطيعون استيعاب المعنى الفلسفي للحضارة الأوروبية، بعيداً عن المعنى التقني والتكنولوجي. الحضارة الأوروبية أكبر بكثير من الاقتصاد والصناعة، إنها حضارة بالمعنى الإنساني للكلمة.
ساهمت الفلسفة في بلورة الحداثة، بل كانت هي الدم الذي يضخّ في شرايين أوروبا على مدى قرون. يرى هيغل أنه «يستحيل التوصل إلى المفهوم الذي تدرك به الفلسفة ذاتها، خارج مفهوم الحداثة»، بمعنى أن الحداثة بموضوعاتها لم تكن مجرد نقْلة ضيقة للحياة، فالحداثة لم تكن نقلة تقنية، بل غدت «التقنية» –ذاتها- موضوعاً فلسفياً. كل نظرية فلسفية أنتجت دينامية مختلفة للحياة، في بريطانيا وحدها أنتجت فلسفات سياسية متناقضة، لكنها أثرت بالاشتراك على المجتمع المدني وعلى الاستراتيجية السياسية، كما هو التناقض في مفهوم العقد الاجتماعي، بين فهم روسو له والذي يعرفه بأن «العقد الاجتماعي هو تجسيد لحرية جماعية تعبر عن مصالح مجموع أفراد المجتمع». بينما رأى توماس هوبز أن «العقد الاجتماعي هو تنازل عن الحرية الفردية لصالح حكم مطلق». لم يكن التناقض النظري بين الفلسفات عائقاً أمام تكامل طرحته وتطرحه، أثمر على إثره الواقع تسامحاً خضراً نضراً.
تنطلق تلك الجموع سائحة في العالم متترسةً برثاثة الشكل والفكر، وفي أعمق أعماقه يغتبط بمركزية وهمية تجاه ذاته وثقافته وشكله القبيح، يشمخ بأرنبة أنفه وهو على الرصيف المغسول يتنقّل كالغراب اللديغ لسوء مشيته، يستمتع ويتلذذ بحمولة القحط الثقافي الذي رضعه من مدارس لا تخرج إلا الجهلة، وتدرّس بكل احتراف فنون الغباء؛ تدرسه بوصفه مقرراً شعبياً، تجعله يتخبّط في جهله بنشوة الراقص، من بابٍ إلى باب. يظنّ أنه فعل فعلته التي فعل وإنه إن شاء الله لمن المتحضرين. إنهم بهمجيتهم الفطرية، وبتبذلهم يرتابون من الآخر المتحضّر الذي نضجت حضارته عبر فلسفات وثورات. لا يمكنهم استيعاب المعنى الفلسفي للحضارة الغربية بكل اتجاهاتها المتناقضة، على الرغم من عيشهم في عواصمهم لعقود، يسيرون وهم في غاية النشوة والفرح والسرور بجهلهم المخيف المتجلي بأسمال بالية يرتدونها كالبهاليل. المجال العلماني نجح في منع تحويل الواقع إلى مجال للاستقواء العقدي ضد الآخرين، غير أن الفضاء الديمقراطي كانت ثغرته في الحرية الكبيرة لأتباع الديانات المتعددة للتعبير عن هوياتهم. برز الاستقواء بالهوية كبديل للاستقواء العقائدي والديني. تحولت المعتقدات الدينية إلى هويات. المفارقة بين الهوية والعقيدة، أن الهوية مجال استعراض مدني اعتباطي يتجه نحو الأرض، بينما العقيدة تتوجه نحو السماء. ما أجمل عبارة «مارسيل غوشيه» حينما كتب أن هذا العصر هو: «عصر هويّات». استخدمت الأقليات الشرقية في أوروبا بمختلف انتماءاتها الدينية الفضاء الديمقراطي كوعاء للاستعراض برموز الهوية، للتعبير عن الوجود من جهة.
ولتكريس الممانعة ضد الانصهار في البلد الحاضن، لكأنهم يريدون تحويل أزيائهم إلى أوطان بديلة. إنها مفارقة بشعة أن تعيش في بلد لا تمنحه ولاءك المدني والإنساني. من الضروري إعادة النقاش الفلسفي حول مجال حركة الهوية داخل الفضاء الديمقراطي.
من الضروري تلقيح الفضاء الديمقراطي القديم بتحديثات نظرية تسد ثغرات استغلاله، لئلا يصبح الواقع والشارع والحديقة مسرحاً للحروب الرمزية بين أتباع الديانات المختلفة، في زمن «صعود الهويات».
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.